قصة قوم النبي هود

دوره مقدماتی php
قصة قوم النبي هود
قصة قوم النبي هود

Завантаження…

Завантаження…

دوره مقدماتی php

Завантаження…

Виконується…

Завантаження…

قصة قوم النبي هود

Виконується…

Завантаження…

Завантаження…

Виконується…

Завантаження…

Завантаження…

بعد الطوفان الذي حدث لقوم نوح عليه السلام لم يبقى على الأرض سوى المؤمنون الذين نجاهم الله في السفينة مع سيدنا نوح كما ذكرناها من قبل في مقاله عن قصة سيدنا نوح عليه السلام. وبعد رحيل نوح عليه السلام ،نشأت أقوام متعددة وكانوا يقوموا بعبادة الأوثان، ومن أشهر الأقوام التي قامت بعبادة الأوثان هم قوم عاد. وفيم يلي سوف نقوم بعرض القصة الكاملة لقصة سيدنا هود مع قوم عاد ،،،، من هم قوم عاد:- يعيشون عيشة طيبة في مكان بالجزيرة العربية يسمى ب الأحقاف، منهحم الله تعالى نعماً كثيرة لاتعد ولاتحصى، منها نعمة الأرض التي يعيشوا عليها، فقد كانت أراضيهم تنبت لهم المحاصيل الوفيرة ، وأيضاً نعمة الصحة والقوة فقد كانت أجسامهم طويلة وضخمة، فقد أنعم الله عليهم بالنعم التي لم يحصل عليها أحد من الأمم السابقة. وكان رد فعلهم على هذه النعم هي الجحود والنكران لها، فقد كانوا لايعبدون الله عز وجل، فقد قاموا بعبادة الأصنام كما فعل قوم نوح من قبل. ولم يكتفوا بهذا بل قامو بإفساد الأرض وأنتشرت بينهم العداوة والبغضاء. ولكن حكمة الله كبيرة فالبرغم من كل ذلك أرسل الله عليهم النبي هود حتى يقوم بهدايتهم وإخراجهم من الظلمات إلى النور . هود عليه السلام :- كان هود عليه السلام رجلاً فاضلاً في قومه، كان أرجح قومه عقلاً. أمر الله هود عليه السلام أن يذهب برسالته إلى قوم عاد، فأطاع هود ربه، وذهب إليهم وقال لهم انه نبي من الله وقد جاء لهدايتهم. وقال لهم أن هناك إلهاً واحداً للكون وليس هناك غيره وهو الذي يجب أن تعبدوه وتتجهوا إليه بالدعاء طالبين منه الهداية، فالأصنام التي تعبدوها لايمكن أن تنفع أو تضر. فمن آمن وعمل صالحاً كافأه الله بالجنة ومن كفر به فعقابة جهنم وبأس المصير، وقد حذرهم من إغلاق آذانهم عن الحق والأستماع إلى مايقوله حتى لايصيبهم مثل ما أصاب قوم نوح عليه السلام. رد فعل قوم عاد على هود عليه السلام ونصائحه لهم :- أتهموه بالجنون متعجبين بكيف يمكن ترك الأصنام وعبادة من يتحدث عنه، وقالو له أنه طائش وسفيه وانه ليس نبياً لكنه كذاب. هل يأس هود عليه السلام من ردود أفعال قوم عاد؟:- لم ييأس هود عليه السلام من ردود أفعالهم بل بالعكس فقد قال لهم أن الله أختصه ليحمل رسالته ويبلغها لهم، وقال انه سوف يدعوهم مراراً وتكراراً ولن ييأس، وطلب منهم التفكير بعقولهم وسألهم من الذي رفع السماء بغير أعمدة، التفكير في الشمس والقمر من قام بخلقها، من قام بخلق الحيوانات، وظل مردداً : أعبدوا الله الواحد الأحد وأستغفروه وأعلموا أنكم سوف تبعثون بعد موتكم وتحاسبون فمن عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فهو من الخاسرين. موقف قوم عاد بعد تمسك هود عليه السلام بنصيحتهم:- قالوا له أن احد آلهتنا قد مستك بسوء فأصبح عقلك مختلاً، وقالوا من هو الله الذي سوف يمدنا بالمال ويزيد في قوتنا، وأضافوا مستنكرين عن معنى الأشياء الغريبة التي يتحدث عنها ومامعنى الحساب ومامعنى الجنة والنار، وكيف سوف تتحول أجسادنا إلى تراب.؟؟!!! وعلى الرغم من كل ذلك ومن كل المحاولات التي قام بها هود عليه السلام، لم يؤمن به إلا عدد قليل من قومه. يأس هود عليه السلام :- بعد أن قام هود عليه السلام بنصيحتهم مراراً وتكراراً أشهدهم على انه برئ من كفرهم وانه برئ من تلك الأصنام وهددهم وتوعدهم بالعذاب وردوا عليه ساخرين ماهذا العذاب الذي سوف يلحق بنا إذا لم نستجب لدعوتك ؟؟ فقال لهم هود عليه السلام ان الهلاك والعذاب واقع لامحاله. وتوجه هود عليه السلام داعياً ربه ان ينصره على هؤلاء القوم الظالمين. انضم لاكبر صفحة فيس بوك ثقافيةhttps://www.facebook.com/M3loma2018اشترك فى قناة معلومة من هناhttps://goo.gl/Nj8zte#معلومة

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Виконується…

Завантаження списків відтворення…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Виконується…

Завантаження…

قصة قوم النبي هود

Виконується…

Завантаження…

Завантаження…

Виконується…

Завантаження…

Завантаження…

بعد الطوفان الذي حدث لقوم نوح عليه السلام لم يبقى على الأرض سوى المؤمنون الذين نجاهم الله في السفينة مع سيدنا نوح كما ذكرناها من قبل في مقاله عن قصة سيدنا نوح عليه السلام. وبعد رحيل نوح عليه السلام ،نشأت أقوام متعددة وكانوا يقوموا بعبادة الأوثان، ومن أشهر الأقوام التي قامت بعبادة الأوثان هم قوم عاد. وفيم يلي سوف نقوم بعرض القصة الكاملة لقصة سيدنا هود مع قوم عاد ،،،، من هم قوم عاد:- يعيشون عيشة طيبة في مكان بالجزيرة العربية يسمى ب الأحقاف، منهحم الله تعالى نعماً كثيرة لاتعد ولاتحصى، منها نعمة الأرض التي يعيشوا عليها، فقد كانت أراضيهم تنبت لهم المحاصيل الوفيرة ، وأيضاً نعمة الصحة والقوة فقد كانت أجسامهم طويلة وضخمة، فقد أنعم الله عليهم بالنعم التي لم يحصل عليها أحد من الأمم السابقة. وكان رد فعلهم على هذه النعم هي الجحود والنكران لها، فقد كانوا لايعبدون الله عز وجل، فقد قاموا بعبادة الأصنام كما فعل قوم نوح من قبل. ولم يكتفوا بهذا بل قامو بإفساد الأرض وأنتشرت بينهم العداوة والبغضاء. ولكن حكمة الله كبيرة فالبرغم من كل ذلك أرسل الله عليهم النبي هود حتى يقوم بهدايتهم وإخراجهم من الظلمات إلى النور . هود عليه السلام :- كان هود عليه السلام رجلاً فاضلاً في قومه، كان أرجح قومه عقلاً. أمر الله هود عليه السلام أن يذهب برسالته إلى قوم عاد، فأطاع هود ربه، وذهب إليهم وقال لهم انه نبي من الله وقد جاء لهدايتهم. وقال لهم أن هناك إلهاً واحداً للكون وليس هناك غيره وهو الذي يجب أن تعبدوه وتتجهوا إليه بالدعاء طالبين منه الهداية، فالأصنام التي تعبدوها لايمكن أن تنفع أو تضر. فمن آمن وعمل صالحاً كافأه الله بالجنة ومن كفر به فعقابة جهنم وبأس المصير، وقد حذرهم من إغلاق آذانهم عن الحق والأستماع إلى مايقوله حتى لايصيبهم مثل ما أصاب قوم نوح عليه السلام. رد فعل قوم عاد على هود عليه السلام ونصائحه لهم :- أتهموه بالجنون متعجبين بكيف يمكن ترك الأصنام وعبادة من يتحدث عنه، وقالو له أنه طائش وسفيه وانه ليس نبياً لكنه كذاب. هل يأس هود عليه السلام من ردود أفعال قوم عاد؟:- لم ييأس هود عليه السلام من ردود أفعالهم بل بالعكس فقد قال لهم أن الله أختصه ليحمل رسالته ويبلغها لهم، وقال انه سوف يدعوهم مراراً وتكراراً ولن ييأس، وطلب منهم التفكير بعقولهم وسألهم من الذي رفع السماء بغير أعمدة، التفكير في الشمس والقمر من قام بخلقها، من قام بخلق الحيوانات، وظل مردداً : أعبدوا الله الواحد الأحد وأستغفروه وأعلموا أنكم سوف تبعثون بعد موتكم وتحاسبون فمن عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فهو من الخاسرين. موقف قوم عاد بعد تمسك هود عليه السلام بنصيحتهم:- قالوا له أن احد آلهتنا قد مستك بسوء فأصبح عقلك مختلاً، وقالوا من هو الله الذي سوف يمدنا بالمال ويزيد في قوتنا، وأضافوا مستنكرين عن معنى الأشياء الغريبة التي يتحدث عنها ومامعنى الحساب ومامعنى الجنة والنار، وكيف سوف تتحول أجسادنا إلى تراب.؟؟!!! وعلى الرغم من كل ذلك ومن كل المحاولات التي قام بها هود عليه السلام، لم يؤمن به إلا عدد قليل من قومه. يأس هود عليه السلام :- بعد أن قام هود عليه السلام بنصيحتهم مراراً وتكراراً أشهدهم على انه برئ من كفرهم وانه برئ من تلك الأصنام وهددهم وتوعدهم بالعذاب وردوا عليه ساخرين ماهذا العذاب الذي سوف يلحق بنا إذا لم نستجب لدعوتك ؟؟ فقال لهم هود عليه السلام ان الهلاك والعذاب واقع لامحاله. وتوجه هود عليه السلام داعياً ربه ان ينصره على هؤلاء القوم الظالمين. انضم لاكبر صفحة فيس بوك ثقافيةhttps://www.facebook.com/M3loma2018اشترك فى قناة معلومة من هناhttps://goo.gl/Nj8zte#معلومة

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Виконується…

Завантаження списків відтворення…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Виконується…

Завантаження…

قصة قوم النبي هود

Виконується…

Завантаження…

Завантаження…

Виконується…

Завантаження…

Завантаження…

اشترك اخى فى قناتى حتى يصلك كل جديد—قصص | قصة | نبي الله هود عليه السلام | شرح مفصل جديد و سرد رائع 2017قوم هود هم قوم عاد، وعاد هو اسم الأب الأكبر لهذه القبيلة، والراجح عند عدد كبير من المؤرخين والمختصين أن هذا الاسم هو اسم عربي، وقد اختلف المختصون في نسب نبي الله تعالى هوداً – عليه الصلاة والسلام -، فالبعض قال أن هوداً يكون ابن عم أبي عاد، وهناك من قال أن هوداً هو ابن شالح بن أرفخشذ بن سام بن نوح – عليه السلام -، وهناك قول ينسب هوداً إلى أرم بن سام بن نوح وهناك من ينسب هوداً إلى عبدالله بن رباح بن الخلود بن عاد بن عوص بن أرم بن سام بن نوح. مكان تواجدهم أما مكان تواجدهم، فقد أورد المختصون أنهم كانوا من سكان الأحقاف، والأحقاف هي التي تقع إلى الجنوب من صحراء الربع الخالي وحضر موت، وإلى الغرب من سلطنة عُمان، ومن هنا فإن موقع هذه البلاد في يومنا هذا ليس فيه أنيس ولا أثر، إذ إن الكثبان الرملية العالية هي التي تغطي تلك المنطقة، ويعتقد بعض المختصين أن التنقيب الأثري الجاد في تلك المنطقة قد يظهر آثارهم البائدة، إذ إنها قد تكون مدفونة تحت تلك الرمال والكثبان الرملية. وقد استطاع بعض أهل حضر موت أن ينقبوا تنقيباً بسيطاً ووجدوا الآنية المصنوعة من المرمر، والتي عليها كتابة بالخط السومري، إلا أن البدو السكان الأصليين لتلك المنطقة أبوا ورفضوا أن تستمر تلك التنقيبات طمعاً في الأموال. ترتيب عاد بين الأقوام بقي أن نذكر ترتيب عاد بين الأقوام، فالراجح أنهم كانوا بعد قوم نوح – عليه السلام -، وقبل ثمود قوم صالح – عليه السلام -، وأن إبراهيم الخليل وقصته قد ولت فترة صالح – عليه السلام -. يذكر أن قصة هود – عليه السلام – مع قومه قد وردت في كتاب الله 7 مرات، في 3 سور وهي الأعراف والشعراء وهود.

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Виконується…

Завантаження списків відтворення…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Виконується…

Завантаження…

قصة قوم النبي هود

Виконується…

Завантаження…

Завантаження…

Виконується…

Завантаження…

Завантаження…

اشترك اخى فى قناتى حتى يصلك كل جديد—قصص | قصة | نبي الله هود عليه السلام | شرح مفصل جديد و سرد رائع 2017قوم هود هم قوم عاد، وعاد هو اسم الأب الأكبر لهذه القبيلة، والراجح عند عدد كبير من المؤرخين والمختصين أن هذا الاسم هو اسم عربي، وقد اختلف المختصون في نسب نبي الله تعالى هوداً – عليه الصلاة والسلام -، فالبعض قال أن هوداً يكون ابن عم أبي عاد، وهناك من قال أن هوداً هو ابن شالح بن أرفخشذ بن سام بن نوح – عليه السلام -، وهناك قول ينسب هوداً إلى أرم بن سام بن نوح وهناك من ينسب هوداً إلى عبدالله بن رباح بن الخلود بن عاد بن عوص بن أرم بن سام بن نوح. مكان تواجدهم أما مكان تواجدهم، فقد أورد المختصون أنهم كانوا من سكان الأحقاف، والأحقاف هي التي تقع إلى الجنوب من صحراء الربع الخالي وحضر موت، وإلى الغرب من سلطنة عُمان، ومن هنا فإن موقع هذه البلاد في يومنا هذا ليس فيه أنيس ولا أثر، إذ إن الكثبان الرملية العالية هي التي تغطي تلك المنطقة، ويعتقد بعض المختصين أن التنقيب الأثري الجاد في تلك المنطقة قد يظهر آثارهم البائدة، إذ إنها قد تكون مدفونة تحت تلك الرمال والكثبان الرملية. وقد استطاع بعض أهل حضر موت أن ينقبوا تنقيباً بسيطاً ووجدوا الآنية المصنوعة من المرمر، والتي عليها كتابة بالخط السومري، إلا أن البدو السكان الأصليين لتلك المنطقة أبوا ورفضوا أن تستمر تلك التنقيبات طمعاً في الأموال. ترتيب عاد بين الأقوام بقي أن نذكر ترتيب عاد بين الأقوام، فالراجح أنهم كانوا بعد قوم نوح – عليه السلام -، وقبل ثمود قوم صالح – عليه السلام -، وأن إبراهيم الخليل وقصته قد ولت فترة صالح – عليه السلام -. يذكر أن قصة هود – عليه السلام – مع قومه قد وردت في كتاب الله 7 مرات، في 3 سور وهي الأعراف والشعراء وهود.

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Виконується…

Завантаження списків відтворення…

هود هو اسم لنبي يؤمن المسلمون أن الله أرسله إلى قوم عاد. وتحمل إحدى سور القرآن إسمه وهي “سورة هود” ولقد ذكر اسمه 7 مرات، منها 5 في سورة هود وواحدة في كل من سورة الشعراء وسورة الأعراف [1].

الأنبياء

الأنبياء المذكرون في القرآن

آدم·إدريسنوح·هود·صالحإبراهيم·لوط إسماعيل · إسحاق يعقوب·يوسف أيوب شعيب · موسى ·هارون يوشع بن نون ذو الكفل · داوُد · سليمان · إلياس اليسع · يونس زكريا · يحيى عيسى بن مريم محمد بن عبد الله

ورد ذكر هود في القرآن في سورة الشعراء:  كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ  إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ  إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ  فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ  وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ   سورة الشعراء الآيات 123-127[2].

وفي سورة هود:  وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ  يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ  وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ  قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آَلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ  إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آَلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ  مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ  إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ  فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ  وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ  وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ   سورة هود الآيات 50-60[3].
قصة قوم النبي هود

ويذكر اسمه على لسان شعيب في الآية 89 من نفس السورة::  وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ  

وفي سورة الأعراف:  وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ  قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ  قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ  أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ  أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ  قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ  قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ  فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ   سورة الأعراف الآيات 65-72[4].

ويرى المفسرون أنه أشير إليه ب”أخ عاد” في سورة الأحقاف:  وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ  قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ  قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ  فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ  تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ  وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ   سورة الأحقاف الآيات 21-26[5].

أُرسِل هود في قبيلة من القبائل العربية البائدة، المتفرعة من أولاد سام بن نوح، وهي قبيلة عاد، وسميت بذلك نسبةً إلى عاد بن إرم بن سام.

أورد ابن كثير نسبه كالآتي:

هو هود بن شالخ بن أرفحشذ بن سام بن نوح، ويقال إن هودًا هو: عابر بن شالخ بن أرفحشذ بن سام بن نوح، ويقال هود بن عبدالله بن رباح بن لجلود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح بن لامك بن متوشالح بن آخنوخ (إدريس) بن يارد بن مهلئيل بن قينان بن آنوش بن شيث بن آدم.[6].

يفسر بعض المسلمون أن نوح لم يكن من أبناء إدريس، لورود حديث صححه البخاري[7]، حيث يورد الحديث أن محمداً التقى إدريس في عروجه للسماء، وأن إدريس خاطبه قالا له :
«”مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح”»، ويرون أنه لو كان محمداَ من أبنائه لقال : «”مرحبا بالإبن الصالح”» .. ولأنهم يعتقدون بأن محمداً من أبناء نوح، فيستنتجون أن نوح ليس من أبناء إدريس.

كانت مساكن عاد في أرض الأحقاف، من جنوب شبه الجزيرة العربية. والأحقاف شمال حضرموت، وشمال الأحقاف الربع الخالي، وفي شرقها عُمان. وموضع بلادهم اليوم رمال قاحلة، لا أنيس فيها ولا ديار.

قال الله تعالى:  وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ  قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ  قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ  فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ  تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ  وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ   سورة الأحقاف الآيات 21-26[5].

وكان قوم عاد من عبدة الأصنام بعد الطوفان وكانت أصنامهم ثلاثه: صدا وصمودا وهرا..
قد يكون المقصود بالأحقاف الموجودة في جزيرة العرب أو غيرها من الأماكن وهي عديدة وذكر في القرآن أن مبانيهم كانت شديدة الضخامة.

ومن كتاب قصص الأنبياء لرشدي البدراوي الأستاذ بجامعة القاهرة ورد في صفحة 145 مايلي:

لقد فصل القرآن الكريم قصة هود مع قومه عاد في نحو عشر سور، وأبرز ما فيها النقاط التالية:

كما هو الحال غالبا مع قبور الأنبياء هناك عدة مواقع يعتقد أنها قبر النبي هود، نذكر منها:

هود هو اسم لنبي يؤمن المسلمون أن الله أرسله إلى قوم عاد. وتحمل إحدى سور القرآن إسمه وهي “سورة هود” ولقد ذكر اسمه 7 مرات، منها 5 في سورة هود وواحدة في كل من سورة الشعراء وسورة الأعراف [1].

الأنبياء

الأنبياء المذكرون في القرآن

آدم·إدريسنوح·هود·صالحإبراهيم·لوط إسماعيل · إسحاق يعقوب·يوسف أيوب شعيب · موسى ·هارون يوشع بن نون ذو الكفل · داوُد · سليمان · إلياس اليسع · يونس زكريا · يحيى عيسى بن مريم محمد بن عبد الله

ورد ذكر هود في القرآن في سورة الشعراء:  كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ  إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ  إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ  فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ  وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ   سورة الشعراء الآيات 123-127[2].

وفي سورة هود:  وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ  يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ  وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ  قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آَلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ  إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آَلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ  مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ  إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ  فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ  وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ  وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ   سورة هود الآيات 50-60[3].
قصة قوم النبي هود

ويذكر اسمه على لسان شعيب في الآية 89 من نفس السورة::  وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ  

وفي سورة الأعراف:  وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ  قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ  قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ  أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ  أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ  قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ  قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ  فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ   سورة الأعراف الآيات 65-72[4].

ويرى المفسرون أنه أشير إليه ب”أخ عاد” في سورة الأحقاف:  وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ  قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ  قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ  فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ  تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ  وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ   سورة الأحقاف الآيات 21-26[5].

أُرسِل هود في قبيلة من القبائل العربية البائدة، المتفرعة من أولاد سام بن نوح، وهي قبيلة عاد، وسميت بذلك نسبةً إلى عاد بن إرم بن سام.

أورد ابن كثير نسبه كالآتي:

هو هود بن شالخ بن أرفحشذ بن سام بن نوح، ويقال إن هودًا هو: عابر بن شالخ بن أرفحشذ بن سام بن نوح، ويقال هود بن عبدالله بن رباح بن لجلود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح بن لامك بن متوشالح بن آخنوخ (إدريس) بن يارد بن مهلئيل بن قينان بن آنوش بن شيث بن آدم.[6].

يفسر بعض المسلمون أن نوح لم يكن من أبناء إدريس، لورود حديث صححه البخاري[7]، حيث يورد الحديث أن محمداً التقى إدريس في عروجه للسماء، وأن إدريس خاطبه قالا له :
«”مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح”»، ويرون أنه لو كان محمداَ من أبنائه لقال : «”مرحبا بالإبن الصالح”» .. ولأنهم يعتقدون بأن محمداً من أبناء نوح، فيستنتجون أن نوح ليس من أبناء إدريس.

كانت مساكن عاد في أرض الأحقاف، من جنوب شبه الجزيرة العربية. والأحقاف شمال حضرموت، وشمال الأحقاف الربع الخالي، وفي شرقها عُمان. وموضع بلادهم اليوم رمال قاحلة، لا أنيس فيها ولا ديار.

قال الله تعالى:  وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ  قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ  قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ  فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ  تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ  وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ   سورة الأحقاف الآيات 21-26[5].

وكان قوم عاد من عبدة الأصنام بعد الطوفان وكانت أصنامهم ثلاثه: صدا وصمودا وهرا..
قد يكون المقصود بالأحقاف الموجودة في جزيرة العرب أو غيرها من الأماكن وهي عديدة وذكر في القرآن أن مبانيهم كانت شديدة الضخامة.

ومن كتاب قصص الأنبياء لرشدي البدراوي الأستاذ بجامعة القاهرة ورد في صفحة 145 مايلي:

لقد فصل القرآن الكريم قصة هود مع قومه عاد في نحو عشر سور، وأبرز ما فيها النقاط التالية:

كما هو الحال غالبا مع قبور الأنبياء هناك عدة مواقع يعتقد أنها قبر النبي هود، نذكر منها:

هود هو اسم لنبي يؤمن المسلمون أن الله أرسله إلى قوم عاد. وتحمل إحدى سور القرآن إسمه وهي “سورة هود” ولقد ذكر اسمه 7 مرات، منها 5 في سورة هود وواحدة في كل من سورة الشعراء وسورة الأعراف [1].

الأنبياء

الأنبياء المذكرون في القرآن

آدم·إدريسنوح·هود·صالحإبراهيم·لوط إسماعيل · إسحاق يعقوب·يوسف أيوب شعيب · موسى ·هارون يوشع بن نون ذو الكفل · داوُد · سليمان · إلياس اليسع · يونس زكريا · يحيى عيسى بن مريم محمد بن عبد الله

ورد ذكر هود في القرآن في سورة الشعراء:  كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ  إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ  إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ  فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ  وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ   سورة الشعراء الآيات 123-127[2].

وفي سورة هود:  وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ  يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ  وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ  قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آَلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ  إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آَلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ  مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ  إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ  فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ  وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ  وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ   سورة هود الآيات 50-60[3].
قصة قوم النبي هود

ويذكر اسمه على لسان شعيب في الآية 89 من نفس السورة::  وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ  

وفي سورة الأعراف:  وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ  قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ  قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ  أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ  أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ  قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ  قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ  فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ   سورة الأعراف الآيات 65-72[4].

ويرى المفسرون أنه أشير إليه ب”أخ عاد” في سورة الأحقاف:  وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ  قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ  قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ  فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ  تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ  وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ   سورة الأحقاف الآيات 21-26[5].

أُرسِل هود في قبيلة من القبائل العربية البائدة، المتفرعة من أولاد سام بن نوح، وهي قبيلة عاد، وسميت بذلك نسبةً إلى عاد بن إرم بن سام.

أورد ابن كثير نسبه كالآتي:

هو هود بن شالخ بن أرفحشذ بن سام بن نوح، ويقال إن هودًا هو: عابر بن شالخ بن أرفحشذ بن سام بن نوح، ويقال هود بن عبدالله بن رباح بن لجلود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح بن لامك بن متوشالح بن آخنوخ (إدريس) بن يارد بن مهلئيل بن قينان بن آنوش بن شيث بن آدم.[6].

يفسر بعض المسلمون أن نوح لم يكن من أبناء إدريس، لورود حديث صححه البخاري[7]، حيث يورد الحديث أن محمداً التقى إدريس في عروجه للسماء، وأن إدريس خاطبه قالا له :
«”مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح”»، ويرون أنه لو كان محمداَ من أبنائه لقال : «”مرحبا بالإبن الصالح”» .. ولأنهم يعتقدون بأن محمداً من أبناء نوح، فيستنتجون أن نوح ليس من أبناء إدريس.

كانت مساكن عاد في أرض الأحقاف، من جنوب شبه الجزيرة العربية. والأحقاف شمال حضرموت، وشمال الأحقاف الربع الخالي، وفي شرقها عُمان. وموضع بلادهم اليوم رمال قاحلة، لا أنيس فيها ولا ديار.

قال الله تعالى:  وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ  قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ  قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ  فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ  تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ  وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ   سورة الأحقاف الآيات 21-26[5].

وكان قوم عاد من عبدة الأصنام بعد الطوفان وكانت أصنامهم ثلاثه: صدا وصمودا وهرا..
قد يكون المقصود بالأحقاف الموجودة في جزيرة العرب أو غيرها من الأماكن وهي عديدة وذكر في القرآن أن مبانيهم كانت شديدة الضخامة.

ومن كتاب قصص الأنبياء لرشدي البدراوي الأستاذ بجامعة القاهرة ورد في صفحة 145 مايلي:

لقد فصل القرآن الكريم قصة هود مع قومه عاد في نحو عشر سور، وأبرز ما فيها النقاط التالية:

كما هو الحال غالبا مع قبور الأنبياء هناك عدة مواقع يعتقد أنها قبر النبي هود، نذكر منها:

هود هو اسم لنبي يؤمن المسلمون أن الله أرسله إلى قوم عاد. وتحمل إحدى سور القرآن إسمه وهي “سورة هود” ولقد ذكر اسمه 7 مرات، منها 5 في سورة هود وواحدة في كل من سورة الشعراء وسورة الأعراف [1].

الأنبياء

الأنبياء المذكرون في القرآن

آدم·إدريسنوح·هود·صالحإبراهيم·لوط إسماعيل · إسحاق يعقوب·يوسف أيوب شعيب · موسى ·هارون يوشع بن نون ذو الكفل · داوُد · سليمان · إلياس اليسع · يونس زكريا · يحيى عيسى بن مريم محمد بن عبد الله

ورد ذكر هود في القرآن في سورة الشعراء:  كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ  إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ  إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ  فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ  وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ   سورة الشعراء الآيات 123-127[2].

وفي سورة هود:  وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ  يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ  وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ  قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آَلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ  إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آَلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ  مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ  إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ  فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ  وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ  وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ   سورة هود الآيات 50-60[3].
قصة قوم النبي هود

ويذكر اسمه على لسان شعيب في الآية 89 من نفس السورة::  وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ  

وفي سورة الأعراف:  وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ  قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ  قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ  أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ  أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ  قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ  قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ  فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ   سورة الأعراف الآيات 65-72[4].

ويرى المفسرون أنه أشير إليه ب”أخ عاد” في سورة الأحقاف:  وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ  قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ  قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ  فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ  تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ  وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ   سورة الأحقاف الآيات 21-26[5].

أُرسِل هود في قبيلة من القبائل العربية البائدة، المتفرعة من أولاد سام بن نوح، وهي قبيلة عاد، وسميت بذلك نسبةً إلى عاد بن إرم بن سام.

أورد ابن كثير نسبه كالآتي:

هو هود بن شالخ بن أرفحشذ بن سام بن نوح، ويقال إن هودًا هو: عابر بن شالخ بن أرفحشذ بن سام بن نوح، ويقال هود بن عبدالله بن رباح بن لجلود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح بن لامك بن متوشالح بن آخنوخ (إدريس) بن يارد بن مهلئيل بن قينان بن آنوش بن شيث بن آدم.[6].

يفسر بعض المسلمون أن نوح لم يكن من أبناء إدريس، لورود حديث صححه البخاري[7]، حيث يورد الحديث أن محمداً التقى إدريس في عروجه للسماء، وأن إدريس خاطبه قالا له :
«”مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح”»، ويرون أنه لو كان محمداَ من أبنائه لقال : «”مرحبا بالإبن الصالح”» .. ولأنهم يعتقدون بأن محمداً من أبناء نوح، فيستنتجون أن نوح ليس من أبناء إدريس.

كانت مساكن عاد في أرض الأحقاف، من جنوب شبه الجزيرة العربية. والأحقاف شمال حضرموت، وشمال الأحقاف الربع الخالي، وفي شرقها عُمان. وموضع بلادهم اليوم رمال قاحلة، لا أنيس فيها ولا ديار.

قال الله تعالى:  وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ  قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ  قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ  فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ  تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ  وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ   سورة الأحقاف الآيات 21-26[5].

وكان قوم عاد من عبدة الأصنام بعد الطوفان وكانت أصنامهم ثلاثه: صدا وصمودا وهرا..
قد يكون المقصود بالأحقاف الموجودة في جزيرة العرب أو غيرها من الأماكن وهي عديدة وذكر في القرآن أن مبانيهم كانت شديدة الضخامة.

ومن كتاب قصص الأنبياء لرشدي البدراوي الأستاذ بجامعة القاهرة ورد في صفحة 145 مايلي:

لقد فصل القرآن الكريم قصة هود مع قومه عاد في نحو عشر سور، وأبرز ما فيها النقاط التالية:

كما هو الحال غالبا مع قبور الأنبياء هناك عدة مواقع يعتقد أنها قبر النبي هود، نذكر منها:

هود هو اسم لنبي يؤمن المسلمون أن الله أرسله إلى قوم عاد. وتحمل إحدى سور القرآن إسمه وهي “سورة هود” ولقد ذكر اسمه 7 مرات، منها 5 في سورة هود وواحدة في كل من سورة الشعراء وسورة الأعراف [1].

الأنبياء

الأنبياء المذكرون في القرآن

آدم·إدريسنوح·هود·صالحإبراهيم·لوط إسماعيل · إسحاق يعقوب·يوسف أيوب شعيب · موسى ·هارون يوشع بن نون ذو الكفل · داوُد · سليمان · إلياس اليسع · يونس زكريا · يحيى عيسى بن مريم محمد بن عبد الله

ورد ذكر هود في القرآن في سورة الشعراء:  كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ  إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ  إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ  فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ  وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ   سورة الشعراء الآيات 123-127[2].

وفي سورة هود:  وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ  يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ  وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ  قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آَلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ  إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آَلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ  مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ  إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ  فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ  وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ  وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ   سورة هود الآيات 50-60[3].
قصة قوم النبي هود

ويذكر اسمه على لسان شعيب في الآية 89 من نفس السورة::  وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ  

وفي سورة الأعراف:  وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ  قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ  قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ  أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ  أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ  قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ  قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ  فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ   سورة الأعراف الآيات 65-72[4].

ويرى المفسرون أنه أشير إليه ب”أخ عاد” في سورة الأحقاف:  وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ  قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ  قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ  فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ  تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ  وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ   سورة الأحقاف الآيات 21-26[5].

أُرسِل هود في قبيلة من القبائل العربية البائدة، المتفرعة من أولاد سام بن نوح، وهي قبيلة عاد، وسميت بذلك نسبةً إلى عاد بن إرم بن سام.

أورد ابن كثير نسبه كالآتي:

هو هود بن شالخ بن أرفحشذ بن سام بن نوح، ويقال إن هودًا هو: عابر بن شالخ بن أرفحشذ بن سام بن نوح، ويقال هود بن عبدالله بن رباح بن لجلود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح بن لامك بن متوشالح بن آخنوخ (إدريس) بن يارد بن مهلئيل بن قينان بن آنوش بن شيث بن آدم.[6].

يفسر بعض المسلمون أن نوح لم يكن من أبناء إدريس، لورود حديث صححه البخاري[7]، حيث يورد الحديث أن محمداً التقى إدريس في عروجه للسماء، وأن إدريس خاطبه قالا له :
«”مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح”»، ويرون أنه لو كان محمداَ من أبنائه لقال : «”مرحبا بالإبن الصالح”» .. ولأنهم يعتقدون بأن محمداً من أبناء نوح، فيستنتجون أن نوح ليس من أبناء إدريس.

كانت مساكن عاد في أرض الأحقاف، من جنوب شبه الجزيرة العربية. والأحقاف شمال حضرموت، وشمال الأحقاف الربع الخالي، وفي شرقها عُمان. وموضع بلادهم اليوم رمال قاحلة، لا أنيس فيها ولا ديار.

قال الله تعالى:  وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ  قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ  قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ  فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ  تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ  وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ   سورة الأحقاف الآيات 21-26[5].

وكان قوم عاد من عبدة الأصنام بعد الطوفان وكانت أصنامهم ثلاثه: صدا وصمودا وهرا..
قد يكون المقصود بالأحقاف الموجودة في جزيرة العرب أو غيرها من الأماكن وهي عديدة وذكر في القرآن أن مبانيهم كانت شديدة الضخامة.

ومن كتاب قصص الأنبياء لرشدي البدراوي الأستاذ بجامعة القاهرة ورد في صفحة 145 مايلي:

لقد فصل القرآن الكريم قصة هود مع قومه عاد في نحو عشر سور، وأبرز ما فيها النقاط التالية:

كما هو الحال غالبا مع قبور الأنبياء هناك عدة مواقع يعتقد أنها قبر النبي هود، نذكر منها:

الإسلام ديانة إبراهيمية وسماوية وتوحيدية، هناك إله واحد فقط وفقا للإسلام وهو الله،[2] ومحمد هو رسول الله.[3][4] والإسلام هو ثاني أكبر دين في العالم،[5] مع أكثر من 1.8 مليار متبع أو 24٪ من سكان العالم،[6] ويعرفون باسم المسلمين.[7] يشكل المسلمون غالبية السكان في 50 دولة. يُعلّم الإسلام أن الله هو رحيم، ولديه القدرة الكلية، وهو واحد،[8] وقد أرشد البشرية من خلال الأنبياء والرسل، والكتب المقدسة والآيات.[9] النصوص الأساسية في الإسلام هي القرآن -الذي ينظر إليه المسلمون على أنه كلمة الله الحرفية- والتعاليم والأمثلة المعيارية (السنة)، والتي تشمل الأحاديث النبوية الخاصة بمحمد.

يعتقد المسلمون أن الإسلام هو النسخة الكاملة والشاملة للعقيدة التي تم الكشف عنها مرات عديدة عن طريق الأنبياء بما في ذلك آدم وإبراهيم وموسى وعيسى.[10][11][12] يعتبر المسلمون القرآن الكريم الوحي المطلق والنهائي من الله.[13] مثل الأديان الإبراهيمية الأخرى، في الإسلام أيضاً حكم نهائي يُمنح فيه الصالحون الجنة وغير الصالحين الجحيم (جهنم).[14][15] تشمل المفاهيم والممارسات الدينية أركان الإسلام الخمسة، وهي عبادات إجبارية، واتباع الشريعة الإسلامية، التي تمس كل جوانب الحياة والمجتمع تقريبًا، من الأعمال المصرفية إلى المرأة والأخلاق والبيئة.[16][17] مكة والمدينة المنورة والقدس هي موطن لأقدس ثلاثة مواقع في الإسلام.[18]

بغض النظر عن وجهة النظر اللاهوتية،[19][20][21] يعتقد أن الإسلام تاريخياً نشأ في أوائل القرن السابع الميلادي في مكة المكرمة،[22] وبحلول القرن الثامن الميلادي، امتدت الدولة الأموية من الأندلس في الغرب إلى نهر السند في الشرق. يشير “العصر الذهبي للإسلام” إلى الفترة التي تعود بين القرن الثامن إلى القرن الثالث عشر، أثناء فترة الخلافة العباسية، عندما كان العالم الإسلامي يشهد ازدهارا علمياً، واقتصاديا وثقافيا.[23][24][25] كان توسع العالم الإسلامي من خلال سلالات حاكمة وخلافات مختلفة مثل الدولة العثمانية، والتجار، واعتناق الإسلام من خلال الأنشطة الدعوية.[26]

معظم المسلمين ينتمون لإحدى طائفتين؛ أهل السنة والجماعة (85-90 ٪)[27] أو الشيعة (10-15 ٪).[28] حوالي 13٪ من المسلمين يعيشون في إندونيسيا، أكبر دولة ذات أغلبية مسلمة،[29] %31 من المسلمين يعيشون في جنوب آسيا،[30][12] وهي المنطقة التي تحوي أكبر عدد من المسلمين في العالم، 20٪ يعيشون في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث هو الدين السائد،[31][32] و15٪ في أفريقيا جنوب الصحراء.[33] توجد أيضا جاليات مسلمة كبيرة في الأمريكتين، القوقاز، وسط آسيا، الصين، أوروبا، جنوب شرق آسيا البري، والفلبين وروسيا.[34][35] الإسلام هو أسرع الأديان الرئيسية نمواً في العالم.[36][37][38]

كلمة الإسلام يُبحث عنها في المعجم في “سلم”، وهي مصدر لفعل رباعي هو “أسلم”. ويُعرَّف الإسلام لُغويًا بأنه الاستسلام، والمقصود الاستسلام لأمر الله ونهيه بلا اعتراض، وقيل هو الإذعان والانقياد وترك التمرّد والإباء والعناد.[39]
قصة قوم النبي هود

أما معناه الاصطلاحي، فهو الدين الذي جاء به “محمد بن عبد الله”، والذي يؤمن المسلمون بأنه الشريعة التي ختم الله بها الرسالات السماوية. وفي حديث عن “أبي هريرة” أن النبي محمد عرّف الإسلام: «بأن تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤتي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان وتحج بيت الله».[40]

هذه المقالة جزء من سلسلة:
الإسلام

توحيد الله
الإيمان بالملائكة
الإيمان بالكتب السماوية
الإيمان بالرسل والأنبياء
الإيمان باليوم الآخر
الإيمان بالقضاء والقدر

شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله
إقامة الصلاة
إيتاء الزكاة
صوم رمضان
الحج

القرآن الكريم
السنة النبوية  ·
أحاديث أهل البيت
إجماع أقوال العلماء  ·
القياس
الاجتهاد

محمد رسول الله
إبراهيم رسول الله
الأنبياء  ·
أهل البيت
الصحابة  ·
الخلفاء الراشدون
الأئمة  ·
أمهات المؤمنين

أهل السنة والجماعة (السلفية  · الأشعرية · الماتريدية
الشيعة (الزيديَّة  · الإماميَّة)
الخوارج (الأزارقة  · النجدات · الصفريَّة · الإباضيَّة)
كلاميَّة (المرجئة · المُعتزلة · الجهمية · الحرورية)
فرق أخرى

مدن مقدسة
مكة المكرمة
المدينة المنورة  ·
القدس الشريف
مواقع مقدسة
المسجد الحرام
المسجد النبوي  ·
المسجد الأقصى

الخلافة الإسلامية
الخلافة الراشدة
الخلافة الأموية  ·
الخلافة العباسية
الخلافة القرطبيَّة  ·
الخلافة الموحديَّة
الخلافة الفاطمية  ·
الخلافة العثمانية

الفتوحات الإسلامية
مكة  ·
الشام ·
فارس
مصر ·
المغرب ·
الأندلس ·
الغال
ما وراء النهر ·
السند ·
القسطنطينية ·
جنوب إيطاليا ·
الهند

الأعياد في الإسلام
عيد الفطر  ·
عيد الأضحى
مناسبات إسلامية
ذكرى المولد النبوي  ·
ذكرى عاشوراء
احتفال رأس السنة الهجريَّة
إحياء ليلة القدر
إحياء ليلة النصف من شعبان
ذكرى الإسراء والمعراج

الإسلام في أوروبا
الإسلام في أفريقيا
الإسلام في آسيا
الإسلام في الأمريكتين
الإسلام في أوقيانوسيا

الثقافة الإسلامية
الإسلام والأديان الاخرى
العالم الإسلامي
العمل الصالح

بوابة الإسلام

بحسب القرآن، يؤمن المسلمون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر. ويضيف إلى ذلك المسلمين السنّة القضاء والقدر،[41] إعمالاً بآية قرآنية ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾، وحديث مروي في كتب الحديث عن الرسول محمد عندما قال أن الإيمان هو: “أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره”،[42] وتطلق الشيعة الإمامية على الركن الأخير تسمية العدل، وتضيف كذلك الإمامة كأصل من أصول الدين.[43]

يؤمن المسلمون بأن الله هو الإله الواحد الذي خلق الكون بكل ما فيه، وأوحى القرآن للنبي محمد عن طريق جبريل، ويؤمنون بأنه الرسالة الخاتمة للرسالات التي بعث بها الأنبياء الذين سبقوه.[44] والأنبياء هم بشر من بني آدم اختارهم الله ليكونوا رسله. ويعتقد المسلمون أن الأنبياء هم بشر وليسوا آلهة، وإن كان بعضهم منحه الله القدرة على صنع المعجزات لإثبات نبوتهم. الأنبياء في المعتقد الإسلامي يعتبروا الأقرب إلى الكمال من البشر، وهم من يتلقى الوحي الإلهي، إما مباشرة من الله، أو عن طريق الملائكة. يذكر القرآن أسماء العديد من الأنبياء، بما في ذلك آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم.[45] وبحسب القرآن فإن كافة الأنبياء كانوا مسلمين يدعون إلى الإسلام ولكن بشرائع مختلفة.[46][47] يُعرّف الإسلام في القرآن بأنه “فطرة الله التي فطر الناس عليها”:  فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ  ،[48] كما يؤمن المسلمون بأن الحنيفية هي أساس دين إبراهيم. ويرون أن الاختلاف بين الأديان الإبراهيمية في الشريعة فقط وليس في العقيدة وأن شريعة الإسلام ناسخة لما قبلها من الشرائع. أي أن الدين الإسلامي يتكون من العقيدة والشريعة. فأما العقيدة فهي مجموعة المبادئ التي على المسلم أن يؤمن بها وهي ثابتة لا تختلف باختلاف الأنبياء. أما الشريعة فهي اسم للأحكام العملية التي تختلف باختلاف الرسل.[49][50]

يعد أساس الإسلام هو الإيمان بالإله الواحد وهو الله. و أنه هو دائم، حي لا يموت، ولا يغفل، عدل لا يظلم، لا شريك له ولا ند، ولا والد ولا ولد، رحمن رحيم، يغفر الذنوب ويقبل التوبة ولا يفرق بين البشر إلا بأعمالهم الصالحة. وهو خالق الكون ومطلع على كل شيء فيه ومتحكم به. وفي المعتقد الإسلامي؛ الله ليس كمثله شيء،[51] أي أنه مغاير تمامًا لكل مخلوقاته وبعيد عن تخيلات البشر، لهذا فلا يوجد له صورة أو مجسم، إنما يؤمن المسلمون بوجوده ويعبدونه دون أن يروه. كما أن الله في الإسلام واحد أحد، لهذا يرفض المسلمون عقيدة الثالوث المسيحي بوجود الله في ثلاثة أقانيم، فضلاً عن رفض ألوهية المسيح الذي هو بشر رسول في العقيدة الإسلامية،[52] ومن أهم السور التي يستدل المسلمين بها على ذلك، سورة الإخلاص:  قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ  اللَّهُ الصَّمَدُ  لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ  وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ  .[53]

يقول بعض الباحثين أن كلمة “الله” العربية المستخدمة إسلاميًا للدلالة على ذات الرب، إنما هي مكونة من قسمين: “الـ” و”إله”، بينما يقول أخرون أن جذورها آرامية ترجع لكلمة “آلوها”.[54] ولله في الإسلام عدة أسماء وردت في القرآن، وهناك تسعة وتسعين اسمًا اشتهرت عند المسلمين السنة باسم “أسماء الله الحسنى”، وهي أسماء مدح وحمد وثناء وتمجيد لله وردت في القرآن أو على لسان أحد من الرسل وفق المعتقد السني،[55] ومنها: الملك، القدّوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبّار، القابض، الباسط، الوكيل، الأول، الرؤوف، ذو الجلال والإكرام، وغيرها. والحقيقة أن هناك خلاف حول عدد الأسماء الحسنى بين علماء السنة، وخلاف حول الأسماء الحسنى ذاتها. إلا أن البعض رجح أن عددها تسعة وتسعين وفقًا لحديث أورده البخاري عن الرسول محمد أنه قال: “إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مئةً إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة”.[56][57]

يعد الإيمان بالملائكة أحد أساسيات الإسلام. وفقًا للقرآن، فإن الملائكة لا تملك الإرادة الحرة، إنما خلقوا لطاعة الله وتسبيحه وتنفيذ أوامره، فهم لا يأكلون ولا يشربون ولا يتناسلون، بل عباد مكرمون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.[58] تشمل مهام الملائكة توصيل الوحي، حمل عرش الله، تمجيد الله، تدوين أعمال الشخص من سيئات وحسنات وقبض روحه حين وفاته وغيرها. ويؤمن المسلمون أن الله خلق الملائكة من نور كما خلق الجان من نار، وخلق آدم من طين، وأنها ذات أجنحة يطيرون بها ليبلغوا ما أمروا به سريعًا، وأجنحة الملائكة “مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ” ومنهم من له أكثر من ذلك، ففي الحديث أن النبي محمد رأى جبريل ليلة الإسراء وله ستمئة جناح.[59]
كذلك يؤمن المسلمون أن الكائنات جميعًا ترى الملائكة إلا الإنسان، لقول النبي محمد: “إِذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ فَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا وَإِذَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الْحِمَارِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهَا رَأَتْ شَيْطَانًا”.[58] ومن الملائكة المذكورة في القرآن بأسمائها: جبريل وميكائيل،[60] وذلك في سورة البقرة:  مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ  ، وهاروت وماروت[60] في نفس السورة:  وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ  ، وملك الموت، الذي لم يذكر له اسم آخر في القرآن،[60] في سورة السجدة:  قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ  . ومن الملائكة الأخرى المذكورة بدون اسم في القرآن: إسرافيل، رضوان، الزبانية، حملة العرش، الحفظة، والكرام الكاتبون.[60][معلومة 1] ولا يرمز المسلمون إلى الملائكة بأسمائها فقط احترامًا لها، بل يعظموها ويسلمون عليها، فيقولون على سبيل المثال: ” جبريل ” أو “جبريل عليه السلام “.

يعتبر المسلمون أن القرآن كلام الله الحرفي.[61] وأن آياته أنزلت، بلسان عربيّ مبين،[62] على محمد من الله عن طريق المَلَك جبريل في مناسبات عديدة منذ بعثته حوالي عام 610م حتى وفاته في 8 يونيو سنة 632م.[63] وقد تم تدوين القرآن بواسطة بعض صحابة محمد في حياته، إلا أنه لم يتم جمعه في كتاب واحد في ذلك الحين. وقد جُمع القرآن في كتاب واحد لأول مرة في زمن أبي بكر الصديق، الخليفة الأول، ثم تم نسخه في عدة نسخ وتوزيعها علي مختلف الأمصار المسلمة في عهد عثمان بن عفان، الخليفة الثالث. ويؤمن المسلمون بأن القرآن لم يتغير وبأن الله قد تكفل بحفظه. ويجمع المسلمون بمختلف طوائفهم على نسخة واحدة منه حتى الآن.[64][65]

ينقسم القرآن إلى 114 سورة، ويحتوي على 6236 آية. ويوجد بالقرآن آيات مكية وأخرى مدنية. فأما المكية فهي التي نزلت قبل الهجرة، وكانت تركز أساسًا على بناء العقيدة والإيمان وكذلك المواضيع الأخلاقية والروحية. أما الآيات المدنية اللاحقة فنزلت بعد الهجرة وتهتم بالتشريع والأحكام وبمناقشة القضايا الاجتماعية والأخلاقية اللازمة لبناء المجتمع المسلم خصوصًا والبشري عمومًا.[66] والقرآن أكثر انشغالاً بالتوجيه المعنوي من التعليمات القانونية، ويعتبر الكتاب المرجعي “للمبادئ والقيم الإسلامية”.[67] ويعتبر معظم المسلمين أن القرآن إلى جانب السنة النبوية هما المصدران الأساسيان للتشريع الإسلامي. كلمة القرآن مشتقة من “القراءة”، وتعتبر قراءة القرآن أحد أهم العبادات في الإسلام، ويُقرأ القرآن باللغة العربية ولا يجوز تلاوته للتعبد بلغة أخرى. وعلى الرغم من وجود نسخ مترجمة من القرآن بمختلف لغات العالم، إلا أنها لا تسمى “قرآنا” ولا تعدو مجرد كونها تفاسير لمعاني القرآن باللغات الأخرى، حيث تستمد قدسية القرآن من حرفيته، وهو ما لا يتاح في الترجمة بسبب الاختلافات اللغوية وأخطاء المترجمين.[68]

وكما يؤمن المسلمون بالقرآن فإنهم كذلك يؤمنون بأن الكتب السابقة على نزول القرآن نزلت من عند الله على بعض الأنبياء، كالتوراة التي نزلت على موسى، والزبور المنزل على داود، وصحف إبراهيم، والإنجيل المنزل على المسيح عيسى بن مريم، ويعتقدون أن القرآن ناسخ وملغي لما فيها من شرائع، كما يعتقدون أن النسخ الحالية لهذه الكتب طرأ عليها التحريف،[69] والإيمان بهذه الكتب شرط في الإيمان عند المسلمين ومن جحد نزولها يعد كافرًا. ومن الآيات التي يستدل بها المسلمون على ذلك، الأيات التي وردت في سورة المائدة:  إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ  وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ  وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ  وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ  وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ  .[70]

الأنبياء

الأنبياء المذكرون في القرآن

آدم·إدريسنوح·هود·صالحإبراهيم·لوط إسماعيل · إسحاق يعقوب·يوسف أيوب شعيب · موسى ·هارون يوشع بن نون ذو الكفل · داوُد · سليمان · إلياس اليسع · يونس زكريا · يحيى عيسى بن مريم محمد بن عبد الله

يُعرّف الأنبياء في الإسلام بأنهم أشخاص اصطفاهم الله ليكونوا رسله للناس، وهم مجرد بشر لكن الله يعطيهم القدرة على عمل المعجزات لإثبات نبوتهم، فمعجزة النبي سليمان على سبيل المثال كانت التحدث بلغة الطيور ورؤية الجان، ومعجزة المسيح كانت الولادة بدون أب و إبراء المرضى وإقامة الموتى وكلامه وهو ما زال رضيعًا، أما معجزة محمد فهو القرآن بحد ذاته. ويعتقد المسلمون بأن كل الأنبياء كانوا يدعون إلى دين الإسلام ولكن برسالات مختلفة، أي أنهم دعوا إلى ذات المبادئ التي يدعوا إليها الإسلام ولكن وفق ما دعت إليه ظروف عصرهم وأحوال شعبهم، وكانت آخر هذه الرسالات رسالة محمد بن عبد الله الذي يعتبرها المسلمون الرسالة الخاتمة وأنه لا أنبياء بعده. ومحمد هو نبي الإسلام، ولا ينظر إليه المسلمون باعتباره مؤسسًا لدين جديد، ولكن مرمم ومجدد للإسلام الأصلي، وعقيدة التوحيد التي أنزلها الله على الأنبياء من قبل كآدم وإبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم.[71] يُنظر إلى محمد في التقاليد الإسلامية، على أنه آخر وأعظم الأنبياء.[72]

على مدى السنوات الثلاث والعشرين الأخيرة من حياته، أي ابتداء من سن الأربعين، تلقي محمد الوحي من الله عن طريق الملك جبريل، وهو القرآن، وتم حفظه وتسجيله من قبل أتباعه.[73] وكما يؤمن المسلمون بمحمد فإنهم يؤمنون بآدم ونوح وإبراهيم وموسى وداود وسليمان وعيسى المسيح وغيرهم كأنبياء من عند الله. والرسل في الإسلام يمثلون الكمال الإنساني في أرقى صوره وهم أطهر البشر قلوبًا وأزكاهم أخلاقًا وأقواهم قريحة وعقلاً، ويعتقد المسلمون أن الله اصطفى آل إبراهيم وبعث من ذريته جميع الرسل وصولاً إلى محمد ليدعوا الناس إلى عبادته ولا يشركوا به شيئا.[74]

ورد في القرآن ذكر لخمسة وعشرين نبيًا،[75] بعضهم ذُكر في الإنجيل والتوراة بنفس الاسم، كالنبي إبراهيم وإسحق ويعقوب ويوسف وآدم، والبعض ذُكر تحت أسماء أخرى مثل النبي يحيى، الذي يُدعى “يوحنا المعمدان” في الكتاب المقدس، وبعضهم ذُكر في تلك الكتب ولم يُذكر في القرآن وإنما ذُكر في الحديث النبوي، مثل النبي دانيال.[76][77] ويُعظم المسلمون الأنبياء ويسلمون عليهم ولا يدعوهم بأسمائهم المجردة احترامًا وتقديرًا لهم، فيقولون على سبيل المثال: ” محمد “صلى الله عليه وسلم، ” عيسى المسيح “عليه السلام، “أبانا آدم “عليه السلام، اعتقادًا أن آدم هو أبو البشر كما ورد أيضًا في الكتاب المقدس. يرفض المسلمين السنة تصوير الأنبياء والرسل في أي شكل، سواء في رسم أو تمثال أو تقمص أحد الناس لشخصيتهم في عمل تمثيلي، في حين يبيح الشيعة رسم الأنبياء، وتوجد عدة رسوم فارسية لمحمد والأئمة والملائكة. وقد وردت بعض الأحاديث التي تفيد بهيئة بعض الأنبياء.[معلومة 2]

يوم القيامة، أو يوم الدين، أو اليوم الآخر، أو غيرها من الأسماء التي وردت في القرآن، هو يوم الحساب في العقيدة الإسلامية. وفيه نهاية العالم والحياة الدنيا ويجمع الله جميع الناس لمحاسبتهم على أعمالهم ومن ثم يكون مثواهم الجنة أو النار.[78] حيث يدخل الجنة -وهي النعيم في العقيدة الإسلامية- من كانت أعماله صالحة، ويعذب في جهنم -وهي الجحيم في الإسلام- من كانت أعماله سيئة في الحياة الدنيا. ويتناول القرآن والأحاديث وصف أحداث يوم القيامة وأهوالها، وعلامات اقترابها. كما يصف النعيم في الجنة والمتع التي يتمتع بها المرء هناك، كذلك يصف عذاب جهنم ومعاناة المذنبين فيها. يذكر في القرآن أن الله وحده يعلم موعد قيام الساعة، ولا يعلمها أحد من خلقه، وأن الساعة تأتي بغتة دون توقع من أحد. ويؤمن المسلمون السنة أن هناك علامات ليوم القيامة تنقسم إلى جزئين: العلامات الصغرى والعلامات الكبرى.[79] ويذكر القرآن أهوال يوم القيامة، منها ما جاء في سورة التكوير:  إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ  وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ  وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ  وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ  وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ  وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ  وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ  وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ  بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ  ،[80] وسورة الانفطار  إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ  وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ  وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ  وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ  عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ  .

يؤمن المسلمون السنة أن كل شيء مقدر سلفًا من قبل خالق البشر، وكل الأقدار قد تم كتابتها عند الله في اللوح المحفوظ قبل خلق الخلق أو خلق آدم.[81] وأن كل ما يقع في هذا الكون فهو بتقدير ومشيئة الله، وفقًا لما جاء في الكتاب والسنّة وما استدل به علماء الدين الإسلامي. وعلى الرغم من أن الأحداث مقدرة سلفًا، إلا أن الإنسان يملك إرادة حرة ومشيئة في أن لديه الاختيار بين الصواب والخطأ، وبالتالي فهو مسؤول عن تصرفاته،[82] فللإنسان مشيئة واختيارًا بها تتحقق أفعاله كما جاء في سورة التكوير:  لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ  ، وأن مشيئة الإنسان وقدرته غير خارجة عن قدرة الله ومشيئته؛ فهو الذي منح الإنسان ذلك، وجعله قادرًا على التمييز والاختيار، كما جاء في الآية التالية للآية السابقة:  وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ  .[83] في المقابل فإن فهم الشيعة للقضاء والقدر أو كما يسمى العدل يتمحور حول مسؤولية الإنسان عن أفعاله، لكنه في نفس الوقت مسير في بعض الأمور التي تفرض عليه مثل النوع ومكان الميلاد وغير ذلك.[84]

تُعد أركان الإسلام الخمسة أهم العبادات في الإسلام عند الطائفة السنيّة والتي يشترك معهم فيها المسلمون الشيعة،[85] وإن كانت عند السنّة تعد أساسيات دخول الإسلام؛ فقد استمد علماء الدين السنّة أركان الإسلام من روايات عن النبي منها:

روي عن عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب في صحيح البخاري[86] وصحيح مسلم[87]:

فأركان الإسلام كما بينها الحديث هي:

1. شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله: وتعد هذه الشهادة هي أساس دخول الإسلام عند المسلمين السنّة. ويضيف إليها المسلمون الشيعة “الشهادة الثالثة”، وهي شهادة أن علي بن أبي طالب ولي الله.[88][89]

2. الصلاة: وهي أحد أهم العبادات اليومية التي يقوم بها المسلمون.
تجب الصلاة على المسلمين خمس مرات يوميًا، ويتجه المسلمون في صلاتهم نحو الكعبة بمكة. وغير الصلاة الواجبة هناك صلوات أخرى مثل صلاة العيد وصلاة الجنازة وغيرها.[معلومة 3][90]
في العديد من البلدان الإسلامية، يُنادى بالأذان من المساجد عند وقت الصلاة لتذكير المسلمين بها. تتلى الصلوات باللغة العربية، ويقوم المسلم بآداء حركات مثل الركوع والسجود وغيرها من الحركات وتلاوة الآيات القرآنية والأدعية. وبحال فات على المسلم أداء إحدى الصلوات في وقتها فعليه أدائها متى ذكرها.[91]

3. الزكاة: وهي جزء من المال يدفعه الأغنياء من المسلمين من أموالهم للفقراء والأيتام والمحتاجين وأوجه أخرى. وهي واجبة على كل المسلمين القادرين، وتختلف عن الصدقات التي يدفعها المسلمون تطوعًا.[92]

4. صوم رمضان: يمتنع المسلمون في شهر رمضان عن الطعام والشراب والجماع من الفجر إلى غروب الشمس، كما أن عليهم تجنب الخطايا الأخرى، وزيادة الطاعات في هذا الشهر. الصوم غير واجب على المسافر أو المريض الذين يشق عليهم الصوم لكن عليهم قضاء ما عليهم بصيام أيام أخرى حين تتاح لهم الفرصة قبل قدوم رمضان العام القابل، أو بإطعام المساكين لمن لا يقدر على الصوم أصلا مثل كبار السن الذين يشق عليهم الصوم لكبر سنهم أو ذوي مرض مزمن؛ ولا يعد الصوم عند المسلمين أمرا تكليفيا من أجل إرهاقهم ولكن هدفه روحي وصحي وفق المعتقد الإسلامي، فهو يحافظ على الصحة ويُساهم في الشعور بجوع الفقراء وحاجتهم، ويزيد من تقوى الله ورفع المعاني الإيمانية والروحية.[93]
قصة قوم النبي هود

5. الحج: وهو الحج إلى الكعبة بيت الله الحرام في مدينة مكة شهرَ ذي الحجة. وهي واجبة على كل مسلم قادر على أداء مناسك الحج على الأقل مرة واحدة في حياته. يجب على المسلم ألا يرتدي ملابس مخيطة أثناء أداء الحج، ويستثنى من ذلك النساء. ثم يقوم الحاج بالإحرام، وهو إعلان نيته عن أداء مناسك الحج، ثم يقوم بالطواف حول الكعبة سبعة مرات، ويقوم بالسعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط، ثم الوقوف بعرفة الذي يعد أهم شروط الحج التي تميز شعائر الحج عن مناسك العمرة.[91][94]

الإحسان في الإسلام هو إتقان العمل الذي يقوم به المسلم وبذل الجهد لإيجادته ليصبح على أكمل وجه، فإن كان العمل خاصا بالناس وجب تأديته على أكمل وجه وكأن صاحب العمل خبير بهذا العمل ويتابع العامل بكل دقة. كما جاء في الحديث النبوي «إن الله كتب الإحسان على كل شيء».[95]

في الإسلام يُعد الإحسان الرتبة الثالثة من مراتب الدين الثلاثة والتي تتضمن (الإسلام ثم الإيمان ثم الإحسان). والذي يُعرّف بكونه “عبادة الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك” كما ورد في الحديث النبوي من قول النبي محمد في تعريف الإحسان: «أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك»[96]

وقد ورد في القرآن في سورة النحل:  إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ   أي: أن الله يأمر عباده بالعدل والإنصاف في حقه بتوحيده وعدم الإشراك به، وفي حق عباده بإعطاء كل ذي حق حقه، ويأمر بالإحسان في حقه بعبادته وأداء فرائضه على الوجه المشروع، وإلى الخلق في الأقوال والأفعال، ويأمر بإعطاء ذوي القرابة ما به صلتهم وبرُّهم، وينهى عن كل ما قَبُحَ قولا أو عملا وعما ينكره الشرع ولا يرضاه من الكفر والمعاصي، وعن ظلم الناس والتعدي عليهم، والله -بهذا الأمر وهذا النهي- يَعِظكم ويذكِّركم العواقب؛ لكي تتذكروا أوامر الله وتنتفعوا بها؛ وكذلك ورد في القرآن في سورة الرحمن:  هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ   ، أي أن الله يجازي مَن أحسن بعمله في الدنيا بالإحسان إليه بالجنة في الآخرة.

وللإحسان الإصطلاحي نوعان وهما

يعتبر الجهاد في سبيل الله أحد الفروض الإسلامية ويُسميه البعض الركن السادس للإسلام،[98][99]
ويُقسم الجهاد إلى نوعين: الجهاد الأكبر وهو جهاد النفس، والجهاد الأصغر وهو القتال في سبيل الله.[100]

بالنسبة للجهاد العسكري، يُعرفه البعض بأنه يهدف فقط لحماية الأمة الإسلامية والتصدي للعدوان الخارجي عليها، أو لمحاربة المرتدين أو المتمردين أو الدول التي تضطهد المسلمين، أو التي تعرقل الدعوة الإسلامية[101][102] بينما يرى البعض أن الهدف من الجهاد هو الغزو وتوسعة الأراضي الخاضعة لحكم الدولة الإسلامية. معظم المسلمين اليوم يفسرون الجهاد على أنه وسيلة للدفاع عن المسلمين والمقدسات الإسلامية، إضافة لنشر الشريعة الإسلامية وتطبيقها.[103]

والقتال في سبيل الله فرض كفاية على المسلمين، أي أنه يكفي قيام البعض به ليسقط عن البقية؛ ولكنه فرض عين على الحاكم وأصحاب السلطة.[102] بالنسبة للشيعة لا يكون الجهاد إلا بأمر من الله للإمام المنحدر من سلالة النبي محمد بن عبد الله، وبالنسبة للشيعة الإثنا عشرية -أكبر طوائف الشيعة- فهو الإمام محمد المهدي الغائب بحسب اعتقادهم منذ عام 868م.[104][105]

تندرج بعض العادات والممارسات في فئة “الآداب الإسلامية”، مثل رد التحية، والتحية الإسلامية التقليدية هي التلفظ بعبارة “السلام عليكم”، والرد المقابل لها هو “وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته”، والتسمية قبل تناول الطعام أو الشراب وذلك بقول “بسم الله الرحمن الرحيم”، والأكل باليد اليمنى، وحمد الله عند الانتهاء بقول “الحمد لله”.[106] إضافة إلى ذلك يحث الإسلام على الاعتناء بالنظافة الشخصية، وختان الذكور -والإناث في بعض الآراء-، والتطهر بالماء أو التراب الطاهر بحال مس ما يُعد من النجاسة، مثل البول والغائط والدم، بالإضافة إلى تجهيز وغسل وتكفين جثة المتوفي ومراسم دفنه والصلاة عليه. أيضًا هناك أدعية الأحوال مثل دعاء الخروج من المنزل، ودعاء دخول المسجد، ودعاء دخول بيت الخلاء، وغير ذلك. ولا ينبغي للمسلمين النظر إلى عورات الآخرين ويجب أن يغضوا أبصارهم عنها.

أما بالنسبة للطعام، فهناك أطعمة يعتبرها المسلمين محرمة ولا يقدمون على تناولها، مثل لحم الخنزير الدم والجيف والكحول، والحيوانات اللاحمة وما لم يُذكر اسم الله عليه عند ذبحه، ومن الآيات التي يستدل المسلمون عليها بذلك ما ورد في سورة المائدة: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ﴾. أما الميتة فهي الحيوان الذي نفق دون ذبح شرعي، ويأخذ حكم الميتة الحيوان المذبوح من قبل شخص من غير أهل الكتاب كالمجوسي أو البوذي، والدم المسفوح السائل محرّم سواء كان دم ذبيحة من الحيوانات المحلل أكلها أو غيرها وسواء كان مائعًا أو جمد بعد خروجه، أما الدم غير السائل كالكبد والطحال فحلال أكله في الإسلام، ولحم الخنزير محرّم كذلك الأمر سواء كان خنزيرًا بريًا أم مستأنسًا، وذلك لاعتبار الخنزير من الحيوانات النجسة في الإسلام وأن طهي لحمه على النار لا يزيل النجاسة. وما أهلّ لغير الله به هو ما ذبح لعبادة غير الله كتعظيم الأصنام، والمنخنقة هي البهيمة التي نفقت جرّاء الخنق، والموقوذة هي التي ضربت بالعصا أو بشيء ثقيل حتى ماتت من قوّة الألم، والمتردّية هي التي وقعت وتردّت من علو كأنْ وقعت من أعلى الجبل فماتت، والنطيحة هي التي ماتت بالانتطاح مع بهيمة أخرى، وما أكل السبع يُقصد به ما اقتات عليه الحيوان اللاحم أو انتزع منه قطعة فمات، أما إذا أخذ منها السّبع شيئا من جسدها ولم يقتلها ثم ذُبحت فأكلها حلال عدا القسم الذي انتزع منها. وينبغي أن يكون ذابحي الحيوانات من المسلمين أو أهل الكتاب لكي يجوز للمسلم تناوله.[107] ويُسمى الطعام الذي يصح للمسلم تناوله “طعام حلال”. أما بالنسبة للمشروبات الكحولية فيستدل المسلمون على تحريمها من عدّة آيات كتلك التي وردت في سورة البقرة: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا﴾، فالمسلمون يؤمنون أن للمشروبات الكحولية منافع مختلفة لكن مضارها تبقى أكثر من نفعها، لذا فهم يجتنبونها كما ورد الأمر بالنص القرآني.[108]

الشريعة الإسلامية هي مجموعة القوانين المفروضة بالقرآن والأحاديث النبوية وأقوال السلف الصالح -أو أهل البيت عند الشيعة- واجتهادات علماء الدين الإسلامي، والتي تحدد علاقة الإنسان بالله وبالناس وبالمجتمع والكون. وتحدد ما يجوز فعله وما لا يجوز. وأهم هذه الشرائع أركان الإسلام الخمس. تُقسم الأحكام التي تشتمل عليها الشريعة الإسلامية إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي:[109]

يرى الإسلاميون ضرورة حكم وإدارة البلاد وفقا للشريعة الإسلامية، وتطبق على المسلمين ومن في عهدتهم كأهل الذمة والمعاهدين والمستأمنين. كما يرون ضرورة توقيع العقوبة المعروفة بالحد على المسلم الذي يتخطى حدود الشريعة ويرتكب ما نهت عنه، والحد في المفهوم الشائع هو العقوبة التي وردت في القرآن أو في الحديث النبوي لكل من خالف أمر الله، وتوقع هذه في بضعة حالات أساسية هي: الزنا، قذف المحصنات مثل اتهام إحدى النساء بالزنا دون دليل أو اتهام إنسان برئ بتهمة تمس الشرف أو المروءة كالسرقة و خيانة الأمانة بدون دليل أيضاً، شرب الخمر، السرقة، اللواط، المحاربة، القتل، والردة.[111] وتختلف العقوبة الموقعة على الشخص باختلاف الفعل الذي ارتكبه.[معلومة 4] وكانت الشريعة الإسلامية تُطبق في الدول الإسلامية المتتالية بصفتها القانون الأساسي، أما اليوم فقلة من الدول تطبقها كالقانون الوحيد للدولة وهي السعودية التي تطبق الشريعة على المنهج السلفي وإيران على المنهج الاثنا عشري والصومال في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة المحاكم الإسلامية وحركة شباب المجاهدين على منهجين مختلفين من المناهج السنية. بينما تطبقها دول أخرى إلى جانب قوانينها الوضعية، وتطبقها أخرى في مسائل الأحوال الشخصية فقط.

أما الفقه الإسلامي فهو العلم بالأحكام الشرعية العملية المستنبطة من الأدلة التفصيلية، والمراد هنا الفهم، ومن الأحكام الشرعية العملية خطابات الشارع المنظمة لكل ما يتعلق بأعمال العباد وأفعالهم، والمقصود بالمستنبطة أي المأخوذة من الأدلة، والمراد من الأدلة التفصيلية: القرآن والسنّة النبوية وإجماع علماء الشريعة والقياس على أمور معلومة مسبقًا والعرف السائد والاستحسان وغير ذلك من أدلة أو مصادر الفقه الإسلامي.[112] والفقه الإسلامي يُقسم إلى عدة أنواع يختلف في تحديدها وتعدادها الفقهاء، ولكن يمكن تقسيمها إلى أربعة أنواع أساسية:[113]

1. القرآن: هو وحي الله لنبيه محمد، وهو المصدر الأول للتشريع، وهو ما نزل لفظه ومعناه من عند الله على النبي محمد باللفظ العربي، وقد تعهده الله بحفظه من التبديل والتحريف. وقد ظهر في العصر الحديث أقلية تقول بأن القرآن هو المصدر الوحيد للشريعة الإسلامية عرفوا لاحقًا بالقرآنيين. وعند المسلمين فالقرآن هو أصل وأساس التشريع الأول، وقد يُبين فيه أسس الشريعة ومعالمها في العقائد وفي العبادات والمعاملات ما بين تفصيل وإجمال.[114] والقرآن عند علماء الشريعة قطعي الثبوت، أما دلالته على الأحكام فقد تكون قطعية وقد تكون ظنية، وهي تكون قطعية بحال كان اللفظ الوارد فيه الحكم لا يحتمل إلا معنى واحدًا، وتكون دلالة القرآن على الأحكام ظنية إذا كان اللفظ فيه يحتمل أكثر من معنى.[114]

2. السنّة النبوية: وينص القرآن على وجوب اتباع أوامر الرسول محمد بن عبد الله، ويقول علماء الدين الإسلامي أن اتباع الرسول يتمثل في التمسك بالسنّة النبوية وهي كل قول أو فعل أو تقرير يصدر عن الرسول، ويؤمنون أن كلام الرسول كله وحي من الله، ولذلك تعتبر السنّة النبوية المصدر الثاني في التشريع الإسلامي، وقد قام العلماء بجمع السنة النبوية في مجموعة من الكتب مثل صحيح البخاري وصحيح مسلم وغيرهما من كتب الحديث. وتنقسم السنّة باعتبار سندها، أي روايتها، إلى ثلاث أقسام عند الأحناف: سنّة متواترة وسنّة مشهورة، وسنّة آحاد، أما جمهور الفقهاء فيقسمون السنّة إلى متواترة وأحادية.[115] أما السنّة المتواترة فهي ما رواها عن النبي محمد جمع من الصحابة يستحيل تواطؤهم على الكذب عادةً ثم رواها عنهم جمع من التابعين يمتنع اتفاقهم على الكذب عادةً، ثم رواها عنهم جمع من تابعي التابعين يستحيل اتفاقهم على الكذب عادةً، وحكم السنّة المتواترة أنها قطعية الثبوت وتفيد العلم واليقين ويجب العمل بها.[115] والسنّة المشهورة هي ما رواها عن النبي محمد واحد أو اثنان أو جمع من الصحابة لم يبلغ حد التواتر ولا يمنع توطؤهم على الكذب عادةً، ثم رواها عنهم جمع من التابعين يستحيل تواطؤهم على الكذب ثم رواها عنهم جمع من تابعي التابعين يستحيل اتفاقهم على الكذب عادةً.[115] والسنّة الأحادية هي ما رواه عن الرسول واحد أو اثنان أو جمع من الصحابة لم يبلغوا حد التواتر ولا يمنع تواطؤهم على الكذب عادةً، ثم رواها عنهم جمع من التابعين وتابعي التابعين لم يبلغ حد التواتر أيضًا، وحُجِّية آحاديث الآحاد مختلف عليها بين أهل السنة، فيرى المتكلمين عدم الآخذ بآحاديث الآحاد في مسائل العقيدة، بينما يرى أهل الحديث والآثرية ومنهم الشافعي وأحمد بن حنبل أن لها حُجِّية.[116]

3. أحاديث أهل البيت: يُعد هذا المصدر مصدر خلاف بين المذهبين السني والشيعي: فعند الشيعة أن أحاديث أهل البيت هي المصدر الثالث للتشريع، ويجمع كتب الحديث لديهم أقوال النبي إضافة إلى أقوال أهل البيت كما هو كتاب الكافي للكليني. وقد استدل الشيعة على حجية سنة أهل البيت بأدلة كثيرة، وأهم ما ذكروه من أدلتهم ­على اختلافها ­ثلاثة: القرآن، السنّة النبوية، والعقل. أما بالنسبة للقرآن فقد استدلوا بآيات عدة أهمها آيتان، الأولى آية التطهير وهي:  وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا  ، والثانية:  وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً  ، وأول أدلتهم من السنة وأهمها هو حديث الثقلين: “إني تركت فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفونني فيهما”.[117] ويرى الشيعة أن في هذا الحديث دلالة على عصمة أهل البيت وبالتالي فإن أحاديثهم تعتبر مصدرًا من مصادر التشريع، ­لاقترانهم بالكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وفق هذا الحديث النبوي.[118] بينما لا يُفرّق أهل السنة بين أحاديث أهل البيت وبين أقوال باقي الصحابة.[119][120]

4. الإجماع: وهو اتفاق جمع كبير من علماء الأمة على حكم مسألة بعينها استدلالاً بالنصوص الواردة فيها، وقد استنبط علماء الدين الإسلامي فكرة الإجماع وفقًا لتفسيرات بعض آيات القرآن والأحاديث التي يرونها دالة على ذلك.[121] ولا ينعقد الإجماع إلا بتحقيق الأمور التالية: أن يكون الاتفاق على الحكم من المجتهدين الذين بلغوا درجة الاجتهاد عند أهل السنّة، وعن الأئمة عند الشيعة،[122] وبالتالي فلا عبرة باتفاق غيرهم من العامّة. كذلك يجب أن يتفق جميع المجتهدين فلا يشذ واحد منهم، فلو خالف واحد منهم فلا ينعقد الإجماع وفقًا للرأي الراجح. أيضًا يجب أن يكون المجتهدون من أمة النبي محمد وبالتالي فلا عبرة باتفاق المجتهدين من غير هذه الأمة،[123] ويجب أن يكون اتفاق المجتهدين بعد وفاة محمد إذ لا وجود للإجماع في حياته بما أن مصادر التشريع في عصره كانت محصورة في القرآن والسنّة.[123] وأخيرًا يجب أن يكون الاتفاق على حكم شرعي قابلاً للاجتهاد كالإجماع على أن أمرًا ما واجب أو حرام أو مندوب أو ما إلى ذلك. والإجماع نوعان:[123] الإجماع الصريح وهو أن يتفق المجتهدون في عصر من العصور على حكم شرعي في واقعة ما بإبداء كل منهم رأيه صراحة، والإجماع السكوتي وهو أن يتحدث بعض المجتهدين في عصر من العصور بحكم شرعي في واقعة ما ويعلم بذلك باقي المجتهدين في نفس العصر فيسكتون دون إبداء موافقة أو مخالفة صريحة.[123]

5. القياس: وهو إلحاق أمر غير منصوص على حكمه في القرآن أو السنّة أو الإجماع بأمر آخر منصوص على حكمه في القرآن أو السنّة أو الإجماع لاشتراكهما في علّة الحكم. ومن أمثلة القياس تحريم النبيذ قياسًا على تحريم الخمر، فقد ورد في سورة المائدة أن حكم الخمر هو التحريم وأن علّة التحريم هي الإسكار،[124] ونفس العلّة موجودة في النبيذ، لذا اتفق العلماء على أنه يأخذ حكم الخمر المنصوص عليه.

6. الاجتهاد: وهو تطوع أحد العلماء أو مجموعة من العلماء لاستنتاج حكم مسألة معينة لم يرد نص معين فيها؛ كالأمور الحديثة من التقنيات وغيرها. وقد اشترط العلماء شروطًا فيمن يحق له الاجتهاد.

المذاهب الفقهية منها ماهو فردي ومنها ماهو جماعي، والمذاهب الفردية يُقصد بها المذاهب التي تكونت من آراء وأقوال مجتهد أو فقيه واحد، ولم يكن لتلك المذاهب أتباع وتلاميذ يقومون بتدوينها ونشرها، فلم تُنقل إلى العصور اللاحقة بشكل كامل. أما المذاهب الفقهية الجماعية فيُقصد بها تلك المذاهب التي تكونت من آراء وأقوال الأئمة المجتهدين مضافًا إليها آراء تلاميذهم وأتباعهم، ثم أُطلق على هذه المذاهب أسماء هؤلاء الأئمة ونُسبت إليهم باعتبارهم المؤسسين لها، ولقد قام تلاميذ وأتباع هذه المذاهب الجماعية بنشرها وتدوينها مما ساعد على بقائها حتى الآن. ومن أشهر المذاهب الفقهية الباقية المذاهب الأربعة المعروفة وهي بحسب الترتيب التاريخي: المذهب الحنفي والمذهب المالكي والمذهب الشافعي والمذهب الحنبلي والمذهب الظاهري، وتُسمى هذه المذاهب بمذاهب أهل السنّة،[125] بالإضافة لمذاهب الشيعة كالمذهب الجعفري والمذهب الزيدي، وكذلك المذهب الأباضي.[126]

صاحب هذا المذهب هو الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت الملقب “بالإمام الأعظم”، فارسي الأصل؛[127][128] وُلد في الكوفة سنة 699م، الموافقة سنة 80هـ، ونشأ بها وتوفي ببغداد سنة 767م، الموافقة سنة 150هـ.[129] يتجه بعض المؤرخين والعلماء إلى القول أن أبو حنيفة يُعد من “التابعين” أي من الجيل الذي عاصر بعض صحابة النبي محمد، ذلك أنه نقل بعض الأحاديث من الصحابي أنس بن مالك شخصيًا، بالإضافة لعدد من الصحابة الآخرين،.[130]
بينما يقول مؤرخون آخرون أنه يعتبر من “تابعي التابعين”.[131]

يُعد أساس المنهج الاجتهادي لأبي حنيفة هو الأخذ بالقرآن، ثم بالسنّة النبوية الصحيحة، وبأقضية الخلفاء الراشدين وعامّة الصحابة، ثم اللجوء إلى القياس.[132] لكنه لم يكن يلتزم بآراء التابعين “فهم رجال ونحن رجال” كما يقول. كان أبو حنيفة متشددًا إلى أبعد الحدود في مسألة الحديث، فكان لا يقبل الحديث عن النبي محمد إلا إذا روته جماعة عن جماعة؛ أو كان حديثًا اتفق فقهاء الأمصار على العمل به؛ أو رواه واحد من الصحابة في جمع منهم فلم يخالفه أحد. كما أنه كان يرفض الأحاديث المقطوعة وأحاديث الآحاد، ويشترط في الحديث المتواتر أن يكون الراوي عرف المروي عنه، وعاشره وتيقن من أمانته.[132] وعلى الجملة كان أبو حنيفة يُفضل القياس على الحديث غير الموثوق، وتوسع في استعمال الرأي لاستنباط العلّة الجامعة بين المسائل المقاسة على بعضها البعض، فقال “بالاستحسان”، وهو أمر أوسع من القياس عملاً بالحديث النبوي: “ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن”، والمراد بذلك تحقيق المصالح المتنوعة في حدود الدين. وكان أبو حنيفة يأخذ بالأعراف التي لا تخالف نصًا من النصوص الشرعيّة ويوجب العمل بها، خصوصًا في مجال التجارة الذي كان له فيه خبرة واسعة. وبهذا قيل عن فقه أبي حنيفة أنه كان “يسير مع الحياة ويراعي مشاكلها المتنوعة”.

مؤسس هذا المذهب هو الإمام مالك بن أنس المُلقب “بشيخ الإسلام” و”حجة الجماعة”،[133] وُلد في المدينة المنورة سنة 711م، الموافقة سنة 96هـ، وتوفي سنة 795م الموافقة سنة 179هـ. يتمثل أساس التشريع عند مالك في القرآن والسنّة النبوية. وكان المحدثون في المدينة كثيرين ويعرف بعضهم بعضًا. لكن مالكًا لم يكن يرفض القياس، أي بناء الأحكام على نظائرها من التي أجمع عليها أهل المدينة، وما أثر من فتاوى الخلفاء الراشدين وسائر الصحابة شرط ألا يُخالف ذلك مصلحة متوافقة مع مقاصد الشريعة. وذهب مالك إلى القول بالمصالح المرسلة أو مبدأ “الاستصلاح” وهو قريب من مبدأ “الاستحسان”؛ وشرطه أيضًا أن تكون هذه المصالح متلائمة مع مقاصد الشريعة وأصولها. فالمراد بالاستصلاح تشريع الحكم في واقعة لا نص فيها ولا إجماع، مراعاة لمصلحة مرسلة غير مقيدة بنص يدل على إثباتها أو نفيها، فهو بهذا بديل عن القياس بحال كان الأخير مستحيلاً بسبب فقدان حكم الأصل المقاس عليه. وكان مالك يعتبر عمل أهل المدينة حجة تشريعية مقدمة على الخبر والقياس؛ وعندما يستغلق عليه أمر، كان يقول باللاأدريّة حتى لا يقع في حرام.[134] وأدّت به جرأته أحيانًا إلى صدام مع السلطة. فقد قال: “ليس على مستكره بيعة”؛ فاعتبر الخليفة أبو جعفر المنصور هذا الكلام طعنًا بخلافته. وقال أيضًا بعدم شرعية زواج المتعة، فاستعدى عليه بعض العبّاسيين.[135] يختلف أتباع المذهب المالكي في صلاتهم عن أتباع باقي المذاهب الإسلامية من حيث طريقة الوقوف ووضعية الأيدي.[136]

مؤسس هذا المذهب هو الإمام محمد بن إدريس الشافعي، وُلد في غزة سنة 767م،[137] الموافقة سنة 150هـ وتوفي سنة 820م الموافقة سنة 204هـ. لازم مالكًا في المدينة المنورة وحفظ كتاب الموطأ فعُرف في بغداد “بناصر الحديث”.[138] ولازم أيضًا أئمة العراق كالإمام “الشيباني”، وأخذ عنه فقه الرأي، ثم سافر إلى مصر، فانتشر مذهبه هناك وعُرف “بصاحب المذهبين”.[139]

وأساس التشريع عند الشافعي هو القرآن والسنّة النبوية.[132] ولا يشترط في الحديث أن يكون متواترًا؛ بل إنه يقبل أحاديث الآحاد، شرط أن يكون الرواة صادقين موثوقين، كما يقبل الشافعي بإجماع الصحابة وأهل المدينة، لكنه يُفضل إجماع علماء الأمة في كل الأمصار، لأنه أكثر ضمانة لوحدة الأمة ومصلحتها، وهذا ما يمكن تسمته بالإجماع الموسع. ويأتي بعد ذلك القياس ثم الاجتهاد إذا كان مبنيًا على قياس؛ لذلك أنكر الشافعي الاستحسان الذي يتجاوز القياس ويتأثر بالتالي بالعامل الذاتي. بل إنه يُفضل القياس على الاستحسان باعتباره أكثر ضمانة لشرعيّة الأحكام لاعتماده أحكام سابقة مبنية على أصل أو إجماع. فالعودة إلى الأصول أكثر تحقيقًا للعدالة الشرعية.[132] يختلف الشافعيّة في هيئة صلاتهم عن باقي المذاهب الأخرى من بعض النواحي، مثل وضعيّة الأيدي عند القيام والركوع، وإبقاء السبّابة مرتفعة حتى التسليم.[140]

صاحب هذا المذهب هو الإمام أحمد بن حنبل، وُلد سنة 780م الموافقة سنة 164هـ في بغداد،[141][142] وتوفي بها 12 ربيع الأول سنة 855م[143] الموافقة سنة 241هـ. هو تلميذ للشافعي؛ أخذ عنه ميله إلى الحديث. وُلد وعاش في العصر العبّاسي الذي كثر فيه الجدل الكلامي والفقهي، فرأى في ذلك الجدل انحرافًا عن الحقيقة الشرعيّة. وكانت مصنفات الحديث قد وضعت حدًا لظاهرة الوضع، فصار الاعتماد على الحديث أمرًا مضمونًا؛ فاعتمد أحمد بن حنبل عليه، وعُرف مذهبه بأنه محافظ.

اعتمد أحمد بن حنبل على الحديث، واعتبره كافيًا بصورة عامّة للتشريع بعد القرآن.[132] كما أنه يرجع إلى فتاوى الصحابة، وخصوصًا الخلفاء الراشدين شرط ألا تكون مخالفة لأي حديث. وكان يُقدم الحديث المرسل الضعيف الإسناد، وحديث الأحاد والحديث المقطوع على القياس. فهو لا يلجأ إلى القياس إلا نادرًا، لذلك اعتبره بعضهم رجل حديث لا رجل فقه.[132]

رأس هذا المذهب هو الإمام جعفر بن محمد الصادق. وُلد في المدينة المنورة سنة 702م الموافقة سنة 80هـ وتوفي فيها سنة 765م الموافقة سنة 148هـ ودُفن بالبقيع. اهتم بالفلسفة إلى جانب اهتمامه بالعلوم الدينية، فكان مرجعًا فقهيًا مميزًا.[144] حضر مجالسه كبار العلماء كأبي حنيفة ومالك،[145] وهو الإمام السادس في سلسلة الأئمة الاثني عشر.

يشبه المنهج الاجتهادي للإمام جعفر الصادق منهج علماء أهل السنّة في أمور أساسية، فهو يعتمد بالتدريج على القرآن والسنّة النبوية والإجماع ثم الاجتهاد. لكنه يضيف إلى ذلك أمرًا أساسيًا عند الشيعة، هو الاعتقاد بالإمامة وما يترتب عليه من تقييم للصحابة وفتاواهم وأحاديثهم واجتهاداتهم بحسب مواقفهم من آل البيت. ويترتب على المفهوم الشيعي للامامة القول بعصمة الإمام.[132] فكانت اجتهادات الإمام غير قابلة للطعن، لأنه معصوم عن الخطأ والنسيان والمعصية؛ بل إن أقواله واجتهاداته تدخل حكمًا في إطار السنّة. ولا يمكن لكل فرد أن يدرك معاني القرآن الباطنة؛ بل هذا أمر خاص بالأئمة فقط، لأن اجتهاداتهم أكثر مطابقة من غيرها لمقاصد الشريعة. وتتشدد الشيعة كثيرًا في مسألة القياس، فلا يُقبل القياس ما لم يكن الحكم المقاس عليه معللاً بعلة منصوص عليها. أما القياس المفتقر لعلّة منصوص عليها فيصبح رأيًا، والفقه بالرأي مرفوض، لأنه فعل إنساني ليس فيه ضمانة شرعيّة. ويأخذ الفقه الجعفري بالإجماع شرط أن يكون صادرًا عن أئمة الشيعة. أما إجماع عامّة الصحابة فلا يكون حجة إلا إذا كان الإمام الأول للشيعة علي بن أبي طالب طرفًا فيه. فالإجماع من حق الأئمة المعصومين، أما الإجماع العام فهو مرفوض، لأنه أيضًا لا يوفر ضمانة شرعيّة. وإلى ذلك لا بد من الاجتهاد واللجوء إلى العقل الصرف عند عدم وجود نص من قرآن أو سنّة أو إجماع الأئمة وذلك لتأمين مصلحة المسلمين، وهذا نوع من الاستصلاح. لكن الاجتهاد ليس لكل الناس، فهو أولاً وأساسًا للأئمة المعصومين ومن ثم لفضلاء العلماء المجتهدين، شرط ألا يخالفوا باجتهاداتهم ما جاء به الإمام المعصوم. والإمام حاضر للظهور إذا أخطأ المجتهدون لكي يسدد خطاهم ولتبقى الأمة على الطريق المستقيم.[132]

تُعتبر المذاهب الخمسة سالفة الذكر أكثر المذاهب الإسلامية انتشارًا، ويوجد إلى جانبها بضعة مذاهب أخرى أقل انتشارًا وأخرى مندثرة. ومن هذه المذاهب: المذهب الزيدي ومؤسسة الإمام زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب المولود سنة 80هـ والمقتول سنة 122هـ.[146] والمذهب الزيدي قريب في أحكامه الفقهية من مذاهب أهل السنّة وخاصة المذهب الحنفي،[147] والسبب في هذا التقارب هو احتكاك زيد بفقهاء العراق وأخذه عنهم وأخذهم عنه وبخاصة إمام مدرسة الرأي أبو حنيفة النعمان. ويُعتبر القرآن أول مصادر استنباط الأحكام عند الزيديّة ويليه السنّة النبوية، ولم يقتصر الفقه الزيدي على روايات أهل البيت في الحديث بل تلقى بالقبول روايات غيرهم من الصحابة، مع ملاحظة اقتصار علمائهم على مرويات رجالهم وأئمتهم في بعض المسائل التي تتصل وأصل مذهبهم كما هو الحال بالنسبة لمسألة الإمامة.[148] كما اعتمدوا على الاجتهاد بالرأي، فمن أصولهم اشتراط الاجتهاد في الأئمة وهم يوجبون الاجتهاد على المسلمين، فإن عجز المسلم عن الاجتهاد جاز له التقليد، وتقليد أهل البيت أولى من تقليد غيرهم، كما أخذوا أيضًا بالاستصحاب والمصالح المرسلة. ومن أشهر كتب زيد: كتاب المجموع الفقهي الكبير وكتاب الجماعة والقلة.[148]

أيضًا هناك المذهب الأباضي ومؤسسه الإمام جابر بن زيد الأزدي، وهذا المذهب قريب من مذاهب أهل السنّة ولا تكاد تختلف مصادر أئمته في استنباط الأحكام عن مصادر مذاهب أهل السنّة في الجملة، ولهذا لا يوجد بينهم وبين أهل السنّة خلاف إلا في بعض الأحكام منها إجازة الوصية للوارث والقول بالوصية الواجبة، وغيرها.[149] بالإضافة إلى ذلك هناك ثلاثة من القضايا لهم فيها قول. قضية إنكار رؤية الله بالآخرة والقول بخلق القرآن والاعتقاد بالخلود بالنار للفساق ان لم يتب. وقد تم ايضاح ذلك كله في كتاب الحق الدامغ لمؤلفه لأحمد بن حمد الخليلي. كذلك هناك المذهب الظاهري الذي أسسه الإمام داود بن علي بن خلف الأصفهاني، والمشهور بداود الظاهري لتمسكه بظواهر نصوص الكتاب والسنّة في استنباط الأحكام. وقد كان الظاهري في البداية شافعي المذهب لكنه اتخذ لنفسه بعد ذلك مذهبًا خاصًا نهج فيه الأخذ بظواهر النصوص ونفى القياس إلا إذا كان منصوص العلّة ووجدت هذه العلّة في الفرع، ويرى الظاهري أن في عموميات الكتاب والسنّة النبوية ما يفي بأحكام الشريعة. وقد برز في وقت لاحق عالم آخر قام بتدوين المذهب ونشره وبيانه فأطلق عليه لقب المؤسس الثاني للمذهب الظاهري، وهذا الإمام هو ابن حزم الأندلسي.[149] وأصول المذهب الظاهري في استنباط الأحكام هي القرآن ثم السنّة النبوية، ويُعتبر هذا المذهب من أكثر المذاهب توسعًا في العمل بالسنّة، ثم الإجماع، ولكن كان مفهوم الإجماع عند الظاهري مقصور فقط على إجماع الصحابة دون غيرهم، وكان المذهب الظاهري لا يأخذ بالقياس وأنكر العمل به وبالرأي إلا في حالة الضرورة عندما لا تسعفه النصوص، وكان يُسمي ذلك استدلالاً أو دليلاً. كما لم يأخذ بالاستحسان ولا بسد الذرائع ولا المصالح المرسلة. وللإمام الظاهري مصنفات كثيرة منها: كتاب إبطال القياس وكتاب إبطال التقليد.[149]

ومن المذاهب التي لم يُكتب لها البقاء، المذهب الأوزاعي الذي تأسس على يديّ الإمام أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو بن يُحْمَد الأَوْزَاعِيُّ المولود في مدينة بعلبك بلبنان سنة 707م الموافقة سنة 88هـ والمتوفى في بيروت سنة 774م الموافقة سنة 157هـ.[150] كان الأوزاعي أحد أهم الفقهاء الذين أثروا في مسيرة الفقه الإسلامي في بلاد الشام والأندلس خصوصًا، حيث بقي أهل دمشق وما حولها من البلاد على مذهبه نحوًا من مائتين وعشرين سنة.[151] ثم انتقل مذهبه إلى الأندلس وانتشر هناك فترة، ثم ضعف أمره في الشام أمام مذهب الشافعي، وضعف في الأندلس أيضًا أمام مذهب مالك الذي وجد أنصارًا وتلاميذ في الأندلس، بينما لم يجد مذهب الأَوْزَاعِيِّ الأنصار والتلاميذ.[152] وكذلك كان الحال بالنسبة لمذهب الإمام الليث بن سعد المصري.[153]

جرت العادة على تقسيم تاريخ الإسلام إلى عهود الخلافة المتنوعة التي مرّت على الدول الإسلامية والأسر الحاكمة التي حكمتها. وبطبيعة الحال يبدأ تاريخ الإسلام منذ عهد النبي محمد، ويُطلق على تلك المرحلة تسمية “العصر النبوي” أو “صدر الإسلام”، وفيها بدأت الدعوة الإسلامية بين العرب وانتشر الدين الجديد شيءًا فشيئًا حتى اعتنقه أغلب سكان شبه الجزيرة العربية.[154][155] وبعد وفاة محمد تولّى شئون المسلمين 4 من كبار الصحابة هم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطّاب وعثمان بن عفّان وعليّ بن أبي طالب، وعُرفوا بالخلفاء الراشدين،[156] وفي عهدهم بدأ التوسع الإسلامي خارج شبه الجزيرة العربية. وبعد عهد الخلفاء الراشدين جاء العهد الأموي أو العصر الأموي الذي استفرد فيه بنو أميّة بالخلافة وفيه استمر التوسع الإسلامي حتى بلغ شبه الجزيرة الأيبيرية،[157] وفي أواخر هذا العصر ثار بنو العبّاس بن عبد المطلب عمّ النبي محمد على الحكم وخلعوا الأمويين واستفردوا بالحكم فعُرفت هذه الفترة باسم “العصر العبّاسي”،[158] وفيها بلغت الحضارة الإسلامية أوج تقدمها وازدهارها وتقدمت فيها العلوم والآداب تقدمًا لم تعرفه العرب من قبل فعُرف هذا العصر أيضًا “بالعصر الذهبي للإسلام”،[159] وفي أواخره دبّ الضعف إلى جسم الدولة وتراجعت هيبة الخلافة لأسباب مختلفة،[160] فما كان إلا أن استفرد عدد من الحكام بأقاليم مختلفة ودعوا لنفسهم مثل الطولونيين والإخشيديين والحمدانيين والفاطميين والسلجوقيين، ثم حلت ثالثة الأثافي بالمسلمين؛ فكانت الحروب الصليبية، حيث شنّت الممالك الأوروبية الغربيّة حملة على بلاد الشام للاستيلاء على مدينة القدس من أيدي المسلمين، فتمكنت من ذلك وبقي الصليبيون في الأراضي المقدسة مئة وأربعًا وتسعين سنة.[161][162]

وخلال هذه الفترة قامت بضع دول إسلامية استمرت بقتال الصليبيين واسترجعت منهم بعض المدن والقلاع أحيانًا وفقدتها لصالحهم في أوقات أخرى مثل دولة الأتابكة والأيوبيين،[163] قبل أن تقوم دولة المماليك في مصر وتهزم الصليبيين وتردهم على أعقابهم وتسترجع كامل بلاد الشام. وخلال هذه الفترة كان المغول بقيادة هولاكو خان قد غزوا عاصمة الخلافة بغداد وأمعنوا فيها تدميرًا وخرابًا،[159] فنقل الخلفاء العباسيون مقرهم إلى مدينة القاهرة إلا أن خلافتهم كانت قد أصبحت خلافة صورية ذلك أن سلاطين المماليك كانوا قد أصبحوا سادة الموقف بحق.[164] وبعد ذلك لم يعد للمسلمين دولة قويّة توحدهم كما كان الحال في بداية العهد العبّاسي، إلى أن ظهرت الدولة العثمانية على يد السلطان عثمان الأول،[165] فقد قام خلفاؤه بالاستيلاء على عدد من الدول التي لم يسبق للمسلمين فتحها، كدول البلقان، ونشر الإسلام فيها، وفي عهد سابع سلاطين هذه الدولة، محمد الثاني، افتتحت القسطنطينية بعد محاولات عديدة فاشلة خلال الأزمنة السابقة،[166] وفي سنة 1516 فتح حفيد السلطان سالف الذكر، سليم الأول، بلاد الشام ومصر وقضى على السلطنة المملوكية وجعل آخر خلفاء بني العبّاس يتنازل له عن الخلافة، فأصبح بنو عثمان بذلك خلفاء المسلمين طيلة 408 سنوات،[167] وعُرف هذا العصر “بالعصر العثماني”، وفيه برزت بضع دول إسلامية في إيران وما ورائها مثل الدولة التيمورية والدولة الصفوية والدولة الهوتكيانية. وبعد انهيار الدولة العثمانية تفرّق شمل المسلمين وقامت عدّة دول مستقلة يجمعها رابط اللغة أو الثقافة أو الأخوّة دون أن تكون موحدة فعلاً.

نشأ الدين الإسلامي على يد محمّد بن عبد الله بن عبد المطلب من بني هاشم، أحد فروع قبيلة قريش العربية العريقة. كان محمد، وفقًا للمصادر الإسلامية، حنيفيًا قبل الإسلام يعبد الله على ملة إبراهيم ويرفض عبادة الأوثان والممارسات الوثنية.[168] وكان يذهب إلى غار حراء في جبل النور على بعد نحو ميلين من مكة فيأخذ معه السويق والماء فيقيم فيه شهر رمضان،[169] وكان يختلي فيه ويقضي وقته في التفكر والتأمل. يؤمن المسلمون أن الوحي نزل لأول مرّة على محمد وهو في غار حراء، حيث جاءه الملاك جبريل، فقال: “اقرأ”، قال: “ما أنا بقارئ” – أي لا أعرف القراءة، قال: “فأخذني فغطَّني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني” فقال: “اقرأ”، قلت: “ما أنا بقارئ”، قال : “فأخذني فغطَّني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني” فقال: “اقرأ”، فقلت: “ما أنا بقارئ، فأخذني فغطَّني الثالثة، ثـم أرسلني”، فقال:  اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ  خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ  اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ  الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ  عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ  ، فأدرك محمد أن عليه أن يعيد وراء جبريل هذه الكلمات، ورجع بها يرجف فؤاده، فدخل على زوجته خديجة بنت خويلد، فقال: “زَمِّلُونى زملوني”، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، ثم أخبر زوجته بما حصل معه، فانطلقت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل وكان حبرًا مسيحيًا يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية، وكان شيخًا كبيرًا فأخبره خبر ما رأى، فقال له ورقة: “هذا الناموس الذي أنزله الله على موسى”. ويؤمن المسلمون أن جبريل آتى محمدًا مرة أخرى جالسًا على كرسي بين السماء والأرض، ففر منه رعبًا حتى هوى إلى الأرض، فذهب إلى زوجه خديجة فقال: “دثروني، دثروني، وصبوا علي ماءً باردًا”، فنزلت سورة المدثر:  يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ  قُمْ فَأَنْذِرْ  وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ  وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ  وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ  ، وهذه الآيات هي بداية رسالته ثم بدأ الوحي ينزل ويتتابع لمدة ثلاثة وعشرين عاماً حتى وفاته.[170] أعلن محمد رسالته إلى أسرته سرًا، فكان ممن سبق إلى الإسلام زوجته خديجة بنت خويلد، وابن عمه علي بن أبي طالب، وصديقه المقرّب أبو بكر، وأخذ محمد يدعو إلى ترك عبادة الأصنام وعبادة إله واحد لا شريك له والإيمان بالآخرة، ولكنه ما كاد يجهر بالدعوة حتى سخرت منه قبيلته قريش، وآذته أشد الإيذاء، وعذّبت أتباعه من المستضعفين، فأخبرهم محمد أن الله أذن لهم بالهجرة إلى الحبشة، فخرج قرابة 80 منهم وضموا عثمان بن عفان ومعه زوجته رقية بنت محمد، وحاطب بن أبي بلتعة اللخمي وجعفر بن أبي طالب.[171] فأمّن نجاشي الحبشة “أصحمة بن أبحر النجاشي” المسلمين على أرواحهم وأعطاهم حرية البقاء في بلاده، فبقي منهم من بقي في شتى أنحاء القرن الإفريقي عاملاً على نشر الدين الإسلامي هناك.

وزاد في حرج موقف النبي محمد وأتباعه في مكة وفاة عمّه أبي طالب ووفاة زوجته خديجة، فخسر بفقدهما مساعدين قويين، وهكذا اشتد اضطهاد قريش للمسلمين من أتباع محمد، الذين كانوا يتحملون الاضطهاد صابرين، عندئذ لم يجد النبي بدًا من أن يأمر المسلمين بالهجرة سرًا من مكة إلى مدينة يثرب، وكان نحوٌ من سبعين رجلاً من أهلها قد آمنوا برسالته في إحدى زياراتهم لمكة.[172] وما لبث محمد أن لحق بأتباعه إلى يثرب يرافقه أبو بكر، وعندما وصلها قابله أهلها بتحية النبوّة وسُميت “المدينة المنورة”. وأخذ عدد المسلمين يتكاثر شيءًا فشيئًا، إلى أن استطاعوا أن يواجهوا أهل مكة في ساحات المعارك، فكانت غزوة بدر بتاريخ 17 مارس سنة 624م، الموافق في 17 رمضان سنة اثنتين للهجرة. وانتصر جيش المسلمين وقُتِل من المكيين حوالي 70 قتيلا منهم أبو جهل عمرو بن هشام المخزومي القرشي سيد قبيلة قريش، في حين قتل من المسلمين ما لا يتجاوز أربعة عشر شخصًا. ذلك بالرغم من التفوق العددي لجيش مكة.[173] كما تم أسر 70 فردًا من قوات جيش مكة، وأُطلق سراح الكثير منهم لاحقًا مقابل فدية.[174][175] وقد أثارت الهزيمة أهل مكة فجمعوا جموعهم في العام التالي، والتقوا بالمسلمين عند جبل أحد وكرّوا عليهم وهزموهم. قُتل عدد كبير من المسلمين في هذه المعركة من ضمنهم حمزة بن عبد المطلب عم محمد الذي يلقبه المسلمون السنّة “سيد الشهداء”.[176][177][178] وبعد معركة أحد أقدم أبو سفيان على حشد جيش كبير، وتوجه به نحو المدينة المنورة قاصدًا احتلالها. أعد محمد كذلك جيشًا كبيرًا لمواجهة الغزو، واستخدم أسلوبًا جديدًا لم يكن معروفًا في شبه جزيرة العرب في ذلك الحين، حيث أخذ بمشورة سلمان الفارسي وقام بحفر خندق حول المدينة وأضرم فيه النيران. حينما وصل تحالف العرب إلى المدينة يوم 31 مارس سنة 627م فوجئوا بالخندق فقرروا محاصرة المدينة. استمر الحصار لمدة أسبوعين،[179] بعدها قرر المحاصرون العودة إلى ديارهم.[180] وفي العام التالي أبرم محمد معاهدة سلام مع المكيين عُرفت بصلح الحديبية، واتفقوا أن تسري مفاعيلها طيلة عشر سنوات.[181]

توّجه المسلمون إلى خيبر بعد أن أراحوا بالهم من جهة المكيين، وكانوا ألف وست مئة مقاتل، في مطلع ربيع الأول من العام السابع الهجري، وأحاط محمد تحركه بسرية كاملة لمفاجأة اليهود. فوصل منطقة تدعى الرجيع تفصل بين خيبر وغطفان وفي الظلام حاصر المسلمون حصون خيبر واتخذوا مواقعهم بين أشجار النخيل. وفي الصباح بدأت المعارك، حتى سقطت آخر حصونهم على يد سرية بقيادة علي بن أبي طالب. فاتفق معهم محمد على أن يعطوه نصف محصولهم كل عام على أن يبقيهم في أراضيهم.[182][183] كما بعث محمد في تلك السنة رسائل إلى العديد من حكام الدول المجاورة، داعيًا إياهم إلى اعتناق الإسلام.[171] فأرسل رسله إلى هرقل إمبراطور الإمبراطورية البيزنطية، وكسرى شاه فارس، والمقوقس عامل الروم في مصر، وبعض البلدان الأخرى.[184][185] وفي السنوات التي أعقبت صلح الحديبية، أرسل محمد قواته إلى الشمال فالتقوا مع القوات البيزنطية في غزوة مؤتة، لكنهم انهزموا بسبب الفارق العددي الكبير.[186] وبعد مضيّ ثماني سنوات على هجرة النبي محمد من مكة، استطاع أن يعود إليها فاتحًا دون قتال،[187] وأعلن عفوًا عامًا عن كل أهل مكة، باستثناء عشرة منهم ممن قاموا بنظم الشعر لهجائه،[188] فسارع أهلها إلى الانضواء تحت لوائه واعتناق الإسلام دينًا، ثم أقدم على تدمير جميع تماثيل الآلهة العربية بداخل الكعبة وحولها.[189][190] وأمر بلال بن رباح الحبشي، أحد الصحابة وأول مؤذن في الإسلام، أن يصعد الكعبة ويؤذن بالصلاة.

وعاش النبي محمد سنتين بعد فتح مكة، وفي السنة العاشرة للهجرة خرج للحج في أكثر من مئة ألف من المسلمين. وعند جبل عرفات ألقى عليهم خطبته التي تعتبر دستور الإسلام، فقد بيّن فيها أسس الإسلام ومبادئه، ونادى بالمساواة بين الناس، لا فرق في ذلك بين العبد الحبشي والحر العربي، وقرأ عليهم آخر ما نزل من القرآن: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾ ولم يمض على حجة الوداع ثلاثة أشهر حتى مرض النبي محمد بالحمّى، فلمّا رأى الأنصار اشتداد المرض عليه أحاطوا بالمسجد، فخرج متوكئًا على علي والعبّاس والفضل أمامهما،[191] فجلس في أسفل مرقاه من المنبر وقال للناس أنه ملاق ربه لا محال، فلم يسبق لنبي قبله أن خلد في قومه حتى يخلد فيهم، وبعد أن أوصى المسلمين بالمهاجرين والأنصار خيرًا، توفي النبي محمد يوم 8 يونيو سنة 632م، الموافق في 12 ربيع الأول سنة 11 هـ، وهو في الثالثة والستين من عمره،[192] ودُفن ببيت زوجته عائشة بجانب المسجد النبوي،[193] وفي هذا الوقت كان الإسلام قد انتشر في شبه الجزيرة العربية بالكامل.[73]

بعد وفاة محمد اختلف أتباعه على هوية الشخص الذي سيخلفه في الحكم،[155] حيث اجتمع جماعة من المسلمين في سقيفة بني ساعدة، فرشّح سعد بن عبادة نفسه وأيده في ذلك الأنصار، في حين رشح عمر بن الخطاب أبا بكر الصديق مؤكدًا على أحقية المهاجرين في الخلافة.[194] ولقي هذا الترشيح تأييد المسلمين ممن كانوا في السقيفة، في حين اعترض عليه لاحقًا مجموعة من المسلمين كانوا منشغلين بتجهيز جثمان محمد ودفنه؛ متمسكين بعلي بن أبي طالب كخليفة نظرًا لقرابته ومكانته من محمد، ويضيف بعض المؤرخين لهذة الأسباب مبايعة المسلمين له في غدير خم. بعد استقرار الأمر لأبي بكر في المدينة، عمل على حمايتها ومحاربة بعض القبائل التي ارتدت عن الإسلام بعد وفاة النبي، وفي أيامه كان ظهور مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة، فأرسل إليه من حاربه وقتله،[195] وعُرفت هذه الحروب “بحروب الردة”،[196] وكذلك ادعت سجاح بنت الحارث النبوة وبقيت على ذلك إلى خلافة معاوية بن أبي سفيان فأسلمت وحسن إسلامها. ولم يكد أبو بكر يفرغ من قتال المرتدين حتى وجّه جيوشه لفتح البلاد الواقعة خارج شبه الجزيرة العربية، فوجّه عدّة جيوش إلى بلاد الشام، وولّى عليها كلها أبا عبيدة بن الجراح،[197] وكان منها سرية كان قد أعدها محمد قبل مماته بقيادة أسامة بن زيد لمحاربة الروم رغم اعتراض البعض لصغر سن قائدها.[198] وكان أول اصطدام هو الذي وقع في وادي عربة جنوبي البحر الميت، فانتصرت فيه الحملة العربية بقيادة يزيد على قوّات البيزنطيين التي تراجعت نحو غزة. ولمّا بلغت هرقل، إمبراطور الروم، أنباء المعارك الأولى التي خاضتها القوات العربية في الشام، أسرع إلى الجنوب حيث نظّم خطة الدفاع، وولّى أخاه ثيودورس قائدًا على جيش الروم، فأرسل أبو بكر إلى خالد بن الوليد الذي كان يُقاتل الفرس في العراق يطلب إليه أن يسرع إلى نجدة القوات العربية في الشام، فلبّى خالد طلبه بعد أن كانت مدينة الحيرة قد استسلمت له، فكانت بذلك أول غنيمة نالها المسلمون خارج شبه الجزيرة العربية. ما كاد خالد يبلغ بصرى حتى اجتمع قوّاد القوات العربية وأمروه عليهم،[197][199] فرتب الجيش ترتيبًا جديدًا، وبدأت الغارات المنظمة على مدن الشام. وبتاريخ 8 أغسطس سنة 634م، مرض أبو بكر مرضًا شديدًا، فأدرك دنوّ أجله وأقدم على إعلان خلافة عمر بن الخطاب كي لا يصبح هناك شقاق بين المسلمين بعد وفاته، على الرغم من أن الجدال كان قائمًا عما إذا كان ينبغي أن يتولى علي بن أبي طالب الخلافة أم لا.[200] توفي أبو بكر يوم الإثنين في 23 أغسطس من نفس السنة ودُفن إلى جانب النبي محمد.

تولّى عمر بن الخطاب الخلافة بعد وفاة أبو بكر، فتابع الفتوحات التي بدأها المسلمون في عصر سلفه، فسقطت مدينة بصرى ثم تبعتها فحل على ضفة الأردن الشرقية. وبعد حصار ستة أشهر استسلمت دمشق بعد أن غادرتها حاميتها البيزنطية. وقد أعطى خالد بن الوليد أهل دمشق أمانًا على أنفسهم وأولادهم وأموالهم وكنائسهم وبيوتهم ما داموا يؤدون الجزية. ودخلت القوى العربية حمص وحماة، ولكن أنباء الحشد الكبير الذي أعده هرقل، بقيادة أخيه ثيودورس في فلسطين، والذي قيل أنه وصل في تعداده إلى 100,000 رجل،[201] جعلت خالدًا يتخلّى عن بعض المدن الشاميّة ليواجه جيش الروم في وقعة حاسمة، فانحدر إلى وادي اليرموك الذي يصب نهره في الأردن، وجمع جيوشه كلها وعسكر بها على مرتفع جنوبيّ النهر،[202] فكان النهر فاصلاً بين جيوشه وبين الروم، فإذا هاجمها العدوّ استطاعت أن تنجو بنفسها إلى الصحراء التي تمتد ورائها، فيتعذر على الروم اللحاق بها. ولكن ما أن انجلى غبار المعركة الكبرى التي نشبت بين الفريقين حتى ظهرت هزيمة البيزنطيين في فرار عدد من كتائب الجيش وفي كثرة الجرحى والقتلى. وكان من بين القتلى ثيودورس نفسه.[203] وفي الوقت نفسه توجهت قوة عربية بقيادة أبي عبيدة بن الجرّاح إلى سهل البقاع، ورابطت خارج أسوار بعلبك، وبعد حصار طويل وقتال شديد استسلمت الحامية البيزنطية في المدينة. وتوجهت قوة عربية أخرى بقيادة يزيد بن أبي سفيان إلى سواحل لبنان، فتم الاستيلاء على صور وصيدا وبيروت وجبيل وعرقة صلحًا.[204]

كانت الحملة العربية في العراق بقيادة سعد بن أبي وقّاص تُنازل جيش الفرس بقيادة القائد رستم فرخزاد، في معركة القادسية قرب الحيرة. وكانت النتيجة أن قُتل رستم وتشتت الجيش الفارسي ومضى سعد بجيشه إلى المدائن عاصمة الفرس، فدخلها بعد أن فرّ منها يزدجرد الثالث آخر الأكاسرة الساسانيين، مع فلول من الجيش، ولكن سعدًا طاردهم من مدينة إلى مدينة حتى اشتبك معهم في آخر واقعة كبيرة وهي معركة نهاوند.[205] وكانت مقاومة الفرس أشد من مقاومة الروم في الشام، فكثرت المعارك، وكثرت الضحايا، ولم يتم فتح فارس إلا عام 640م.[206] وكان العرب قد اتخذوا الكوفة معسكرًا يوجهون منه القوّات لإخضاع الفرس الذين كانت تتجدد مقاومتهم، حتى تم إخضاع الأقاليم الشرقية كخراسان ومنها تقدموا إلى ما وراء النهر وفتحوا بعد ذلك أذربيجان وأرمينيا وكامل القوقاز. وانطلق عمرو بن العاص من القدس إلى مصر، بعد أن شاور الخليفة،[207] سالكًا الطريق التي سلكها قبله قمبيز والإسكندر الأكبر. واصطدمت القوة العربية بالروم في مدينة الفرماء، مدخل مصر الشرقية، فسقطت المدينة بيد عمرو، ثم تبعتها بلبيس. وكان المقوقس، عامل الروم على مصر، قد تحصن بحصن إزاء جزيرة الروضة على النيل، ورابط عمرو في عين شمس.[208] ولما وصلت الإمدادات من الخليفة عمر، تقاتل الفريقان في منتصف الطريق بين المعسكرين،[209] فانهزم المقوقس واحتمى بالحصن، ولمّا ضيّق عمرو عليه الحصار اضطر إلى القبول بدفع الجزية.[210] وتابع عمرو استيلائه على المدن المصرية، ولم يبق إلا الإسكندرية قصبة الديار المصرية وثانية حواجز الإمبراطورية البيزنطية. وكان الاسطول البيزنطي يحميها من البحر، ولكن شدّة الغارات البريّة العربية، وموت هرقل وارتقاء ابنه قسطنطين الثاني عرش الإمبراطورية وكان حديث السن، جعلت الروم يوافقون على شروط الصلح، فجلت قواتهم وأسطولهم عن المدينة ودخلها المسلمين فاتحين، وأطلقوا الحرية الدينية للأقباط وأمّنوهم على ممتلكاتهم وأرواحهم.[211] وبتاريخ 1 نوفمبر سنة 644م، الموافق في 24 ذي الحجة سنة 23هـ، طُعن عمر بن الخطاب على يد أبو لؤلؤة الفارسي وهو يُصلي،[212] ولم يلبث طويلاً حتى فارق الحياة في 7 نوفمبر من نفس السنة، ودُفن إلى جانب النبي محمد وأبي بكر. وكان عمر أوّل من حمل لقب “أمير المؤمنين”، وبلغ عدد المدن التي افتتحت في خلافته حوالي 4050 مدينة،[213] وفي عهده دوّنت الدواوين وأُنشئ البريد ووُضع التاريخ الهجري.

وبعد عمر بن الخطاب بويع عثمان بن عفّان خليفة للمسلمين،[214][215] وأشهر ما حدث في خلافته فتح شمال أفريقيا وغزو سواحل شبه الجزيرة الأيبيرية وجزيرة قبرص ونسخ القرآن الذي جُمع في خلافة أبي بكر وإرسال نسخ منه إلى جميع البلدان المفتوحة حديثًا وحرق ما سواه من النسخ. وفي عهد عثمان بدت بوادر الانشقاق بين الهاشميين وبنو أميّة، ذلك أن عثمانًا أوكل بعض الأمور إلى نفر من أهله وأقاربه، فعزل أغلب الولاة وولّى الكوفة الوليد بن عقبة، وكان أخاه من أمه؛ وعزل عمرو بن العاص عن مصر وولاها عبد الله بن أبي السرح العامري، وكان أخا عثمان من الرضاعة؛ وعزل أبا موسى الأشعري عن البصرة وولاها ابن خاله عبد الله بن عامر، فنقم عليه كثير من الناس وأتت المدينة المنورة وفود من مصر والكوفة والعراق وحاصروا مقر الخليفة،[216] فدافع عنه بعض الصحابة مثل محمد بن أبي بكر والحسن والحسين ابنيّ علي بن أبي طالب وعبد الله بن الزبير،[217] ولكنهم لم يتمكنوا من حمايته فقُتل على يد الثوّار في داره بتاريخ 17 يوليو سنة 656م، الموافق في 18 ذي الحجة سنة 35هـ،[218] ودُفن في مقبرة البقيع.[معلومة 5]

بعد مقتل عثمان حصلت البيعة لعليّ بن أبي طالب،[219] فبايعه جميع من كان في المدينة من الصحابة والتابعين والثوّار. يروى إنه كان كارهًا للخلافة في البداية واقترح أن يكون وزيرًا أو مستشارًا إلا أن بعض الصحابة حاولوا إقناعه فضلا عن تأييد الثوار له،[220][221] ويروي ابن خلدون والطبري أنه قبل خشية حدوث شقاق بين المسلمين.[219][222] ومنذ اللحظة الأولى في خلافته أعلن علي أنه سيطبق مبادئ الإسلام وترسيخ العدل والمساواة بين الجميع بلا تفضيل أو تمييز، كما صرح بأنه سيسترجع كل الأموال التي اقتطعها عثمان لأقاربه والمقربين له من بيت المال،[223][224][225] فأقدم في سنة 36 هـ على عزل الولاة الذين عينهم عثمان وتعيين ولاة آخرين يثق بهم، مخالفًا بذلك نصيحة بعض الصحابة مثل ابن عباس والمغيرة بن شعبة الذين نصحوه بالتروي في اتخاذ القرار.[222] وبعد بضعة أشهر من استلامه الحكم، طالبت عائشة بنت أبي بكر وزوجة النبي محمد، طالبت الأخذ بثأر عثمان، وانضم إليها طلحة والزبير بن العوام وساروا ومن تبعهم إلى البصرة للاستيلاء عليها،[222][226] فلحقهم علي وحصلت بين الفريقين معركة الجمل المشهورة، فانتصر علي ومن معه وقُتل طلحة وولى الزبير ومن بقي معه إلى المدينة، وأرسل علي عائشة إلى المدينة مع أخاها محمد بن أبي بكر، وبذلك انتهت الفتنة في هذه الجهة. ثم جمع علي جيوشه لقتال معاوية بن أبي سفيان والي بلاد الشام لامتناعه عن مبايعته ومطالبته بأخذ ثأر عثمان،[225] فوقعت بين الفريقين معركة صفين الشهيرة، وبعدها اتفق علي مع معاوية أن يعين كل منهما حكمًا من طرفه ليفصلا الخلاف، وتهادنا على ذلك وحررا به عهدًا بين أبي موسى الأشعري بالنيابة عن علي وعمرو بن العاص بالنيابة عن معاوية، واجتمع الحكمان لإيجاد حل للنزاع، فدار بينهما جدال طويل، واتفقا في النهاية على خلع معاوية وعلي وترك الأمر للمسلمين لاختيار الخليفة. خرج الحكمان للناس لإعلان النتيجة التي توصلا إليها، فأعلن أبي موسى الأشعري خلع علي ومعاوية، لكن عمرو بن العاص أعلن خلع علي وتثبيت معاوية.[222][227] بعد حادثة التحكيم عاد القتال من جديد واستطاع معاوية أن يحقق بعض الانتصارات وضم عمرو بن العاص مصر بالإضافة إلى الشام وقتل واليها محمد بن أبي بكر. ورغم أن علي لم يقم بأي فتوحات طوال فترة حكمه إلا أنها اتصفت بالكثير من المنجزات المدنية والحضارية منها تنظيم الشرطة وإنشاء مراكز متخصصة لخدمة العامة كدار المظالم ومربد الضوال وبناء السجون.[228][229] وأمر أبا الأسود الدؤلي الكناني بتشكيل حروف القرآن لأول مرة.[230][231]

وبتاريخ 24 يناير سنة 661م، الموافق في 17 رمضان سنة 40هـ، كان علي يؤم المسلمين بصلاة الفجر في مسجد الكوفة، وأثناء الصلاة ضربه عبد الرحمن بن ملجم بسيف مسموم على رأسه، وتقول بعض الروايات أن علي بن أبي طالب كان في الطريق إلى المسجد حين قتله بن ملجم،[232][233] فحُمل إلى بيته وجيء له بالأطباء الذين عجزوا عن معالجته فتوفي بعدها بثلاثة أيام، تحديدًا ليلة 21 رمضان سنة 40 هـ عن عمر يناهز 64 سنة حسب بعض الأقوال.[232] واختُلف في المحل الذي دُفن فيه.[234]

وبعد قتل الإمام علي رابع الخلفاء الراشدين، بويع لابنه الحسن في العراق والحجاز وتهامة واليمن وباقي البلاد الإسلامية ما عدا الشام ومصر.[235] فجمع معاوية جيشًا لمحاربته واستعد الحسن كذلك للقتال،[236] لكن ثارت الفتنة بين جنوده وانسحب كثير ممن كان حوله.[237] فلما رأى ذلك كتب إلى معاوية أنه مستعد للتنازل إليه عن حقه في الخلافة بشرط أن يعطيه ما في بيت مال الكوفة وخراج ولاية دارابجرد الفارسية وأن لا يسب عليًا ولا يجعل الخلافة وراثية في عائلته،[238] وأن تعود الخلافة إليه أو إلى أخيه الحسين بحال وفاة معاوية، وذلك وفق المصادر الشيعية.[239] وبعد ذلك تنازل الحسن لمعاوية وكتب إلى قيس بن سعد قائد جيوشه بأن يُبايع معاوية، فدخل الأخير الكوفة وصارت له الخلافة على جميع الأقاليم بدون مشارك أو منازع، فكان مؤسس السلالة الأموية.[240] اتخذ معاوية بعد ذلك من مدينة دمشق عاصمة له فأصبحت في عهده محور النشاط السياسي والاجتماعي للدولة الإسلامية. أما الحسن بن علي فقد عاد إلى المدينة المنورة وأقام بها إلى أن توفي حوالي السادس من مارس سنة 670م، الموافق في 7[241] أو 28 صفر سنة 50هـ[242] ودُفن في البقيع، وقال البعض أنه مات مسمومًا بينما قال آخرون أنه توفي بالقرحة.[معلومة 6] وأهم ما حصل في أيام معاوية حصار مدينة القسطنطينية لأول مرة من قبل المسلمين،[243] وتأسيس عقبة بن نافع مدينة القيروان بتونس،[244] ودخول سعد بن عثمان بن عفّان مدينة سمرقند.[245] وفي سنة 56هـ بايع معاوية الناس لابنه يزيد بولاية العهد، فامتنع الحسين بن علي بن أبي طالب وتبعه بعضهم. ولمّا بويع ليزيد بعد موت أبيه أصرّ الحسين على امتناعه وسار من المدينة المنورة إلى الكوفة لمحاربة يزيد، فالتقى بجنوده في الموضع المعروف بكربلاء، وعند وصول جيش الأمويين تخلّى أهل الكوفة عن نجدة الحسين ولم يبق معه إلا أهله وأصحابه. خير عمر بن سعد قائد الجيش الأموي الحسين بين مبايعة يزيد أو القتال فلما راى الحسين اصرارهم على اجباره على الاستسلام والبيعة ليزيد رفض هو واصحابه البيعة ليزيد.[معلومة 7] وجرت المعركة بتاريخ 10 محرم سنة 61هـ، الموافق في 12 أكتوبر سنة 680م،[246][247] وانتهت بمقتل الحسين وأهل بيته،[248] فكان لهذا صدىً مؤلم في جميع أنحاء العالم الإسلامي.

توالى على منصب الخلافة بعد مقتل الإمام الحسين إثنا عشر خليفة واستمرت الخلافة الأموية نحوًا من تسعين سنة وانتشر الإسلام في ظلها انتشارًا عظيمًا، ففي سنة 705م افتتحت بلاد المغرب على يد موسى بن نصير من قبل الخليفة الوليد بن عبد الملك،[250] ثم أرسل موسى قائد جيشه طارق بن زياد في حملة عسكرية إلى لفتح الأندلس، فاستطاع الأخير الوصول إلى شبه الجزيرة الأيبيرية سنة 711م وقاتل القوطيين وراح يفتح القلاع والمدن الواحدة تلو الأخرى حتى سقطت كامل شبه الجزيرة بأيدي المسلمين عدا الجبال الشمالية الغربية منها. ثم توغل المسلمون في أوروبا حتى أوقفهم شارل مارتل في تور بفرنسا عام 732م وذلك في معركة دامية أنقذت أوروبا أمام اندفاع الفاتحين المسلمين. هذا في الغرب، أما في الشرق فكانت ألوية الدولة الأموية ترفرف في السند وكاشغر وطشقند، وفي الشمال ثبّت المسلمون أقدامهم في أرمينيا وسفوح جبال القوقاز الجنوبية، أما في الجنوب فكان المحيط الهندي حائلاً طبيعيًا منع المسلمون من تجاوزه.[251]

انهمك بعض الخلفاء الأمويين في ملذاتهم، وانصرفوا عن شؤون الدولة إلى نزاعهم مع بعض أفراد البيت الأموي. وصادف ذلك إعلان الثورة العبّاسية التي تدعو لبني العبّاس، فكان ضعف الخلفاء وانشغالهم في أمورهم الخاصة ونقمة الناس عليهم أسبابًا أدت إلى نجاح الثورة العبّاسية وانتشارها بين الرعيّة وبشكل خاص الفرس الذين أبعدهم الأمويون عن مناصب الدولة.[252]

اندلعت الثورة العبّاسية في مقاطعة كخراسان بقيادة أبي مسلم الخراساني عام 747م. سقط ذلك الإقليم بيد الثوّار ثم سقطت مدينة الكوفة في العراق سنة 749م، وفي أواخر السنة نفسها بويع أبو العباس السفاح بالخلافة في مسجد الكوفة. قام مروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين بمحاولة للتصدي للثورة العبّاسية، فالتقى بقواتهم على ضفة نهر الزاب،[253] وهو فرع من نهر دجلة، فانهزم أمام القوات الثائرة وتمكن العبّاسيون من احتلال دمشق وأقاموا دولتهم على أنقاض الدولة الأموية. قضى أبو العبّاس معظم عهده في محاربة قوّاد العرب الذين ناصروا بني أمية حتى أبادهم عن بكرة أبيهم ولم يفلت منهم إلا عبد الرحمن الداخل الذي استولى على الأندلس وأسس فيها الدولة الأموية، فكانت بذلك أقدم الأقاليم عهدًا بالانفصال عن الخلافة العبّاسية.[254] وبعد أبو العباس السفاح، تولى أخوه أبو جعفر المنصور خلافة المسلمين،[255][256] ويُعد الأخير المؤسس الحقيقي للدولة العبّاسية، حيث استطاع بحزمه وكيده أن يتغلب على الأحداث الخطيرة التي حدثت في عهده ومنها خلع عيسى بن موسى بن محمد العباسي من ولاية العهد وأخذ البيعة للمهدي بن المنصور. وقد ذهب بعض المؤرخين إلى أن المنصور كان أعظم الخلفاء العباسيين شدة وبأسًا وحزمًا وإصلاحًا،[257] وقد انحدر منه جميع الخلفاء الذين ارتقوا الخلافة العباسية بعده، وعددهم خمسة وثلاثون.[258]

وشهدت الخلافة العباسية عصرها الذهبي في المدة التي بدأت بولاية الخليفة الثالث، أبو عبد الله محمد المهدي، وانتهت في زمن الخليفة التاسع، أبو جعفر هارون الواثق بالله. وبلغ العصر الذهبي أوج عزّه ومجده أيام هارون الرشيد وأبو العباس عبد الله المأمون، ويعد المؤرخون عهدهما أزهى عصور التاريخ العربي الإسلامي على الإطلاق. ففي هذا العهد ازدهرت عاصمة الخلافة بغداد وأصبحت حاضرة العلوم والفنون،[259] واكتمل تدوين كتب الصحاح الستة وتأسست المذاهب الفقهية الكبرى.[260] وظهر عدد من الفلاسفة والأطباء وعلماء الرياضيات والكيمياء الذين كان لأبحاثهم تأثير كبير على تقدم البشرية في العصور اللاحقة، ومن هؤلاء ابن سينا الذي برع في مجال الطب والفلسفة والفيزياء وغيرها من العلوم، وأقدم على ترجمة الكثير من كتب اليونان إلى جانب أبو نصر محمد الفارابي، وتشذيب مبادئها الفلسفية بحيث لا تتعارض والشريعة الإسلامية.[261] كذلك ظهرت الطريقة الصوفيّة في هذه الفترة واتبعها عدد من الناس، وانشقت الشيعة إلى طائفتين بسبب الاختلاف على تسمية الإمام بعد وفاة جعفر الصادق.[262] ونظرًا للانتشار الواسع والسريع للإسلام في ذلك العهد واعتناق دول مسيحية سابقة بأغلبها لهذا الدين، قام بعض الكهنة والرهبان في أوروبا بتصوير الإسلام على أنه دين معاد للمسيح وأن أتباعه رجال شهوانيين دون البشر،[263] إلا أن الكنيسة الكاثوليكية لم تصدر أي بيان بشأن هذا الموضوع حتى تاريخ انعقاد المجمع الڤاتيكاني الثاني، وقد جاء بيانها عندئذ إيجابيًا ويصور المسلمين على أنهم، كما المسيحيين، يدعون للخير وعبادة ذات الإله الذي يعبده المسيحيون.[264]

وخلال هذا العهد بُني أيضًا بيت الحكمة الذي ضم خزانة كتب ودار علم وترجمة، وأنشأت البيمارستانان، فكانت طليعة المستشفيات الحديثة في العالم،[265] حيث كانت تمنح شهادات في الطب للطلبة ولا تسمح لسواهم بمداواة الناس،[266][267] وتأسست الجامعات في طول البلاد وعرضها، وما زالت إحداها، وهي جامعة القيروان، مستمرة في منح الشهادات للطلاّب،[268] وأُدخل المنهج الاختباري التجريبي لتفرقة الصحيح من الباطل من النظريات العلمية،[269][270] وأبرز من طبّق هذا المنهج أبو علي الحسن بن الحسن بن الهيثم، المعروف بكونه “أول عالم حقيقي في التاريخ”.[271] كذلك يُعتقد أن مبدأ الاستشهاد بالمراجع أوّل ما طبق في هذا العصر.[269][272]

أخذت الدولة العبّاسية تتفكك إلى عدد من الدويلات والإمارات منذ نهاية القرن التاسع، ويمكن إيعاز تفكك الدولة إلى عدّة أسباب منها: بروز حركات شعوبية ودينية مختلفة في هذا العصر، وقد أدّت النزعة الشعوبية إلى تفضيل الشعوب غير العربية على العرب، حيث قيل أن هذه الشعوب تتفوق على العرب في الحضارة وفي الأدب والشعر. وقام جدل طويل بين طرفيّ النزاع، وانتصر لكل فريق أبناؤه من الشعراء والمؤلفين ورجال السياسة. وهذا الانشقاق بين رعايا الدولة أدى إلى نجاح أول حركة فارسيّة انفصالية عن الدولة العبّاسية، على يد قائد المأمون: طاهر بن الحسين الذي أنشأ الدولة الطاهرية في كخراسان سنة 819، وتوارث حكمها بنوه من بعده. وقبل ذلك التاريخ كان الأمير العلوي إدريس بن عبد الله، وهو من أحفاد الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب، قد أسس دولة الأدارسة في المغرب وعاصمتها مدينة فاس،[273] فكانت أول دولة شيعية قوية في التاريخ.[274] كذلك كان الأمير إبراهيم بن الأغلب الذي ولاّه هارون الرشيد على تونس قد استقل بها سابقًا وأسس دولة الأغالبة وعاصمتها القيروان؛ وشنّ عدّة حملات على إيطاليا وفرنسا وكورسيكا ومالطة.[275]

وإلى جانب الشعوبية السياسية، تكوّنت فرق دينية متعددة عارضت الحكم العبّاسي. وكان محور الخلاف بين هذه الفرق وبين الحكام العبّاسيين هو “الخلافة” أو إمامة المسلمين. ومن هذه الفرق: الخوارج والشيعة والقرامطة والحشاشون، وكان لكل جماعة منهم مبادئها الخاصة ونظامها الخاص وشعاراتها وطريقتها في الدعوة إلى هذه المبادئ الهادفة لتحقيق أهدافها في إقامة الحكم الذي تريد. وجعلت هذه الفرق الناس طوائف وأحزابًا، وأصبحت المجتمعات العباسيّة ميادين تتصارع فيها الآراء وتتناقض، فوسّع ذلك من الخلاف السياسي بين مواطني الدولة العبّاسية وساعد على تصدّع الوحدة العقائدية التي هي أساس الوحدة السياسية.[276] ومن العوامل الداخلية التي شجعت على انتشار الحركات الانفصالية، إتساع رقعة الدولة العبّاسية، ذلك أن بعد العاصمة والمسافة بين أجزاء الدولة وصعوبة المواصلات في ذلك الزمن، جعلا الولاة في البلاد النائية يتجاوزون سلطاتهم ويستقلون بشؤون ولاياتهم دون أن يخشوا الجيوش القادمة من عاصمة الخلافة لإخماد حركتهم الانفصالية والتي لم تكن تصل إلا بعد فوات الأوان، وكانت معظم هذه الحركات الانفصالية فارسية في بداية الأمر، ومن الدويلات الفارسية التي ظهرت: الدولة الزيادية في اليمن، الدولة الصفارية في كخراسان، الدولة الزيدية في الكوفة ثم طبرستان، الدولة السامانية في بلاد ما وراء النهر، والدولة الساجية في أرمينيا وأذربيجان.[277]

وشهد التاريخ العبّاسي، منذ عهد المتوكل، عصر الاستبداد العسكري التركي الذي دام مئة سنة، وفيه اشتدت حركة الانفصال عن الدولة العبّاسية، فانفرد الطولونيون بمصر، الذين ينسبون إلى الأمير أحمد بن طولون ابن أحد الأتراك الذي ولاه المأمون على مصر،[278] انفردوا بحكمها من سنة 868 حتى سنة 905م.[279] وفي سنة 909م أسس سعيد بن حسين، الذي ادعى أنه حفيد الإمام جعفر الصادق، أسس الخلافة الفاطمية في تونس بعد أن نشر أحد الدعاة واسمه أبو عبد الله الحسين، المذهب الإسماعيلي بين السكان من الأمازيغ والعرب. وفي سنة 932م قُتل الخليفة أبو الفضل جعفر المقتدر بالله، فعمّت الفوضى بالدولة العبّاسية وطغت عليها موجة فتن وجراح لم تلتئم لمدة طويلة، وظهرت دويلات جديدة مثل: دولة بني بويه الفارسية التي سيطرت على بلاد فارس والعراق واعتبر قيامها انتصارًا للعنصر الفارسي على التركي، والدولة الغزنوية التي تُنسب إلى ألب تكين التركي؛ والتي توسعت وسيطرت على الهند وعاد العنصر التركي فيها لينتصر على العنصر الفارسي في زعامة العالم الإسلامي.[280] وبعد ثلاثين سنة من زوال الحكم الطولوني في مصر، استفرد بها الإخشيديين الذين يُنسبون لأبي بكر محمد بن طغج بن جف من أولاد ملوك فرغانة، الملقب بالأخشيد، وفي عهدهم انتزع سيف الدولة الحمداني مدينة حلب وأنشأ فيها دولة سنة 945م، وضم إليها سوريا الشمالية.[281] ظل الحكم الإخشيدي قائمًا في مصر إلى أن استولى عليها الفاطميّون سنة 969م، ومن أبرز أعمال هؤلاء بناء مدينة القاهرة والجامع الأزهر بهدف نشر الدعوة الإسماعيلية.[282]

ولم يلبث أن ظهر عنصر جديد من الأتراك هم الأتراك السلاجقة الذين يُنسبون إلى سلجوق بن دقاق، وقد استطاع هؤلاء أن يتفوقوا عسكريًا على الجيوش العبّاسية، لكنهم استمروا باحترام منصب الخليفة وسلطته الزمنية.[283] حارب السلاجقة قبائل الترك الوثنية ونشروا فيها الدين الإسلامي، وقد استعان الخليفة بهم في بغداد عام 1055 للقضاء على ثورة الفاطميين الذين استولوا على العاصمة وعدّة مدن عراقية، وبذلك أصبحوا يديرون السلطة في الدولة العبّاسية. بعد هذا النصر على الفاطميين تطلع طغرل بك، حفيد سلجوق، إلى الإمبراطورية البيزنطية ورغب في ممتلكاتها، لكنه لم يتمكن من فتح شيء من الأقاليم التابعة لها، لكن خليفته ألب أرسلان استطاع بمساعدة وزيره نظام الملك من تنظيم أمور الدولة والانتصار على الإمبراطور البيزنطي رومانوس ديوجينيس الرابع في معركة ملاذكرد عام 1071م.[284] وبهذه المعركة انفتحت الطريق أمام السلاجقة للدخول إلى آسيا الصغرى حيث أسسوا دولتهم وعرفوا بسلاجقة الروم.[285]

وفي الفترة الممتدة بين القرنين الحادي عشر والرابع عشر، شنّت الممالك الأوروبية المسيحية الكاثوليكية سلسلة حروب على الشرق الإسلامي لاستعادة الأراضي المقدسة، وخاصة مدينة القدس، من أيدي المسلمين، فعُرفت هذه الحروب بالحروب الصليبية. ومن أسباب الحروب الصليبية الأخرى أيضًا: النداءات التي وجهها البيزنطيون إلى أوروبا بعد هزيمتهم على يد السلاجقة وفقدانهم آسيا الصغرى لصالحهم، للمساعدة على الوقوف في وجه التوسع الإسلامي، وكذلك ما لقاه الحجاج المسيحيون من اضطهاد عند تفكك الدولة العبّاسية، ولهدم كنيسة القيامة أيام الفاطميين بأمر من الخليفة الحاكم بأمر الله.[286] أما الدافع المباشر للحروب الصليبية فكان الموعظة التي ألقاها البابا أوربانوس الثاني في مجمع كلرمونت سنة 1095م، وحث فيها العالم المسيحي على الحرب لتخليص القبر المقدس من أيدي المسلمين. كذلك كان هناك دوافع أخرى مثل تأسيس الممالك والإمارات وتوسيع نطاق التجارة في الشرق وحب المغامرة والأسفار. وبناءً على ذلك انطلقت الحملة الصليبية الأولى واستولت على المناطق الساحلية الشاميّة ووصلت القدس في 15 يوليو سنة 1099.[286] أسس الصليبيون بعد فتح القدس “المملكة اللاتينية” التي بلغت أوج قوتها في الثلث الأول من القرن الثاني عشر، ولكنها لم تلبث أن أخذت تتضعضع وتنهار، فتمكن منها المسلمون حيث استطاع نور الدين زنكي، رئيس دولة الأتابكة، استرجاع إمارة الرها سنة 1144 وأقسامًا من إمارتي أنطاكية وطرابلس. وفي سنة 1175 أسس صلاح الدين الأيوبي الدولة الأيوبية التي وحدت مصر وبلاد الشام والحجاز وتهامة، بعد أن خلع العاضد لدين الله آخر الخلفاء الفاطميين،[287] وشن سلسلة من المعارك على الصليبين كان أبرزها معركة حطين سنة 1187 التي انتصر فيها المسلمون نصرًا كبيرًا، واستعادوا القدس وأغلب المدن الشاميّة.[288] وبعد وفاة صلاح الدين دب الضعف والارتباك في جسم الدولة الأيوبية وزالت نهائيًا في سنة 1250.

وبعد سقوط الدولة الأيوبية، قامت على أنقاضها السلطنة المملوكية في مصر بعد ثورة قام بها المماليك سنة 1250،[289] وكانت جحافل المغول الزاحفة من أواسط آسيا قد وصلت أبواب بغداد، فخرج الخليفة العباسي، المستعصم بالله أبو أحمد عبد الله بن المستنصر بالله، لملاقاة زعيمها هولاكو خان، فطلب منه الأخير أن يأمر أهل بغداد بوضع سلاحهم والخروج من المدينة. بعدها أعمل المغول السيف في رقاب أهل بغداد أربعين يومًا وسلبوا الأموال وأهلكوا الكثيرين وقتلوا الخليفة وابنيه وأخواته.[290] ثم توجه المغول غربًا واستولوا على أهم المدن السورية مثل دمشق وحلب، قبل أن يتحولوا جنوبًا قاصدين مصر، فتصدى لهم جيش المماليك بقياة الظاهر بيبرس وسيف الدين قطز، وانتصر عليهم في معركة عين جالوت قرب مدينة الناصرة في سنة 1260 وأراح الشام من شرهم إلى حين. بعد انتصاره على المغول هاجم بيبرس الصليبين فصارت قلاعهم ومدنهم تسقط واحدة تلو الأخرى، واستمر المماليك يلحقون الهزائم بالصليبيين حتى استولى السلطان الأشرف صلاح الدين خليل على مرفأهم الرئيسي، أي مدينة عكا، فجلوا عن المدن الأخرى وركبوا البحر عائدين لبلادهم.[291] وفي عهد المماليك أعتنق كثيرًا من خاقانات المغول الإسلام دينًا ونشروه في الأقاليم الخاضعة لهم في آسيا الوسطى وشبه القارة الهندية وأوروبا الشرقية وشبه جزيرة القرم.[292] ونقل العبّاسيون مقر الخلافة إلى مدينة القاهرة. توالى على حكم المماليك في مصر، منذ منتصف القرن الخامس عشر سلاطين ضعاف، باستثناء بعض الشخصيات القوية مثل السلطان قايتباي والسلطان قنصوه الغوري الذي أراد النهوض بدولته لكنه لم يستطع، بعد أن كانت جموع العثمانيين قد زحفت على سوريا وهددت مصر نفسها بالسقوط.

ينتسب العثمانيون إلى أرطغرل، زعيم عشيرة قايي التركية، الذي عمل في خدمة علاء الدين السلجوقي سلطان قونية. وبعد وفاته تولّى زعامة قومه ابنه عثمان، فأخلص الولاء للدولة السلجوقية على الرغم مما كانت تتخبط فيه من مشاكل، وحين تغلب المغول على دولة قونية السلجوقية، سارع عثمان لإعلان استقلاله عن السلاجقة، فكان المؤسس الحقيقي لهذه الدولة التركية الكبرى التي نُسبت إليه فيما بعد. قام عثمان وخلفاءه فيما بعد بفتح عدد من الإمارات والبلدان المجاورة التي لم يسبق لها أن دخلت في الإسلام، مثل اليونان ومقدونيا وألبانيا وبلغاريا، وفي سنة 1453 استطاع سابع سلاطين آل عثمان، محمد الثاني، أن يفتح مدينة القسطنطينية ويقضي على الإمبراطورية البيزنطية،[166] فابتهج المسلمون حول العالم ابتهاجًا عظيمًا، اعتقادًا منهم أن النبؤة التي كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال بها قد تحققت: “لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش”.[293] ويعود انتصار العثمانيين على البيزنطيين إلى استخدامهم سلاح المدفعية والتدريب العالي والكفاءة الكبيرة التي تمتع بها الجنود.[294] وفي هذا العصر برزت عدّة دول إسلامية شرق الأناضول والشام، كالدولة التيمورية والدولة الصفوية، والأخيرة تأسست على يد الشاه إسماعيل الأول بن حيدر الصفوي، في إيران وأذربيجان وشرق العراق، وكان إسماعيل قد فرض التشيّع على أهل البلاد الخاضعة له وجعل الشيعة المقيمين في آسيا الصغرى يثورون على الدولة العثمانية،[295] فأخضع السلطان سليم الأول، حفيد محمد الثاني، هذه الثورة، وذلك بأن جمع الشيعة المقيمين على حدود إيران والعراق، وفتك بهم جميعًا، ويُقال أن عددهم وصل إلى أربعين ألفًا.[296] وبعد إخضاعه للثورة الشيعية، قاتل سليم الصفويين وانتصر عليهم في معركة چالديران. وبعد هذه المعركة حوّل سليم أنظاره نحو السلطنة المملوكية، بعد أن كان المماليك قد عقدوا معاهدة سرية مع الصفويين خوفًا من سياسة سليم التوسعية والتي كان يهدف من ورائها على ما يظهر في توحيد جميع البلدان السنيّة تحت تاجه.[297]

وفي سنة 1516 توجه السلطان سليم على رأس جيوشه إلى سوريا وهزم المماليك في معركة مرج دابق، فسقطت بلاد الشام بيده، ثم تابع سيره حتى وصل مصر وقاتل المماليك قتالاً شديدًا في معركة الريدانية وتغلّب عليهم فسقطت مصر بيده في 13 أبريل سنة 1517،[164] واستصحب معه أثناء عودته إلى القسطنطينية آخر الخلفاء العباسيين، محمد المتوكل على الله، حيث تنازل له عن الخلافة، فأصبح بنو عثمان بذلك خلفاء المسلمين منذ ذلك التاريخ.[167] وبعد وفاة السلطان سليم الأول ارتقى عرش الدولة ابنه سليمان، وفي عهده تقدمت الفتوحات تقدمًا عظيمًا، فاستولى العثمانيون على أقاليم وإمارات كثيرة من أوروبا الشرقية وفتحوا مدينة بلگراد،[298] وحاصروا مدينة ڤيينا مرتين لكنهم لم يستطيعوا اقتحامها.[299] وبعد انقضاء عهد السلطان سليمان، أصيبت الدولة بالضعف والتفسخ، ولم تنهض مجددًا إلا في عهد السلطان محمد الرابع والمصلح الكبير محمد كوبرولي، ففي تلك الفترة هاجم العثمانيون أوكرانيا واستولوا عليها، ثم حاصروا ڤيينا للمرة الأخيرة بتاريخ 17 يوليو سنة 1683 ولكنهم صُدوا عنها. ومنذ ذلك الحين توالت الهزائم على العثمانيين ففقدوا معظم ممتلكاتهم في أوروبا.[300]

وفي القرن الثامن عشر، ظهرت الحركة الوهابية في شبه الجزيرة العربية على يد محمد بن عبد الوهاب، ودعت إلى تطهير الدين الإسلامي من الشوائب التي علقت فيه طيلة القرون الماضية والعودة إلى الإسلام الأساسي دون غيره،[301] فحارب العثمانيون هذه الحركة وتمكنوا من القضاء على ثورة أتباعها، لكنهم لم يطفؤها تمامًا، إذ انبثقت منها في القرن التاسع عشر الدعوة السلفية، والدیوبندية، والبريلوية. وفي ذات القرن زالت إمبراطورية مغول الهند الإسلامية تمامًا بعد أن قضى عليها البريطانيون،[302] واشتدت النزعة القومية في دول البلقان مما أدى لاستقلال العديد منها عن الدولة العثمانية، كذلك ازدادت نسبة المهاجرين من المسلمين الهنود والإندونيسيين إلى دول الكاريبي مما ولّد أكبر مجتمع إسلامي في الأمريكيتين.[303] أضف إلى ذلك أن إنشاء طرق تجارية جديدة في أفريقيا المستعمرة حديثًا، جعل العديد من الدعاة المسلمين ينتقلون إلى تلك الناحية من العالم بهدف نشر الدعوة الإسلامية، ويُقدّر أن عدد المسلمين في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تضاعف بين سنتيّ 1869 و1914.[304] انقضى العصر العثماني عند نهاية الحرب العالمية الأولى وانهزام الدولة العثمانية أمام قوّات الحلفاء، واحتلال قواتها لمعظم أنحاء الدولة. وفي سنة 1924 ألغى رئيس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك منصب الخليفة وأزال سلطته الزمنية والدينية من الوجود.[305][306]

كانت معظم الدول الإسلامية غير الخاضعة للسلطان العثماني قد تم احتلالها من قبل دول أوروبية مختلفة في أوائل القرن العشرين. وبعد أن انهزمت الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، اقتسمت الدول الظافرة، وبشكل خاص بريطانيا وفرنسا، اقتسمت معظم الأراضي التابعة للدولة بموجب اتفاقية سايكس بيكو، وأخضعتها لحكمها. وخلال القرن العشرين استقلت جميع هذه الدول وأصبح لكل منها كيانه الخاص ومصالحه الذاتية، ولم يعد يربطها ببعضها سوى رابط اللغة أو الثقافة أو الأخوّة، وقد جرت بضعة محاولات لتوحيد البعض من هذه الدول، كمحاولة الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر في توحيد سوريا ومصر، ولكنها باءت بالفشل إجمالاً.[307]

تأسست منظمة المؤتمر الإسلامي (والتي أصبح اسمها فيما بعد منظمة التعاون الإسلامي) في شهر سبتمبر من سنة 1969 وانضمت إليها جميع الدول الإسلامية في العالم، وذلك بعد حادثة إحراق المسجد الأقصى على يد متطرفين إسرائيليين قالوا بوجود هيكل سليمان تحت المسجد.[308] وفي أواخر القرن العشرين اندلعت الثورة الإسلامية في إيران وتحولت الدولة إلى دولة إسلامية تستمد مبادئها من الشريعة، كذلك نشأت عدّة تنظيمات وأحزاب في عدد من الدول لمقاومة الاحتلال الأجنبي لبلادها،[309] مثل حزب الله في لبنان، وتنظيم القاعدة في أفغانستان. وفي مستهل القرن الحادي والعشرين وقعت هجمات إرهابية على برجيّ مركز التجارة العالمي بمدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية أدّت لانهيارهما ومصرع الكثيرين ممن كانوا بداخلهما، ووجهت أصابع الاتهام إلى تنظيم القاعدة، فكان لهذا انعكاس سلبي على صورة الإسلام في العالم.

أظهرت دراسة شاملة من سنة 2009 لمئتين واثنين وثلاثين دولة ومنطقة، أن 23% من إجمالي سكان العالم، أي حوالي 1.6 مليار نسمة، يعتنقون الدين الإسلامي. وتتراوح نسبة معتنقي المذهب السنّي من هؤلاء بين 87% و 90%،[311][312] ومعتنقي المذهب الشيعي بين 10% و 13%،[312][313] أما المذاهب الأخرى الباقية فيعتنقها أقليّة من الناس. كذلك تبين أن حوالي 50 دولة في العالم يُشكل المسلمون أغلبية سكانها،[314] وأن العرب يشكلون 20% من مسلمي العالم.[315]

يعيش أغلب المسلمين في قارتيّ أفريقيا وآسيا،[316] وحوالي 62% منهم يسكن القارة الأخيرة، حيث تأوي إندونيسيا وباكستان والهند وبنغلاديش ما يزيد عن 683 مليون مسلم.[317][318] وفي الشرق الأوسط، تُعتبر تركيا وإيران أكبر دولتين غير عربيتين يُشكل المسلمون أغلب سكانها؛ أما في أفريقيا فإن مصر ونيجيريا هي أكبر الدول الإسلامية.[319] ويعيش 73% من المسلمين في دول ذات أغلبية مسلمة مقابل 27% كأقليات دينية.[320]

أما أكبر خمس عشرة دولة إسلامية من حيث عدد السكان فهي:

تتعدد العبادات في الإسلام، وأغلبها لا يستوجب مكانا محددا عدا الحج (الذي يتطلب زيارة البقاع المقدسة). أما الصلاة، فوفق حديث جابر فإن الأرض جعلت مسجدا للمسلم.[356] وهذا يعني أن كل رقعة من الأرض (عدا تلك المنهي عنها) تصلح لأداء الصلوات فرادى وجماعات.

ويخصص المسلمون دورا خاصا تسمى المساجد (ومفردها مسجد) تجمعهم لأداء الصلاة في جماعة.
واسم “مسجد” مشتق من كلمة “سجد”، ذلك أن الصلاة الإسلامية تتمثل في السجود والركوع. ويُطلق على المساجد الكبرى أيضًا تسمية “جامع” أو “مسجد جامع”.[357] والمساجد أماكن يؤمها المسلمون لطلب العلم وحل مشاكلهم إضافة للصلاة، وان انحصر دورها حاليا على جمع المسلمين للصلاة وذكر الله. ومن أبرز الصلوات التي تؤدى في المسجد: صلاة ظهر يوم الجمعة، ذلك أنه يُفرض على كل مسلم أدائها في المسجد جماعةً والاستماع إلى خطبة الإمام. ولقد تطوّر نمط بناء المساجد بشكل كبير منذ بناء مسجد قباء، أول مسجد في الإسلام، حتى الآن،[358] وهناك عدّة أنماط معمارية للمساجد أبرزها: النمط العثماني، والنمط الفارسي، والنمط المغربي، وغيرها.

ويجوز وفقًا للمعتقد الإسلامي أداء الصلاة في الكنيسة في حالة تعذر وجود مسجد أو مصلى، وممن رخص في ذلك: الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب، وعمر بن عبد العزيز، والإمام الشعبي، والإمام الأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، ورُوي أيضاً عن عمر بن الخطاب، وأبي موسى الأشعري. ولكن يقول العلماء أن هذا محصور فقط في حالة الضرورة، وذلك كي لا يؤدي هذا لتشويش صورة الإسلام، وجعل غير المسلمين يظنون بأنه دين غير واضح المعالم.[359]

تُعتبر الأسرة الوحدة المركزية للمجتمع الإسلامي، وقد حدد الإسلام دور كل فرد من أفرادها وخصص لهم حقوق وواجبات معينة. ويظهر الأب في الإسلام المسؤول الرئيسي عن حفظ وصيانة العائلة، وعليه يقع واجب التكفل بمصاريفها من طعام وشراب وطبابة وكسوة وغير ذلك. وقد حدد القرآن أسباب الميراث في الإسلام تحديدًا واضحًا نافيًا للجهالة، وهي الزوجية والقرابة والولاء، وحدد لكل سبب منها شروط معينة ينبغي وجودها حتى يصح التوارث، ونص أن هناك بضعة موانع للميراث، هي القتل واختلاف الدين والارتداد عن الإسلام واختلاف الوطن،[360] ووضع لكل منها شروط لا يقوم المانع بدونها، ونصيب المرأة من الميراث في الإسلام هو نصف نصيب الرجل في حالات معينة وهناك حالات تتساوى فيها المرأة مع الرجل في الميراث، وحالات يفوق نصيبها نصيب الرجل.[361] كذلك جاء في القرآن تحديدًا للأشخاص الذين يستحقون التركة ومراتبهم وفق درجة قرابتهم من المتوفى، ومن الآيات التي يستدل بها المسلمون على ذلك، ما جاء في سورة النساء:  يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا  . أما الزواج في الإسلام فيُعتبر عقدًا مدنيًا تتوافر فيه جميع عناصر العقود الأخرى من إيجاب وقبول بين طرفين يتمتعان بالأهلية العقلية والقانونية اللازمة لإبرامه، وبحضور شاهدين من الرجال، أو رجل وامرأتين. ويُعقد عقد الزواج الإسلامي في محكمة شرعيّة عادةً أمام قاض شرعيّ. وقد أرشد الفقه الإسلامي من يريد الزواج إلى عدّة أمور ينبغي أن يراعيها فيمن يريد خطبتها، كأت تكون ذات دين وجمال ونسب طيّب وغير ذلك من الأمور، ويصدق ذات الأمر على الفتاة، فعليها أن تراعي نفس الأمور في الرجل المتقدم لخطبتها. وأوجب الإسلام على الزوج دفع مهر إلى زوجته بموجب عقد الزواج عليها، وبالمقدار المتفق عليه.[362]

يجوز للرجل في الإسلام أن يتزوج حتى 4 نساء، شرط أن يعدل بينهن، أما إذا لم يستطع ذلك فلا يجوز له أن يتزوج بأكثر من واحدة، وذلك وفقًا لما جاء في سورة النساء:  وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ   بينما لا يحق للمرأة المسلمة سوى زوج واحد. وقد حدد القرآن النساء المحرمات على الرجل في نفس السورة حيث جاء:  حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا  . ويحق للرجل المسلم أن يتزوج بامرأة من أهل الكتاب، أي بامرأة مسيحية أو يهودية أو صابئية أو حنيفية، ويُفرض عليه ألا يمنعها أن تمارس شعائر دينها، بينما لا يحق للمرأة المسلمة أن تتزوج سوى برجل مسلم.[363] والطلاق جائز شرعًا في الإسلام، ولكن بشرط أن تكون الحياة المشتركة بين الزوجين قد أصبحت مستحيلة لسبب من الأسباب، ويقع الطلاق بقول الرجل لزوجته “أنت طالق”.[364]

يُحرّم القرآن الاختلاط غير المشروع بين الذكر والأنثى، وقد وردت آيات قرآنية تحث المرأة على التستر وعدم كشف عورتها على الرجل الأجنبي عنها، ويحدد القرآن ما يجب أن ترتديه المرأة المسلمة بحيث لا ينكشف من جسدها إلا ما قضت به حاجة التعامل وهو الوجه والكفان، وحد الوجه من منبت الشعر إلى أسفل الذقن وما بين وَتِدَي الأذنين بحيث لا يظهر شيء من الشعر ولا القرط ولا شيء من العنق ولا يكون الثوب مظهرًا لما تحته.[365] ومن الآيات التي يستدل بها المسلمون على ذلك، ما جاء في سورة النور:  قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ  وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ  . أما بالنسبة للرجال فلم يحدد القرآن لبسًا معينًا لهم، لكن يشترط أن تستر الملابس عورتهم. ويُطلق كثير من الرجال المسلمين لحيتهم وبعضهم يحلق شاربه اقتداءً بحديث النبي محمد: “خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ، وَفِّرُوا اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ”.[366]

يعتمد التقويم الإسلامي أو التقويم الهجري على التقويم القمري المستعمل عند العرب قبل الإسلام، ولم يكن العرب حينذاك يعدون السنين بل كان لكل سنة اسم يميزها عن بقية السنين، واستمر هذا الحال إلى السنة السابعة عشر للهجرة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب فوضع ما سُمي فيما بعد التقويم الهجري وجعل أول سنة فيه السنة التي هاجر فيها النبي محمد، ولكنه لم يغير في تسمية الشهور العربية ولا في ترتيبها، والأشهر الهجرية هي: محرم، صفر، ربيع الأول، ربيع الثاني، جمادى الأولى، جمادى الآخرة، رجب، شعبان، رمضان، شوال، ذو القعدة، ذو الحجة. والشهر القمري هو المدة التي تكون بين الهلالين، وبالتعبير الفلكي المعاصر هو المدة التي يُتم فيها القمر دورةً كاملة حول الأرض. ومدته فلكيًا 29.530588 يوم لذلك فالأشهر الهجرية تارة 30 يومًا وتارة 29 يومًا.

يُسمى رجال الدين المسلمون الذين يتفقهون في أمور الدين والعباد “علماءً” أو “فقهاء”، ومن يصل منهم لأعلى درجات العلم ويُفتي بالمسائل المستجدة التي تُعرض عليه يُسمّى “مفتيًا”. وهناك عدّة تسميات أخرى تُطلق على رجال الدين المسلمون منها: المولى، الشيخ، والمولوي. وتُطلق الشيعة على رجال الدين الذين يعود نسبهم للنبي محمد “أسيادًا” ومفردها “سيّد”، كذلك يُسمي الدروز كبار رجال الدين “شيوخ عقل” وذلك كونهم يعقلون أمور الدين ويرشدون الناس فيها.

يعتبر المسلمون الآيتين  لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ  إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ  [367] والآية  لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ  [368] أساسًا في التعامل مع غير المسلمين. وينص القرآن على احترام الأديان الإبراهيمية الأخرى، كاليهودية والمسيحية، باعتبارها ديانات منزلة سابقًا على رسل وأنبياء بعثهم الله لهداية البشر. ويؤكد القرآن أنه “يقوم بإعادة الديانة الإبراهيمية النقية التي أُنزلت على إبراهيم والتي تم تحريفها من قبل بعض اليهود والمسيحيين”.[369] ويؤمن المسلمون أن الزبور والتوراة والإنجيل كتب سماوية أنزلها الله على أنبيائه داود وموسى وعيسى المسيح، لكنهم لا يؤمنون بقدسية النسخ الحالية منها ويعتقدون أنها نسخ محرّفة وضعيّة، وأن الكتب الأصلية ضاعت مع مرور الزمن لأسباب مختلفة، كالتأخر في تدوينها ووفاة حفظتها، الأمر الذي جعل اللاحقين من أتباعها لا يميزون بين الصحيح وغير الصحيح منها.[370]

يؤمن المسلمون بأن دين الصابئة إبراهيمي وفقًا لما جاء في القرآن:  إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ  ،[371] حيث ذُكرت الصابئة ضمن سياق الأديان الإبراهيمية الأخرى،[372] واختلف المُفسرون في المقصود من كلمة “الصَّابِئِينَ”، قال بعضهم أنهم «الذين لم تبلغهم دعوة نبي»، وقيل: «قوم يشبه دينهم دين النصارى»، وقيل: «قوم بين المجوس واليهود والنصارى»، ويعتبرهم بعض الفقهاء من أهل الكتاب ويأخذون أحكامهم.[373]

مع أنه ورد في القرآن:  لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ  ،[374] إلا أن الإسلام قد أمر المسلمين بحسن معاملة أهل الكتاب سواء كانوا يهود أم مسيحيين، ما داموا غير محاربين. والآية آنفة الذكر لها سياق تاريخي محدد ودلالتها مقيدة، والكلام عن الصفات النابعة من الدين اليهودي والتي يمتلكها معظم اليهود، بحكم مادية رؤيتهم للحياة والحرص على المصالح والثروة، بخلاف المسيحيين الذين يغلب على ديانتهم المحبة والروحانية والتسامح.

لقد أبرم النبي محمد العهود مع اليهود في المدينة، واعتبرهم جزءًا من الأمة الإسلامية، وحارب الكثير من اليهود جنبًا إلى جنب ضد البيزنطيين والفرنجة، وقد أقصى النبي اليهود من شبه الجزيرة العربية لأنهم واثقوه وعاهدوه ثم خانوا العهود وتحالفوا مع أعدائه القرشيين، فإخراجهم كان بسبب الخيانة العظمى وليس بسبب يهوديتهم.[375][376]

وكذلك الأمر في الصراع العربي الإسرائيلي، يقول الشيخ يوسف القرضاوي: «إن الصراع بيننا وبين اليهود صراع على الأرض وليس من أجل يهوديتهم، فهم أهل كتاب إجمالاً».[377] يتشارك المسلمين واليهود في إيمانهم بنبوة موسى وغيره ممن وردوا في التوراة، وبحادثة خروج بني إسرائيل من مصر وشق البحر الأحمر، وكذلك في قدسيّة بعض الأماكن مثل مدينة القدس والحرم الإبراهيمي وحائط البراق الذي تُسميه اليهود “حائط المبكى”.

المسيحيون – أو كما سموا في القرآن بالنصارى – وفقًا للشريعة الإسلامية هم أقرب الناس مودة للمسلمين وعزى القرآن ذلك إلى تعبدهم وعدم استكبارهم حيث جاء:  لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ  وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ  ،[378] ومع ذلك ورد في القرآن أن بعضًا منهم متعصبون لدينهم وكارهون للمسلمين:  وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ  .[379] ويبيح الإسلام للمسلمين مصادقة النصارى والتعامل الحسن معهم من أي نوع وفقًا للآية الثانية والثمانون من سورة المائدة ولكن يمنع من اتخاذهم كالأخوة وموالاتهم في الحرب وذلك وفقا للآية الحادية والخمسون من سورة المائدة:  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ   والتي استنبط منها العلماء المسلمون قاعدة الولاء والبراء.

أما المسيح في القرآن فيُدعى “عيسى” بدلاً من “يسوع”، ويعتقد البعض أن هذا تعريب لاسمه اليوناني “إيسوس”؛[380] وهو نبي مؤتى بالبينات ومؤيد بالروح القدس،[381] ويدعى كلمة الله الوجيه في الدنيا والآخرة،[382] قول الحق،[383] وقد جاء بالحكمة،[384] ويذكر القرآن أيضًا عددًا من أعمال عيسى ومعجزاته الواردة في الأناجيل،[385] وأخرى مذكورة في الكتب الأبوكريفية،[386] ويشبهه بآدم حيث خلقهما الله من تراب ثم نفخ فيهما من روحه،[387] وتشير سورة الأنبياء 91 إلى عذرية مريم وحملها بأمر الله دون أن يمسسها بشر،[388] وتختم بالإعلان أن عيسى وأمه هما آية للعالمين؛ بيد أن القرآن يكفر القائلين بألوهية المسيح،[389] كما ينفي صلبه أو مقتله،[390] لكنه يشير إلى كونه المسيح، ويدعوه بهذا الاسم في عدد من الآيات.[391]

يعتبر المسلمون الهندوسية ديانة وثنية،[392] تتشابه الهندوسية مع الإسلام من عدّة نواح: فالهندوسيّة الحديثة تنص على أن جميع الآلهة القديمة التي عبدها الهندوس إنما هي أسماء وصفات للإله الواحد، كذلك ينص القرآن على تعدد الأسماء والصفات لله في آخر سورة الحشر. ويؤمن الهندوس بوجود حساب وعقاب بعد الموت وأن الله هو الذي سيحاسب الناس أجمعين كما يؤمن المسلمين. وتختلف الهندوسيّة عن الإسلام من ناحية أن الهندوس لا يؤمنون بجنة ولا بنار ولكنهم يؤمنون بجزاء آخر للمحسن والمسيء فيقولون إن المحسن عندما يموت، يموت جسده وتبقى روحه باقية لا تموت، لأنها جزء من الإله فتجازى بأن توضع في جسد صالح وهو ما يعرف بتناسخ الأرواح. كذلك يقوم الهندوس بحرق الجثة بعد مماتها، في حين أن المسلمون يدفنون الميّت في التراب إيمانًا منهم أن هذا “إكرام للميّت”.[393]

وكانت إحدى نتائج الاحتكاك بين الهندوس والمسلمين أن ظهرت ديانة جديدة تجمع بين المعتقدات الهندوسية والإسلامية، هي الديانة السيخيّة.[394] ويتشابه المسلمون مع السيخ في أنهم يؤمنون بخالق واحد ويحرمون عبادة الأصنام ويقولون بالمساواة بين الناس ووحدانية الخالق الذي لا يموت والذي ليس له شكل معين، ولا يعبدون الشمس ولا القوى الطبيعية ولا الحيوانات، ويحرمون الرهبنة ويقولون بالسعي لطلب الرزق ويعتقدون بالنبوة والرسالة وأن هناك مرسل من عند الله لهداية الناس. وكما أن للإسلام أركان خمسة، فللسيخيّة مبادئ خمسة:[395] إطلاق شعر الرأس واللحية وعدم حلقهما، وتضفير الشعر، ولبس “الكاتشا” أي سروال متسع يضيق عند الركبتين، وحمل “الكربال” وهو سيف أو خنجر للسيخي ليحتمي به، ووضع سوار من حديد حول المعصم هو سوار “الكارا”. ويختلف الإسلام عن السيخيّة بأن الأخيرة تبيح شرب الخمر وأكل لحم الخنزير وتحرّم لحم البقر لأنها مقدسة وفقًا لهم.[396] ويتشابه الإسلام مع الديانة الكنفوشيوسية من ناحية الإيمان بالقضاء والقدر، والدعوة إلى طاعة الوالدين واحترام الحاكم والأخ والإخلاص والوفاء للصديق وعدم ظلم الناس لا قولاً ولا فعلاً والتمتع بالأمانة وعدم الخيانة. ويختلف عنها من ناحية إيمان الكنفوشيوسيين بوجود آلهة متعددة للجبال والأرض والقمر والسماء وغير ذلك، وتقديسهم لأرواح أجدادهم وعدم اعتقادهم بالجنة والنار والبعث.[393]

أمًا الديانة البوذيّة، فلا تهتم – على عكس الإسلام – بعبادة الإله أو الخالق، بل تهتم بتعاليم المعلم بوذا،[397][398] بالإضافة لتوافقها مع الهندوسية في الإيمان بتناسخ الأرواح.[399] وتدعو البوذية إلى مبادئ كثيرة يدعو إليها الإسلام ويُعاقب من يخالفها، كعدم السرقة والابتعاد عن الزنا وقول الأقوال الكريمة وغير ذلك. ويختلف الإسلام عن البوذية من ناحية أن البوذية ترى أن الحياة شقاء متصل وتعاسة دائمة، ولا يرون فيها إلا وجهًا مظلمًا يسعون للتخلص منه، وليس الحال كذلك في الإسلام، فالدين الإسلامي يرى الحياة بوجهيها ويرسمها بشقيها، بخيرها وشرها، بحلوها ومرها، ففيها المصائب والآلام، وفيها أيضا اللذائذ والنعم، والإنسان مطالب في هذه الحياة أن يعمل بالصالحات، لا ليتخلص من الحياة بل ليعمّرها، وليعمّر أيضا آخرته.[393]

يرى بعض الباحثين غير المسلمين بأن الإسلام هو انشقاق عن النسطورية أو الآريوسية في المسيحية أو عن طائفة من اليهودية ويربطون ذلك بزوجة محمد الأولى خديجة بنت خويلد وقرابتها من ورقة بن نوفل، أو ربطه بقس بن ساعدة. وآراء أخرى ترى بأن محمدًا تأثر بتلك الاتجاهات الدينية ولكنه لم يُنشِئ امتدادًا لها بل أنشأ دينًا جديدًا بالكامل، وتعود بعض هذه النظريات إلى فترة مبكرة من التاريخ الإسلامي، ففي العهد الأموي مثلاً كتب الراهب يوحنا الدمشقي مزاعم بأن الراهب بحيرى النسطوري قام بمساعدة محمد في كتابة القرآن نافيًا ألوهية مصدر النص القرآني.[400]

كما يرى بعض غير المسلمين بأنه كان هناك بعض القيود الاجتماعية والقانونية المفروضة على أهل الذمة، الكثير منها رمزية. أكثر هذه القيود إساءةً لأهل الذمة كانت الملابس البارزة التي فرضت عليهم في بغداد مع أنها لم تُذكر في القرآن أو السنّة.[401] أما العنف والعداء الظاهر فكان نادرًا جدًا.[402]

ويدعي برنارد لويس، أنه في الفترة السابقة على القرن التاسع عشر، لم يكن أحد يهتم بالتسامح في التعامل مع غير المؤمنين في الإسلام والمسيحية.[403] وأن التعريف المعروف للتسامح كان: “أنا القائد. سوف أمنحك بعض من الحقوق والصلاحيات التي أتمتع بها ولكن ليس كلها، بشرط أن تعيش بحسب القوانين التي أفرضها وأتحكم بها أنا.”،[404] غير أن هذا غير صحيح، فالقائد المسلم يحكم بأحكام الشريعة الإسلامية التي توضح كل الأمور ولا تدع مجالاً للتسلط، وإن لم يحكم بها القائد فكل الرعية ستعاني منه ولا يصح التهكم على هذا القائد والخروج عن طاعته بناء على أنه مخالف.

ويقول برنارد لويس أنه في الأصل كان مسموح لليهود والمسيحيين —أهل الكتاب— أن يعيشوا في البلاد الإسلامية باعتبارهم أهل الذمة وكان من المسموح لهم أن “يمارسوا طقوسهم الدينية تحت قيود معينة والتمتُع ببعض الحكم الذاتي لدينهم” ويتم الدفاع عن أمانهم وممتلكاتهم مقابل دفعهم للجزية، على صعيد آخر يفرض على المسلمين دفع الزكاة وهي نوع من الضرائب أيضًا.[405] يقول برنارد لويس أنه بالرغم من منزلة الذميين المنخفضة في الدول الإسلامية إلا أن حالهم كانت جيدة بالمقارنة مع غير المسيحيين أو حتى المسيحيون من مذاهب غير رسمية في الدول المسيحية القديمة.[406] كان من النادر أن يُعدم أو يُهَجَر ذمّي، أو أن يجبر على ترك دينه. كان أهل الذمة أحرار في اختيار مساكنهم وأعمالهم التي يكسبون بها رزقهم.[401] وأن أغلب الحالات التي غير فيها ذميّ دينه كانت باختياره، ولأسبابه الخاصة. مع ذلك كانت هناك حالات من الإجبار لتغيير الدين في القرن الثاني عشر في شمال أفريقيا، الأندلس وبلاد فارس،[407] وكلام لويس هذا بعضه صحيح والبعض الآخر فيه نظر، وفقًا لبعض الباحثين. وهناك البعض من غير المسلمين، وخاصة الغربيين، ممن يؤمنون بأن الإسلام يُشكل خطرًا على دولهم، خصوصًا بعد هجمات 11 سبتمبر على برجيّ مركز التجارة العالمي بمدينة نيويورك والتي وُجهت فيها أصابع الاتهام إلى تنظيم القاعدة، إضافة إلى سلسلة هجمات إرهابية أخرى في محطات القطارات والحافلات في أوروبا، اتهمت منظمات إسلامية بالوقوف ورائها. ومما زاد من خوف هؤلاء الناس، الانتشار السريع للإسلام في الدول الغربية بفعل ازدياد عدد المهاجرين من المسلمين، واعتناق عدد من السكان المحليين لهذا الدين، ويُطالب هؤلاء بعدّة أمور لضمان عيشهم بأمان، منها عدم بناء المساجد وعدم السماح بتطبيق الشريعة الإسلامية.[408] وبالمقابل، فهناك نسبة أخرى من الغربيين لا تؤمن بأن الإسلام يُشكل خطرًا عليها ولا تمانع ببناء المساجد وتطبيق الشريعة في المجتمعات الإسلامية المغتربة.

تكوّنت خلال مراحل التاريخ الإسلامي فرق متعددة، كان مدار الخلاف بينها وبين المسلمين الحاكمين هو الخلافة وإمامة المسلمين وزعامتهم، أي أن الخلاف كان شبه سياسي. والبعض من هذه الفرق ما زال موجودًا حتى الوقت الحالي وبعضها الآخر اندثر. أما أهم الطوائف الإسلامية الحالية فهي:

وبالإضافة للطوائف سالفة الذكر، هناك بضعة طوائف أخرى باقية وأخرى مندثرة: فمن أبرز الفرق الدينية الزائلة، فرقة الخوارج، وهم الفريق الذي انشق عن الإمام علي بن أبي طالب، أو “خرجوا” عنه، بعد معركة صفين ولم يقبلوا بمبدأ التحكيم بينه وبين معاوية بن أبي سفيان. كان الخوارج يرون أن الخلافة غير محصورة في قبيلة قريش، بل هي حق لكل مسلم، ودعوا لإقرار المبادئ الديمقراطية التي دعا إليها الإسلام. أما إذا لم يقتنع خصومهم بهذه المبادئ من طريق الرأي والجدل، فيجب أن يُقنعوا بها بالقوة والعنف. أما أشهر فرق الخوارج فهي: الأزارقة، النجدات، الصفرية، الإباضية، والأخيرة أكثر فرق الخوارج تساهلاً، ولذلك استطاعت البقاء إلى الوقت الحاضر، إذ يوجد منهم اليوم في الجزائر وتونس وسلطنة عمان وليبيا وزنجبار.[438][439] ومن الطوائف المندثرة أيضًا: القرامطة والحشاشون. وهناك طائفة من المسلمين ترفض اللجوء إلى الحديث النبوي لاستنباط الأحكام الشرعيّة، ولا ترجع إلا للقرآن، وهؤلاء يُطلق عليهم “القرآنيون”.

“Despite the fact that they did not have a quantified theory of error they were well aware that an increased number of observations qualitatively reduces the uncertainty.”

“According to the majority of the historians al-Haytham was the pioneer of the modern scientific method. With his book he changed the meaning of the term optics and established experiments as the norm of proof in the field. His investigations are based not on abstract theories, but on experimental evidences and his experiments were systematic and repeatable.”

النبيّ هود -عليه السلام- هو أحد الأنبياء المذكورين في القرآن الكريم، اسمه هود بن شالخ بن سام بن نوح -عليه السلام-، وقد أرسله الله تعالى إلى قوم عاد، وسُمّيت إحدى سور القرآن الكريم على اسمه وهي: سورة هود، وقد ذُكر النبي هود -عليه السلام- سبع مرات في القرآن الكريم، منها خمس مرات في سورة هود، ومرة في سورة الشعراء، ومرة في سورة الأعراف وقد ذكر القرآن الكريم قصة هو -عليه السلام-، وهي قصة مثيرة في أحداثها، وفي هذا المقال سيتم ذكر قصة هود عليه السلام.

قصة هود -عليه السلام- من القصص المليئة بالعبر، حيث أرسله الله تعالى إلى قوم عاد، الذين تفشّى فيهم الظلم وأصبحوا جبّارين يبطشون في الأرض ويعيثون فيها فسادًا، وينكرون نعم الله عليهم، وأغرَتْهم قوتهم وحضارتهم، وظنّوا أنْ لا أحدَ يقدر عليهم، فبعث الله إليهم هود -عليه السلام- لينصحهم ويذكرهم بالله ويدعوهم إلى عبادة الله تعالى وحده والتخلي عن عبادة الأوثان، وذكرهم بنعم الله التي أنعمها عليهم، وأمرهم بالاستغفار والرجوع إلى الله تعالى والتوبة النّصوح كي يزيدهم الله من خيره، وبين لهم هود -عليه السلام- أنّ دعوته لهم ليس من ورائها أموال أو مصلحة، بل هي دعوة خالصة لله تعالى، لكنّهم عاندوه ورفضوا دعوته واتّهموه بالسفاهة والجنون والكذب، واتّهموه بأنّه مصاب في عقله، وصارحوه بكفرهم واتباعهم للهوى.

ومَكَث فيهم هود -عليه السلام- ما شاء الله له، ودارت بينه وبينهم العديد من جلسات المناظرة، واتّبع معهم مختلف وسائل الدعوة والإقناع والترغيب والترهيب، لكنّهم لم يتبعوه، وأعلنوا له صراحة أن دين آبائهم هو دين الحق، وتحدّوا الله تعالى بأن ينزل عليهم العذاب، فأمر الله تعالى السماء فأمسكت عن المطر، فأجدبت أرضهم وأصبحت قاحلة، لكنّهم بَقوا في لهوهم وطغيانهم، فأمر الله تعالى الريح أن تهيج، وأمر السحاب أن يُساق إليهم، فرأوا المطر واستبشروا، لكنّها في الواقع كانت ريحًا عقيمًا عاتية، دمرت كل شيء، وسخرها الله عليهم سبع ليالٍ وثمانية أيّام، وكانت رياح شديدة القوة لدرجة أنّها تحملهم إلى أعلى وتُسقطهم على رؤوسهم فتنكسر أعناقهم، فأصبحوا وكأنهم أعجاز نخلٍ خاوية. [١]

ذكر القرآن الكريم قصة هود -عليه السلام- مع قومه عاد، وقوم عاد يتبعون إلى عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح، وهم معروفون بالعِناد والطغيان والفساد والبطش، ولديهم الكثير من الأموال والقوة، وقد كانوا يعيشون في منطقة الأحقاف في اليمن في مملكة إرم التي سُمّيت إرم ذات العماد لطولهم، ويمتلكون أجسادًا ضخمة وأبدانًا قوية، وقد كانت الخلافة لهم من بعد قوم نوح، وَيتميّزون بالقوّة الاقتصادية والعسكرية، ولهم حياتهم المدنية، وأبنيتهم ضخمة ومتطاولة ورفيعة، ولهم عيون وجنات، ومواشيهم كثيرة وأموالهم فائضة، وأبناؤهم كثيرون، وكانوا يعيشون حياة الترف وألهتهم الحياة الدنيا، وتنافسوا في بناءِ المساكن والأبراج الشاهقة ليخلدوا ذكراهم في الدنيا، لكنّهم قابلوا نعم الله بالكفران والنكران والجحود وعبدوا الأوثان بدل عبادة الله تعالى، واعتقدوا أن الضر والنفع بيد الأوثان، فأنزل الله عليهم العقاب الشديد. [٢]قصة قوم النبي هود

تتضمّن قصة هود -عليه السلام- العديد من العبر والمواعظ، خصوصًا أن الله تعالى ذكر هذه القصة في القرآن الكريم لتكون شاهدة على إنكار المكذبين وعاقبتهم وجزائهم العادل من الله تعالى، وأهمّ ما تضمّنته قصة هود -عليه السلام- ما يأتي: [٣]

جميع الحقوق محفوظة © وزي وزي.كوم 2019

جميع الحقوق محفوظة © وزي وزي.كوم 2019

تفرد القرآن الكريم خاتم الكتب الذي أنزله الله تعالى على خاتم الأنبياء والمرسلين بذكر خبر نبي الله تعالى ورسوله هود – عليه الصلاة والسلام -، فقد أخبر كتاب الله تعالى المعجز الخاتم أخبار هود وقومه، فعدد صفات هؤلاء القوم، وما آتاهم الله تعالى من قوة ومنعة لم يؤتها أحداً من العالمين، كما وأخبر الله تعالى في كتابه العزيز كيف دعاهم رسول الله هود إلى توحيد الله تعالى وكيف حاول ثنيهم وإبعادهم عن عبادة الأوثان التي لا تضر ولا تنفع، وأخبر كيف أنكروا رسالته وكيف استهزأوا به وبرسالته وبما جاء به، وأخيراً كيف أهلكهم الله تعالى بظلمهم وطغيانهم الذي كانوا عليه.

قوم هود هم قوم عاد، وعاد هو اسم الأب الأكبر لهذه القبيلة، والراجح عند عدد كبير من المؤرخين والمختصين أن هذا الاسم هو اسم عربي، وقد اختلف المختصون في نسب نبي الله تعالى هوداً – عليه الصلاة والسلام -، فالبعض قال أن هوداً يكون ابن عم أبي عاد، وهناك من قال أن هوداً هو ابن شالح بن أرفخشذ بن سام بن نوح – عليه السلام -، وهناك قول ينسب هوداً إلى أرم بن سام بن نوح وهناك من ينسب هوداً إلى عبدالله بن رباح بن الخلود بن عاد بن عوص بن أرم بن سام بن نوح.

أما مكان تواجدهم، فقد أورد المختصون أنهم كانوا من سكان الأحقاف، والأحقاف هي التي تقع إلى الجنوب من صحراء الربع الخالي وحضر موت، وإلى الغرب من سلطنة عُمان، ومن هنا فإن موقع هذه البلاد في يومنا هذا ليس فيه أنيس ولا أثر، إذ إن الكثبان الرملية العالية هي التي تغطي تلك المنطقة، ويعتقد بعض المختصين أن التنقيب الأثري الجاد في تلك المنطقة قد يظهر آثارهم البائدة، إذ إنها قد تكون مدفونة تحت تلك الرمال والكثبان الرملية. وقد استطاع بعض أهل حضر موت أن ينقبوا تنقيباً بسيطاً ووجدوا الآنية المصنوعة من المرمر، والتي عليها كتابة بالخط السومري، إلا أن البدو السكان الأصليين لتلك المنطقة أبوا ورفضوا أن تستمر تلك التنقيبات طمعاً في الأموال.
قصة قوم النبي هود

بقي أن نذكر ترتيب عاد بين الأقوام، فالراجح أنهم كانوا بعد قوم نوح – عليه السلام -، وقبل ثمود قوم صالح – عليه السلام -، وأن إبراهيم الخليل وقصته قد ولت فترة صالح – عليه السلام -. يذكر أن قصة هود – عليه السلام – مع قومه قد وردت في كتاب الله 7 مرات، في 3 سور وهي الأعراف والشعراء وهود.

تم الإرسال بنجاح، شكراً لك!

جميع الحقوق محفوظة © موضوع 2019

جميع الحقوق محفوظة © موضوع 2019

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتقديم أفضل خدمة متاحة؛ كالتصفح، وعرض الإعلانات، وجمع الإحصائيات المختلفة، وبتصفحك الموقع فإنك تقر بموافقتك على هذا الاستخدام. للمزيد اقرأ
ملفات تعريف الارتباط.

كانت سنّة الله -تعالى- في كونه أن يرسل للبشر كلّ فترةٍ من الزمن نبياً لهم؛ ليرشدهم إلى طريق توحيد الله سبحانه، ويرغّبهم في نعيم الله -تعالى- وعطائه، ويخوّفهم من عذابه إن حادوا عن الطريق وكفروا به، لكنّ الله -تعالى- سبق في علمه بأنّ قليلاً من الناس سيؤمنون ويلتزمون بنصائح نبيّهم؛ ذلك بأنّ الإنسان في طبعه يغلب عليه الكسل، ويغترّ بنفسه وقوّته، حيث قال الله تعالى: (مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ )،[١] وكما كانت سنّة الله -تعالى- في إرسال الأنبياء مُبشّرين ومنذرين، جرت سنّته كذلك على إلحاق العذاب الشديد بمَن كفر بعد أن يمهلهم الوقت للرجوع والإنابة، وكان قوم عاد من الأقوام التي أُرسل إليها نبيّاً فكفروا به وأنكروا قوله، واغترّوا بقوّتهم وعمرانهم والنعيم من حولهم، فأهلكهم الله -تعالى- وأنهى نسلهم.

سكن قوم عاد في اليمن وتحديداً في الأحقاف؛ وهو جبل الرمل، حيث متّعهم الله -سبحانه- بقوّةٍ في الأبدان، وبسط لهم في المال الشيء الكثير، حتى أصبحوا أصحاب قوّة ماديّة وبدنيّة، حيث كانوا أصحاب أكبر قوّة عسكريّة في زمانهم، وكانت لهم الخِلافة في الأرض من بعد قوم نوح عليه السلام، وحينما دعاهم هود -عليه السلام- أخبرهم بأنّ قوّتهم لن تغنيَ عنهم من الله شيئاً، فقال الله تعالى: (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ)،[٢] وذكر الله -تعالى- في كتابه صور قوّتهم وعمرانهم في عدّة آياتٍ؛ منها قول الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ*إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ*الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ)،[٣] وقال: (أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ*وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ)،[٤] وقال أيضاً: (وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ)،[٥] حيث كانت قوّة قوم عاد لا تضاهيها أي قوّة في ذلك الزمان، وامتازوا أيضاً بمتاع الحياة الذي انتشر بسبب الرخاء والقوة والقدرة، وكذلك تربية المواشي، وبناء المصانع والعمران، والشعور بالحضارة العظيمة والسيطرة على جميع مناحي الحياة، حيث كان كلّ ذلك ابتلاءً لهم؛ ليعلم الله -تعالى- من يُرجع الفضل والقوّة إليه، ومن يغترّ بعظمته وقدرته وينسب ذلك إلى نفسه.[٦]

أُرسل هود -عليه السلام- إلى قومه برسالة التوحيد لله تعالى، وداعياً لهم بشكر النعم وردّ فضلها إلى الله، وقال العلماء إنّ هوداً -عليه السلام- لم يذكر له معجزة في القرآن، إلا أنّ معجزته قد تكون ظهوره بين قومه، متحدّياً لهم، حيث قال الله -تعالى- في هود عليه السلام: (فَكيدوني جَميعًا ثُمَّ لا تُنظِرونِ)،[٧] فرغم كلّ القوّة التي كانت عند قوم عاد إلّا أنّه لم يستطع أحد أن يؤذي هود -عليه السلام- بأي بسوء بالرغم من أنّه كان منفرداً يواجه قوماً بأكمله، وقال العالم الألوسي في تفسير ذلك: أيّاً ما كان فذاك من أعظم المعجزات، وبناءً على ذلك فهود -عليه السلام- كان منفرداً بين جمع من العتاة الجبابرة العطاش إلى إراقة دمه، وقد خاطبهم بتوحيد الله -تعالى- وحقّرهم وآلهتهم وهيّجهم على ما هيّجهم، فلم يستطيعوا مباشرة شيء ممّا كلّفوه، وظهر عجزهم عن ذلك ظهوراً بيّناً.[٨]

قصة قوم النبي هود

لم يستجب قوم عاد لأمر نبيّهم هود عليه السلام، بل بادروه بالاتهامات والشتائم والاستهزاء، فقال الله تعالى: (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ)،[٩] فكان ذلك من سوء أدبهم مع الله -تعالى- ونبيّه الكريم، ورُوي أنّ قوم عاد كانوا أوّل من عبد الأصنام بعد قوم نوح عليه السلام، فقد مكثت الأرض عشرة قرون بين آدم ونوح -عليهما السلام- على توحيد الله تعالى، ثمّ جاء قوم نوح فعبدوا الأصنام فأهلكهم الله جميعاً، وأبقى المؤمنين الموحّدين، ثمّ جاء قوم عاد بعبادة الأصنام، وتبجّحوا بذلك، وسخروا من نبيّهم الذي دعاهم إلى التوحيد وترك الشرك بالله، حيث قابل هود -عليه السلام- التكذيب والاستهزاء بالإحسان واللين في الدعوة، والعمل على تذكير وإرشاد قومه إلى طريق الهداية؛ لأنّ الصبر والاحتساب من سمات الرسل عليهم السلام، قال الله تعالى: (أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً).[٢][١٠]

إنّ عقوبة الله -تعالى- تكون للظالمين بما يناسب ظلمهم وإعراضهم عن دعوة نبيّهم، فقد كان قوم عاد قوماً جبّارين وأقوياء، وأصحاب بسطة في العمران والأبدان، وبعد أن كفروا بنعم الله -تعالى- عليهم عذّبهم الله بسبب ذلك، حيث قال الله تعالى: (فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً)،[١١] وكانت عاقبة أمرهم بأن سلّط الله عليهم الريح، قال الله تعالى: (سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ*فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ)،[١٢] فكان هلاك كلّ قوّتهم وعظمتهم بأبسط الأشياء وأضعفها، وهو الهواء الذي يتنفسونه ولا يكادون يكترثون به ويشعرون به، حيث سُلّط عليهم الريح الذي استمرّ ثمانية أيام، حتى اقتُلعت بيوتهم وحصونهم، فكان الواحد منهم يُرفع إلى السماء ثمّ يسقط أرضاً، فينكسر رأسه، وقد حملت الرّيح بعضهم فألقته في البحر، فلم يبق أي أحد من الكفار والجاحدين بالله تعالى، قال الله تعالى: (فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ)،[١٣][١٠]

تم الإرسال بنجاح، شكراً لك!

جميع الحقوق محفوظة © موضوع 2019

جميع الحقوق محفوظة © موضوع 2019

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتقديم أفضل خدمة متاحة؛ كالتصفح، وعرض الإعلانات، وجمع الإحصائيات المختلفة، وبتصفحك الموقع فإنك تقر بموافقتك على هذا الاستخدام. للمزيد اقرأ
ملفات تعريف الارتباط.


وهو هود بن شالخ بن أرفحشذ بن سام بن نوح عليه السلام.

ويقال إن هودًا هو: عابر بن شالخ بن أرفحشذ بن سام بن نوح.

ويقال هود بن عبد الله بن رباح بن الجارود بن عاد بن عوص بن ارم بن سام بن نوح عليه السلام، ذكره ابن جرير وكان من قبيلة يقال لهم: عاد بن عوص بن سام بن نوح، وكانوا عربًا يسكنون الأحقاف، وهي جبال الرمل، وكانت باليمن من عمان وحضرموت بأرض مطلة على البحر يقال لها: الشحر، واسم واديهم مغيث.

وكانوا كثيرًا ما يسكنون الخيام ذوات الأعمدة الضخام.
قصة قوم النبي هود

كما قال تعالى: { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ } [الفجر: 6-7] أي: عاد إرم وهم عاد الأولى.

وأما عاد الثانية فمتأخرة كما سيأتي بيان ذلك في موضعه.

وأما عاد الأولى: فهم عاد { إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ } [الفجر: 7-8] أي: مثل القبيلة. وقيل مثل العمد، والصحيح الأول كما بيناه في التفسير.

ومن زعم أن إرم مدينة تدور في الأرض، فتارة في الشام، وتارة في اليمن، وتارة في الحجاز، وتارة في غيرها فقد أبعد النجعة، وقال ما لا دليل عليه، ولا برهان يعول عليه، ولا مستند يركن إليه.

وفي صحيح ابن حبان عن أبي ذر في حديثه الطويل في ذكر الأنبياء والمرسلين قال فيه: منهم أربعة من العرب: هود، وصالح، وشعيب، ونبيك يا أبا ذر.

ويقال: إن هودًا عليه السلام أول من تكلم بالعربية.

وزعم وهب بن منبه أن أباه أول من تكلم بها.

وقال غيره: أول من تكلم بها نوح.

وقيل: آدم وهو الأشبه قبل غير ذلك، والله أعلم.

ويقال للعرب الذين كانوا قبل إسماعيل عليه السلام: العرب العاربة وهم قبائل كثيرة منهم: عاد، وثمود، وجرهم، وطسم، وجديس، وأميم، ومدين، وعملاق، وعبيل، وجاسم، وقحطان، وبنو يقطن، وغيرهم.

وأما العرب المستعربة: فهم من ولد إسماعيل بن إبراهيم الخليل.

وكان إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام أول من تكلم بالعربية الفصيحة البليغة، وكان قد أخذ كلام العرب من جرهم الذين نزلوا عند أمه هاجر بالحرم، كما سيأتي بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى. ولكن أنطقه الله بها في غاية الفصاحة، والبيان. وكذلك كان يتلفظ بها رسول الله ﷺ.

والمقصود أن عادًا وهم عاد الأولى كانوا من عبد الأصنام بعد الطوفان، وكان أصنامهم ثلاثة: صدا، وصمودا، وهرا. فبعث الله فيهم أخاهم هودًا عليه السلام فدعاهم إلى الله كما قال تعالى بعد ذكر قوم نوح، وما كان من أمرهم في سورة الأعراف: { وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ * قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ * أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ * فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ } [الأعراف: 65-72] .

وقال تعالى بعد ذكر قصة نوح في سورة هود:

{ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ * يَاقَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ * وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ * قَالُوا يَاهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ * إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ * وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ * وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ } [هود: 50 -60] .

وقال تعالى في سورة قد أفلح المؤمنون بعد قصة قوم نوح:

{ ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ * فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ * وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ * وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ * أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ * هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ * إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ * إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ * قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ * قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } [31-41] .

وقال تعالى في سورة الشعراء بعد قصة قوم نوح أيضًا:

{ كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ * وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ * أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ * وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ * إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ * وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } [123-140] .

وقال تعالى في سورة فصلت:

{ فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ } [15-16] .

وقال تعالى في سورة الأحقاف: {

وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ * فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ } [21-25] .

وقال تعالى في الذاريات: { وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ * مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ } [الذاريات: 41-42] .

وقال تعالى في النجم: { وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى * وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى * وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى * وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى * فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى } [النجم: 50-55] .

وقال تعالى في سورة اقتربت: { كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ * تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ } [القمر: 18-22] .

وقال في الحاقة: { وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ } [6-8] .

وقال في سورة الفجر: { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ } [6-14] .

وقد تكلمنا على كل من هذه القصص في أماكنها، من كتابنا (التفسير)، ولله الحمد والمنة.

وقد جرى ذكر عاد في سورة براءة، وإبراهيم، والفرقان، والعنكبوت، وفي سورة (ص)، وفي سورة (ق)، ولنذكر مضمون القصة مجموعًا من هذه السياقات مع ما يضاف إلى ذلك من الأخبار، وقد قدمنا أنهم أول الأمم عبدوا الأصنام بعد الطوفان، وذلك بين في قوله لهم: { وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [الأعراف: 69] أي: جعلهم أشد أهل زمانهم في الخلقة، والشدة، والبطش.

وقال في المؤمنون: { ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ } [المؤمنون: 31] وهم قوم هود على الصحيح.

وزعم آخرون أنهم ثمود لقوله: { فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً } [المؤمنون: 41] قالوا: وقوم صالح هم الذين أهلكوا بالصيحة.

{ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ } وهذا الذي قالوه لا يمنع من اجتماع الصيحة والريح العاتية عليهم. كما سيأتي في قصة أهل مدين أصحاب الأيكة، فإنه اجتمع عليهم أنواع من العقوبات، ثم لا خلاف أن عادا قبل ثمود.

والمقصود أن عادًا كانوا عربًا جفاة كافرين، عتاة متمردين في عبادة الأصنام، فأرسل الله فيهم رجلًا منهم يدعوهم إلى الله، وإلى إفراده بالعبادة والإخلاص له، فكذبوه، وخالفوه، وتنقصوه، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، فلما أمرهم بعبادة الله، ورغبهم في طاعته واستغفاره، ووعدهم على ذلك خير الدنيا والآخرة، وتوعدهم على مخالفة ذلك عقوبة الدنيا والآخرة.

{ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ } [الأعراف: 66] أي: هذا الأمر الذي تدعونا إليه سفه بالنسبة إلى ما نحن عليه من عبادة هذه الأصنام التي يرتجى منها النصر والرزق، ومع هذا نظن أنك تكذب في دعواك أن الله أرسلك.
قصة قوم النبي هود

{ قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [الأعراف: 67] أي ليس الأمر كما تظنون، ولا ما تعتقدون.

{ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ } والبلاغ يستلزم عدم الكذب في أصل المبلغ، وعدم الزيادة فيه، والنقص منه، ويستلزم إبلاغه بعبارة فصيحة وجيزة، جامعة مانعة، لا لبس فيها ولا اختلاف، ولا اضطراب.

وهو مع هذا البلاغ على هذه الصفة في غاية النصح لقومه والشفقة عليهم، والحرص على هدايتهم، لا يبتغي منهم أجرًا ولا يطلب منهم جعلًا، بل هو مخلص لله عز وجل في الدعوة إليه والنصح لخلقه، لا يطلب أجره إلا من الذي أرسله، فإن خير الدنيا والآخرة كله في يديه، وأمره إليه.

ولهذا { يَاقَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ } [هود: 51] أي ما لكم عقل تميزون به، وتفهمون أني أدعوكم إلى الحق المبين، الذي تشهد به فطركم التي خلقتم عليها، وهو دين الحق الذي بعث الله به نوحًا وأهلك من خالفه من الخلق، وها أنا أدعوكم إليه، ولا أسألكم أجرًا عليه، بل أبتغي ذلك عند الله مالك الضر والنفع.

ولهذا قال مؤمن يس: { اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ * وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [يس: 21-22] .

وقال قوم هود له فيما قالوا: { قَالُوا يَاهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ * إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ… } [هود: 53 -54] يقولون: ما جئتنا بخارق يشهد لك بصدق، ما جئت به وما نحن بالذين نترك عبادة أصنامنا عن مجرد قولك بلا دليل أقمته، ولا برهان نصبته، وما نظن إلا أنك مجنون فيما تزعمه، وعندنا إنما أصابك هذا أن بعض آلهتنا غضب عليك فأصابك في عقلك، فاعتراك جنون بسبب ذلك.

وهو قولهم: { قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ } [هود: 54-55] .

وهذا تحدٍ منه لهم، وتبرٍ من آلهتهم، وتنقص منه لها، وبيان أنها لا تنفع شيئًا ولا تضر، وأنها جماد حكمها حكمه، وفعلها فعله، فإن كانت كما تزعمون من أنها تنصر، وتنفع، وتضر، فها أنا بريء منها، لاعن لها.

{ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ } أنتم جميعًا بجميع ما يمكنكم أن تصلوا إليه، وتقدروا عليه، ولا تؤخروني ساعة واحدة ولا طرفة عين، فإني لا أبالي بكم، ولا أفكر فيكم، ولا أنظر إليكم.

{ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } [هود: 56] أي: أنا متوكل على الله ومتأيد به، وواثق بجنابه الذي لا يضيع من لاذ به واستند إليه، فلست أبالي مخلوقًا سواه، ولست أتوكل إلا عليه، ولا أعبد إلا إياه.

وهذا وحده برهان قاطع على أن هودًا عبد الله ورسوله، وأنهم على جهل وضلال في عبادتهم غير الله، لأنهم لم يصلوا إليه بسوء، ولا نالوا منه مكروهًا، فدل على صدقه فيما جاءهم به، وبطلان ما هم عليه، وفساد ما ذهبوا إليه.

وهذا الدليل بعينه قد استدل به نوح عليه السلام قبله في قوله: { يَاقَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ } [يونس: 71]

وهكذا قال الخليل عليه السلام: {… وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ * وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ * وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } [الأنعام: 80-83] .

{ وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ * وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ * أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ } [المؤمنون: 33-35] .

استبعدوا أن يبعث الله رسولًا بشريًا، وهذه الشبهة أدلى بها كثير من جهلة الكفرة قديمًا وحديثًا كما قال تعالى: { أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ } [يونس: 2] .

وقال تعالى: { وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا * قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا } [الإسراء: 94-95] .

ولهذا قال لهم هود عليه السلام { أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ } [الأعراف: 63] أي: ليس هذا بعجيب، فإن الله أعلم حيث يجعل رسالته.

وقوله: { أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ * هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ * إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ * إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ * قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ } [المؤمنون: 35-39] .

استبعدوا المعاد، وأنكروا قيام الأجساد، بعد صيرورتها ترابًا وعظامًا، وقالوا: هيهات هيهات.

أي: بعيد بعيد هذا الوعد، إن هي إلا حياتنا الدنيا، نموت ونحي، وما نحن بمبعوثين.

أي: يموت قوم، ويحيى آخرون، وهذا هو اعتقاد الدهرية، كما يقول بعض الجهلة من الزنادقة، أرحام تدفع، وأرض تبلع.

وأما الدورية: فهم الذين يعتقدون أنهم يعودون إلى هذه الدار، بعد كل سنة وثلاثين ألف سنة، وهذا كله كذب، وكفر، وجهل، وضلال، وأقوال باطلة، وخيال فاسد بلا برهان ولا دليل، يستميل عقل الفجرة الكفرة من بني آدم، الذين لا يعقلون، ولا يهتدون، كما قال تعالى: { وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ } [الأنعام: 113] .

وقال لهم فيما وعظهم به: { أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ } [الشعراء: 128-129] .

يقول لهم: أتبنون بكل مكان مرتفع بناء عظيمًا هائلًا كالقصور ونحوها، تعبثون ببنائها، لأنه لا حاجة لكم فيه، وما ذاك إلا لأنهم كانوا يسكنون الخيام، كما قال تعالى: { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ } [الفجر: 6-7 -8] فعاد إرم، هم عاد الأولى، الذين كانوا يسكنون الأعمدة التي تحمل الخيام.

ومن زعم أن إرم مدينة من ذهب وفضة، وهي تتنقل في البلاد، فقد غلط وأخطأ، وقال ما لا دليل عليه.

وقوله: { وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ } قيل: هي القصور. وقيل: بروج الحمام، وقيل: مآخذ الماء.

{ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ } [الشعراء: 129] أي: رجاء منكم أن تعمروا في هذه الدار، أعمارًا طويلة.

{ وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ * أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ * وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } [الشعراء: 130-135] .

وقالوا له مما قالوا: { قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ } [الأعراف: 70] أي: أجئتنا لنعبد الله وحده، ونخالف آباءنا وأسلافنا وما كانوا عليه، فإن كنت صادقًا فيما جئت به فأتنا بما تعدنا من العذاب والنكال، فإنا لا نؤمن بك، ولا نتبعك، ولا نصدقك.

كما قالوا: {… سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ * إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ * وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } [الشعراء: 136- 138] .

أما على قراءة فتح الخاء؛ فالمراد به اختلاق الأولين، أي: أن هذا الذي جئت به إلا اختلاق منك، وأخذته من كتب الأولين. هكذا فسره غير واحد من الصحابة، والتابعين.

وأما على قراءة ضم الخاء واللام، فالمراد به الدين، أي: أن هذا الدين الذي نحن عليه، إلا دين الآباء والأجداد من أسلافنا، ولن نتحول عنه ولا نتغير ولا نزال متمسكين به.

ويناسب كلا القراءتين الأولى والثانية، قولهم: { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ }

قال: {… قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ } [الأعراف: 71] أي: قد استحقيتم بهذه المقالة الرجس والغضب من الله، أتعارضون عبادة الله وحده لا شريك له، بعبادة أصنام أنتم نحتموها، وسميتموها آلهة من تلقاء أنفسكم، اصطلحتم عليها أنتم وآباؤكم.

{ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ أي: لم ينزل على ما ذهبتم إليه دليلًا، ولا برهانًا، وإذا أبيتم قبول الحق، وتماديتم في الباطل، وسواء عليكم أنهيتكم عما أنتم فيه، أم لا، فانتظروا الأن عذاب الله الواقع بكم، وبأسه الذي لا يرد، ونكاله الذي لا يصد.

وقال تعالى: { قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ * قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } [المؤمنون: 39 – 41] .

وقال تعالى: { قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ * فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ } [الأحقاف: 22 – 25] .

وقد ذكر الله تعالى خبر إهلاكهم في غير ما آية، كما تقدم مجملًا ومفصلًا كقوله: { فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ } [الأعراف: 72] .

وكقوله: { وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ * وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ } [هود: 58-60] .

وكقوله: { فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } [المؤمنون: 41] .

وقال تعالى: { فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } [الشعراء: 139-140] .

وأما تفصيل إهلاكهم، فلما قال تعالى: { فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } [الأحقاف: 24] كان هذا أول ما ابتدأهم العذاب، أنهم كانوا ممحلين مسنتين، فطلبوا السقيا فرأوا عارضًا في السماء، وظنوه سقيا رحمة، فإذا هو سقيا عذاب.

ولهذا قال تعالى: { بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ } أي: من وقوع العذاب. وهو قولهم: { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ } ومثلها في الأعراف.

وقد ذكر المفسرون وغيرهم ههنا الخبر الذي ذكره الإمام محمد بن إسحق بن بشار قال: فلما أبو إلا الكفر بالله عز وجل، أمسك عنهم المطر ثلاث سنين حتى جهدهم ذلك. قال: وكان الناس إذاجهدهم أمر في ذلك الزمان، فطلبوا من الله الفرج منه إنما، يطلبونه بحرمه ومكان بيته، وكان معروفًا عند أهل ذلك الزمان.

وبه العماليق مقيمون، وهم من سلالة عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح وكان سيدهم إذ ذاك رجلًا يقال له: معاوية بن بكر، وكانت أمه من قوم عاد واسمها جلهدة ابنة الخيبري.

قال: فبعث عاد وفدًا قريبًا من سبعين رجلًا ليستقوا لهم عند الحرم، فمروا بمعاوية بن بكر بظاهر مكة، فنزلوا عليه فأقاموا عنده شهرًا يشربون الخمر، يغنيهم الجرادتان قينتان لمعاوية، وكانوا قد وصلوا إليه في شهر، فلما طال مقامهم عنده وأخذته شفقة على قومه، واستحيى منهم أن يأمرهم بالانصراف عمل شعرا فيعرض لهم بالانصراف، وأمر القينتين أن تغنيهم به فقال:

ألا يا قيل ويحك فم فهيم * لعل الله يمنحنا غماما

فيسقي أرض عاد إن عادًا * قد أمسوا لا يبينون الكلاما

من العطش الشديد فليس نرجو * به الشيخ الكبير ولا الغلاما

وقد كانت نساؤهم بخير * فقد أمست نساؤهم أياما

وإن الوحش يأتيهم جهارا * ولا يخشى لعادي سهاما

وأنتم ههنا فيما اشتهيتم * نهاركم وليلكم تماما

فقبح وفدكم من وفد قوم * ولا لقوا التحية والسلاما

قال فعند ذلك تنبه القوم لما جاءوا له، فنهضوا إلى الحرم، ودعوا لقومهم، فدعا داعيهم وهو قيل بن عنز فأنشأ الله سحابات ثلاثًا بيضاء، وحمراء، وسوداء. ثم ناداه مناد من السماء اختر لنفسك ولقومك من هذا السحاب.

فقال: اخترت السحابة السوداء، فإنها أكثر السحاب ماء، فناداه: اخترت رمادًا رمددًا، لا تبقى من عاد أحدًا، لا والدًا يترك ولا ولدًا، إلا جعلته همدًا، إلا بني اللودية الهمدا. قال: وهو بطن من عاد كانوا مقيمين بمكة، فلم يصبهم ما أصاب قومهم.

قال: ومن بقي من أنسابهم وأعقابهم، هم عاد الآخرة. قال: وساق الله السحابة السوداء التي اختارها قيل بن عنز بما فيها من النقمة إلى عاد، حتى تخرج عليهم من واد يقال له: المغيث، فلما رأوها استبشروا وقالوا: هذا عارض ممطرنا، فيقول تعالى:

{ بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم * تدمر كل شيء بأمر ربها } أي: كل شيء أمرت به، فكان أول من أبصر ما فيها وعرف أنها ريح، فيما يذكرون امرأة من عاد يقال لها: فهد.

فلما تبينت ما فيها صاحت ثم صعقت، فلما أفاقت قالوا: ما رأيت يا فهد؟

قالت: رأيت ريحًا فيها كشهب النار، أمامها رجال يقودونها.

{ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا }، والحسوم: الدائمة، فلم تدع من عاد أحدًا إلا هلك.

قال: واعتزل هود عليه السلام فيما ذكر لي في حظيرة هو ومن معه من المؤمنين، ما يصيبهم إلا ما يلين عليهم الجلود، ويلتذ الأنفس، وإنها لتمر على عاد بالطعن، فيما بين السماء والأرض، وتدمغهم بالحجارة، وذكر تمام القصة.

وقد روى الإمام أحمد حديثًا في (مسنده)، يشبه هذه القصة، فقال: حدثنا زيد بن الحباب، حدثني أبو المنذر سلام بن سليمان النحوي، حدثنا عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل، عن الحارث – وهو ابن حسان – ويقال ابن يزيد البكري، قال:

خرجت أشكو العلا بن الحضرمي إلى رسول الله ﷺ، فمررت بالربذة، فإذا عجوز من بني تميم منقطع بها، فقالت لي: يا عبد الله إن لي إلى رسول الله ﷺ حاجة، فهل أنت مبلغي إليه.

قال: فحملتها فأتيت المدينة، فإذا المسجد غاص بأهله، وإذا راية سوداء تخفق، وإذا بلال متقلد السيف بين يدي رسول الله ﷺ، فقلت: ما شأن الناس؟ قالوا: يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجهًا، قال: فجلست. قال: فدخل منزله – أو قال – رحله، فاستأذنت عليه فأذن لي، فدخلت فسلمت.

فقال: « هل كان بينكم وبين بني تميم شيء؟ »

فقلت: نعم. وكانت لنا الدبرة عليهم.

ومررت بعجوز من بني تميم منقطع بها، فسألتني أن أحملها إليك، وها هي بالباب، فأذن لها فدخلت، فقلت يا رسول الله: إن رأيت أن تجعل بيننا وبين بني تميم حاجزًا فاجعل الدهناء، فإنها كانت لنا.

قال: فحميت العجوز واستفزت، وقالت يا رسول الله: فإلى أين تضطر مضرك؟

قال: فقلت إن مثلي ما قال الأول، معزى حملت حتفها، حملت هذه الأمة، ولا أشعر أنها كانت لي خصمًا أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد.

قال: هيه، وما وافد عاد، وهو أعلم بالحديث منه، ولكن يستطعمه.

قلت: إن عادًا قحطوا، فبعثوا وفدًا لهم يقال له قيل، فمر بمعاوية بن بكر، فأقام عنده شهرًا يسقيه الخمر، ويغنيه جاريتان يقال لهما الجرادتان، فلما مضى الشهر خرج إلى جبال تهامة.

فقال: اللهم إنك تعلم أني لم أجئ إلى مريض فأداويه، ولا إلى أسير فأفاديه، اللهم اسق عادًا ما كنت تسقيه، فمرت به سحابات سود، فنودي منها اختر، فأومى إلى سحابة منها سوداء، فنودي منها خذها رمادًا رمددًا لا تبقى من عاد أحدًا.

قال: فما بلغني أنه بعث عليهم من الريح، إلا كقدر ما يجري في خاتمي هذا من الريح حتى هلكوا.

قال: أبو وائل وصدق، وكانت المرأة والرجل إذا بعثوا وفدًا لهم، قالوا: لا تكن كوافد عاد.

وهكذا رواه الترمذي، عن عبد بن حميد، عن زيد بن الحباب به.

ورواه النسائي من حديث سلام أبي المنذر، عن عاصم بن بهدلة، ومن طريقه رواه ابن ماجه.

وهكذا أورد هذا الحديث، وهذه القصة عند تفسير هذه القصة غير واحد من المفسرين، كابن جرير وغيره.

وقد يكون هذا السياق لإهلاك عاد الآخرة، فإن فيما ذكره ابن إسحاق وغيره ذكر لمكة، ولم تبن إلا بعد إبراهيم الخليل، حين أسكن فيها هاجر وابنه إسماعيل، فنزلت جرهم عندهم، كما سيأتي. وعاد الأولى قبل الخليل.

وفيه ذكر معاوية بن بكر وشعره، وهو من الشعر المتأخر عن زمان عاد الأولى، لا يشبه كلام المتقدمين.

وفيه أن في تلك السحابة شرر نار، وعاد الأولى إنما أهلكوا بريح صرصر.

وقد قال ابن مسعود، وابن عباس، وغير واحد من أئمة التابعين: هي الباردة والعاتية، الشديدة الهبوب { سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا } [الحاقة: 7] أي: كوامل متتابعات. قيل: كان أولها الجمعة. وقيل: الأربعاء.

{ فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } شبههم بأعجاز النخل، التي لا رؤوس لها، وذلك لأن الريح كانت تجيء إلى أحدهم فتحمله، فترفعه في الهواء، ثم تنكسه على أم رأسه، فتشدخه فيبقى جثة بلا رأس.

كما قال: { إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ } [القمر: 19] أي: في يوم نحس عليهم، مستمر عذابه عليهم.

{ تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ } [القمر: 20] ومن قال: إن اليوم النحس المستمر هو يوم الأربعاء، وتشاءم به لهذا الفهم، فقد أخطأ وخالف القرآن، فإنه قال في الآية الأخرى: { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ } [فصلت: 16] .

ومعلوم أنها ثمانية أيام متتابعات، فلو كانت نحسات في أنفسها، لكانت جميع الأيام السبعة المندرجة فيها مشؤومة، وهذا لا يقوله أحد، وإنما المراد في أيام نحسات أي عليهم.

وقال تعالى: { وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ } [الذاريات: 41] أي: التي لا تنتج خيرًا، فإن الريح المفردة لا تنثر سحابًا، ولا تلقح شجرًا، بل هي عقيم لا نتيجة خير لها.

ولهذا قال: { مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ } [الذاريات: 42] أي: كالشيء البالي الفاني الذي لا ينتفع به بالكلية.

وقد ثبت في (الصحيحين) من حديث شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن رسول الله ﷺ أنه قال:

« نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور ».

وأما قوله تعالى: { وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } [الأحقاف: 21] فالظاهر أن عادًا هذه هي عاد الأولى، فإن سياقها شبيه بسياق قوم هود، وهم الأولى.

ويحتمل أن يكون المذكورون في هذه القصة هم عاد الثانية. ويدل عليه ما ذكرنا وما سيأتي من الحديث عن عائشة رضي الله عنها.

وأما قوله: { فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا } [الأحقاف: 24] فإن عادًا لما رأوا هذا العارض وهو الناشئ في الجو كالسحاب، ظنوه سحاب مطر، فإذا هو سحاب عذاب، اعتقدوه رحمة، فإذا هو نقمة، رجوا فيه الخير فنالوا منه غاية الشر.

قال الله تعالى: { بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ } أي: من العذاب.

ثم فسره بقوله: { ررِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } يحتمل أن ذلك العذاب هو ما أصابهم من الريح الصرصر العاتية، الباردة، الشديدة الهبوب، التي استمرت عليهم سبع ليال بأيامها الثمانية، فلم تبق منهم أحدًا بل تتبعتهم، حتى كانت تدخل عليهم كهوف الجبال، والغيران.

فتلفهم، وتخرجهم، وتهلكهم، وتدمر عليهم البيوت المحكمة، والقصور المشيدة، فكما منوا بقوتهم وشدتهم، وقالوا من أشد منا، قوة سلط الله عليهم ما هو أشد منهم قوة، وأقدر عليهم وهو الريح العقيم.

ويحتمل أن هذه الريح أثارت في آخر الأمر سحابة، ظن من بقي منهم أنها سحابة فيها رحمة بهم وغياث لمن بقي منهم، فأرسلها الله عليهم شررًا ونارًا، كما ذكره غير واحد.

ويكون هذا كما أصاب أصحاب الظلة من أهل مدين، وجمع لهم بين الريح الباردة وعذاب النار، وهو أشد ما يكون من العذاب، بالأشياء المختلفة المتضادة مع الصيحة التي ذكرها في سورة قد أفلح المؤمنون، والله أعلم.

وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن يحيى بن الضريس، حدثنا ابن فضل، عن مسلم، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ:

« ما فتح الله على عاد من الريح التي أهلكوا بها، إلا مثل موضع الخاتم، فمرت بأهل البادية فحملتهم ومواشيهم وأموالهم بين السماء والأرض، فلما رأى ذلك أهل الحاضرة من عاد الريح وما فيها، قالوا: هذا عارض ممطرنا، فألقت أهل البادية ومواشيهم على أهل الحاضرة ».

وقد رواه الطبراني، عن عبدان بن أحمد، عن إسماعيل بن زكريا الكوفي، عن أبي مالك، عن مسلم الملائي، عن مجاهد، وسعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: « ما فتح الله على عاد من الريح الأمثل موضع الخاتم، ثم أرسلت عليهم البدو إلى الحضر، فلما رآها أهل الحضر قالوا: هذا عارض ممطرنا مستقبل أوديتنا. وكان أهل البوادي فيها، فألقى أهل البادية على أهل الحاضرة حتى هلكوا ».

قال: عتت على خزائنها حتى خرجت من خلال الأبواب. قلت: وقال غيره خرجت بغير حساب.

والمقصود أن هذا الحديث في رفعه نظر. ثم اختلف فيه على مسلم الملائي، وفيه نوع اضطراب، والله أعلم.

وظاهر الآية: أنهم رأوا عارضًا، والمفهوم منه لمعة السحاب، كما دل عليه حديث الحارث بن حسان البكري، إن جعلناه مفسرًا لهذه القصة.

وأصرح منه في ذلك، ما رواه مسلم في (صحيحه)، حيث قال: حدثنا أبو الطاهر، حدثنا ابن وهب قال: سمعت ابن جريج يحدثنا عن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله ﷺ إذا عصفت الريح قال:

« اللهم إني أسألك خيرها، وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما فيها، وشر ما أرسلت به ».

قالت: وإذا عببت السماء تغير لونه، وخرج ودخل، وأقبل وأدبر، فإذا أمطرت سرى عنه. فعرفت ذلك عائشة فسألته فقال:

« لعله يا عائشة كما قال قوم عاد { فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا } [الأحقاف: 24]  ».

رواه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، من حديث ابن جريج.

طريق أخرى، قال الإمام أحمد: حدثنا هارون بن معروف، أنبأنا عبد الله بن وهب، أنبأنا عمرو وهو ابن الحارث، أن أبا النضر حدثه عن سليمان بن يسار، عن عائشة أنها قالت: ما رأيت رسول الله ﷺ مستجمعًا ضاحكًا قط، حتى أرى منه لهواته، إنما كان يتبسم.

وقالت: كان إذا رأى غيمًا أو ريحًا عرف ذلك في وجهه، قالت: يا رسول الله الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية، فقال:

« يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب، قد عذب قوم نوح بالريح، وقد رأى قوم العذاب فقالوا هذا عارض ممطرنا ».

فهذا الحديث كالصريح في تغاير القصتين، كما أشرنا إليه أولًا، فعلى هذا تكون القصة المذكورة في سورة الأحقاف خبرًا عن قوم عاد الثانية، وتكون بقية السياقات في القرآن خبرًا عن عاد الأولى، والله أعلم بالصواب.

وهكذا رواه مسلم، عن هارون بن معروف، وأخرجه البخاري، وأبو داود من حديث ابن وهب.

وقدمنا حج هود عليه السلام، عند ذكر حج نوح عليه السلام.

وروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، أنه ذكر صفة قبر هود عليه السلام في بلاد اليمن. وذكر آخرون أنه بدمشق وبجامعها مكان في حائطه القبلي، يزعم بعض الناس أنه قبر هود عليه السلام، والله أعلم.

هامش


02

هود عليه السلام

نبذة:

أرسل إلى
قوم عاد الذين كانوا بالأحقاف، وكانوا أقوياء الجسم والبنيان وآتاهم الله
الكثير من رزقه ولكنهم لم يشكروا الله على ما آتاهم وعبدوا الأصنام فأرسل لهم
الله هودا نبيا مبشرا، كان حكيما ولكنهم كذبوه وآذوه فجاء عقاب الله وأهلكهم
بريح صرصر عاتية استمرت سبع ليال وثمانية أيامقصة قوم النبي هود

سيرته:

عبادة
الناس للأصنام:

بعد أن
ابتلعت الأرض مياه الطوفان الذي أغرق من كفر بنوح عليه السلام، قام من آمن
معه ونجى بعمارة الأرض. فكان كل من على الأرض في ذلك الوقت من المؤمنين. لم
يكن بينهم كافر واحد. ومرت سنوات وسنوات. مات الآباء والأبناء وجاء أبناء
الأبناء. نسى الناس وصية نوح، وعادت عبادة الأصنام. انحرف الناس عن عبادة
الله وحده، وتم الأمر بنفس الخدعة القديمة.

قال أحفاد
قوم نوح: لا نريد أن ننسى آبائنا الذين نجاهم الله من الطوفان. وصنعوا
للناجين تماثيل ليذكروهم بها، وتطور هذا التعظيم جيلا بعد جيل، فإذا الأمر
ينقلب إلى العبادة، وإذا بالتماثيل تتحول بمكر من
الشيطان إلى آلهة مع الله. وعادت الأرض تشكو من الظلام مرة ثانية. وأرسل الله
سيدنا هودا إلى قومه.

إرسال هود
عليه السلام:

كان “هود”
من قبيلة اسمها “عاد” وكانت هذه القبيلة تسكن مكانا يسمى الأحقاف.. وهو صحراء
تمتلئ بالرمال، وتطل على البحر. أما مساكنهم فكانت خياما كبيرة لها أعمدة
شديدة الضخامة والارتفاع، وكان قوم عاد أعظم أهل زمانهم في قوة الأجسام،
والطول والشدة.. كانوا عمالقة وأقوياء، فكانوا يتفاخرون بقوتهم. فلم يكن في
زمانهم أحد في قوتهم. ورغم ضخامة أجسامهم، كانت لهم عقول مظلمة. كانوا يعبدون
الأصنام، ويدافعون عنها، ويحاربون من أجلها، ويتهمون نبيهم ويسخرون منه. وكان
المفروض، ما داموا قد اعترفوا أنهم أشد الناس قوة، أن يروا أن الله الذي
خلقهم هو أشد منهم قوة.

قال لهم
هود نفس الكلمة التي يقولها كل رسول. لا تتغير ولا تنقص ولا تتردد ولا تخاف
ولا تتراجع. كلمة واحدة هي الشجاعة كلها، وهي الحق وحده (يَا قَوْمِ
اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ

أَفَلاَ تَتَّقُونَ).

وسأله
قومه: هل تريد أن تكون سيدا علينا بدعوتك؟ وأي أجر تريده؟

إن هذه الظنون
السئية تتكرر على ألسنة الكافرين عندما يدعوهم نبيهم للإيمان بالله وحده.
فعقولهم الصغيرة لا تتجاوز الحياة الدنيوية. ولا يفكروا إلا بالمجد والسلطة
والرياسة.

أفهمهم هود
أن أجره على الله، إنه لا يريد منهم شيئا غير أن يغسلوا عقولهم في نور
الحقيقة. حدثهم عن نعمة الله عليهم، كيف جعلهم خلفاء لقوم نوح، كيف أعطاهم
بسطة في الجسم، وشدة في البأس، كيف أسكنهم الأرض التي تمنح الخير والزرع. كيف
أرسل عليهم المطر الذي يحيى به الأرض. وتلفت قوم هود حولهم فوجدوا أنهم أقوى
من على الأرض، وأصابتهم الكبرياء وزادوا في العناد.

قالوا
لهود: كيف تتهم آلهتنا التي وجدنا آباءنا يعبدونها؟
قال هود: كان آباؤكم مخطئين.
قال قوم هود: هل تقول يا هود إننا بعد أن نموت ونصبح ترابا يتطاير في الهواء،
سنعود إلى الحياة؟
قال هود: ستعودون يوم القيامة، ويسأل الله كل واحد فيكم عما فعل.

انفجرت
الضحكات بعد هذه الجملة الأخيرة. ما أغرب ادعاء هود. هكذا تهامس الكافرون من
قومه. إن الإنسان يموت، فإذا مات تحلل جسده، فإذا تحلل جسده تحول إلى تراب،
ثم يهب الهواء ويتطاير التراب. كيف يعود هذا كله إلى أصله؟! ثم ما معنى وجود
يوم للقيامة؟ لماذا يقوم الأموات من موتهم؟

استقبل هود
كل هذه الأسئلة بصبر كريم.. ثم بدأ يحدث قومه عن يوم القيامة.. أفهمهم أن
إيمان الناس بالآخرة ضرورة تتصل بعدل الله، مثلما هي ضرورة تتصل بحياة الناس.
قال لهم ما يقوله كل نبي عن يوم القيامة. إن حكمة الخالق المدبر لا تكتمل
بمجرد بدء الخلق، ثم انتهاء حياة المخلوقين في هذه الأرض. إن هذه الحياة
اختبار، يتم الحساب بعدها. فليست تصرفات الناس في الدنيا واحدة، هناك من
يظلم، وهناك من يقتل، وهناك من يعتدي.. وكثيرا ما نرى الظالمين يذهبون بغير
عقاب، كثيرا ما نرى المعتدين يتمتعون في الحياة بالاحترام والسلطة. أين تذهب
شكاة المظلومين؟ وأين يذهب ألم المضطهدين؟ هل يدفن معهم في التراب بعد الموت؟

إن العدالة
تقتضي وجود يوم للقيامة. إن الخير لا ينتصر دائما في الحياة. أحيانا ينظم
الشر جيوشه ويقتل حملة الخير. هل تذهب هذه الجريمة بغير عقاب؟

إن ظلما
عظيما يتأكد لو افترضنا أن يوم القيامة لن يجئ. ولقد حرم الله تعالى الظلم
على نفسه وجعله محرما بين عباده. ومن تمام العدل وجود يوم للقيامة والحساب
والجزاء. ذلك أن يوم القيامة هو اليوم الذي تعاد فيه جميع القضايا مرة أخرى
أمام الخالق، ويعاد نظرها مرة أخرى. ويحكم فيها رب العالمين سبحانه. هذه هي
الضرورة الأولى ليوم القيامة، وهي تتصل بعدالة الله ذاته.

وثمة ضرورة
أخرى ليوم القيامة، وهي تتصل بسلوك الإنسان نفسه. إن الاعتقاد بيوم الدين،
والإيمان ببعث الأجساد، والوقوف للحساب، ثم تلقي الثواب والعقاب، ودخول الجنة
أو النار، هذا شيء من شأنه أن يعلق أنظار البشر وقلوبهم بعالم أخر بعد عالم
الأرض، فلا تستبد بهم ضرورات الحياة، ولا يستعبدهم الطمع، ولا تتملكهم
الأنانية، ولا يقلقهم أنهم لم يحققوا جزاء سعيهم في عمرهم القصير المحدود،
وبذلك يسمو الإنسان على الطين الذي خلق منه إلى الروح الذي نفخه ربه فيه.
ولعل مفترق الطريق بين الخضوع لتصورات الأرض وقيمها وموازينها، والتعلق بقيم
الله العليا، والانطلاق اللائق بالإنسان، يكمن في الإيمان بيوم القيامة.

حدثهم هود
بهذا كله فاستمعوا إليه وكذبوه. قالوا له هيهات هيهات.. واستغربوا أن يبعث
الله من في القبور، استغربوا أن يعيد الله خلق الإنسان بعد تحوله إلى التراب،
رغم أنه خلقه من قبل من التراب. وطبقا للمقاييس البشرية، كان ينبغي أن يحس
المكذبون للبعث أن إعادة خلق الإنسان من التراب والعظام أسهل من خلقه الأول.
لقد بدأ الله الخلق فأي صعوبة في إعادته؟! إن الصعوبة -طبقا للمقياس البشري-
تكمن في الخلق. وليس المقياس البشري غير مقياسٍ بشري ينطبق على الناس، أما
الله، فليست هناك أمور صعبة أو سهلة بالنسبة إليه سبحانه، تجري الأمور
بالنسبة إليه سبحانه بمجرد الأمر.

موقف الملأ
من دعوة هود:

يروي
المولى عزل وجل موقف الملأ (وهم الرؤساء) من دعوة هود عليه السلام. سنرى
هؤلاء الملأ في كل قصص الأنبياء. سنرى رؤساء القوم وأغنيائهم ومترفيهم يقفون
ضد الأنبياء. يصفهم الله تعالى بقوله: (وَأَتْرَفْنَاهُمْ
فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) من مواقع الثراء
والغنى والترف، يولد الحرص على استمرار المصالح الخاصة. ومن مواقع الثراء
والغنى والترف والرياسة، يولد الكبرياء. ويلتفت الرؤساء في القوم إلى أنفسهم
ويتساءلون: أليس هذا النبي بشرا مثلنا، يأكل مما نأكل، ويشرب مما نشرب؟ بل
لعله بفقره يأكل أقل مما نأكل، ويشرب في أكواب صدئة، ونحن نشرب في أكواب
الذهب والفضة.. كيف يدعي أنه على الحق ونحن على الباطل؟ هذا بشر .. كيف نطيع
بشرا مثلنا؟ ثم.. لماذا اختار الله بشرا من بيننا
ليوحى إليه؟

قال رؤساء
قوم هود: أليس غريبا أن يختار الله من بيننا بشرا ويوحي إليه؟!
تسائل هو: ما هو الغريب في ذلك؟ إن الله الرحيم بكم قد أرسلني إليكم لأحذركم.
إن سفينة نوح، وقصة نوح ليست ببعيدة عنكم، لا تنسوا ما حدث، لقد هلك الذين
كفروا بالله، وسيهلك الذين يكفرون بالله دائما، مهما يكونوا أقوياء.
قال رؤساء قوم هود: من الذي سيهلكنا يا هود؟
قال هود: الله .
قال الكافرون من قوم هود: ستنجينا آلهتنا.

وأفهمهم
هود أن هذه الآلهة التي يعبدونها لتقربهم من الله، هي نفسها التي تبعدهم عن
الله. أفهمهم أن الله هو وحده الذي ينجي الناس، وأن أي قوة أخرى في الأرض لا
تستطيع أن تضر أو تنفع.

واستمر
الصراع بين هود وقومه. وكلما استمر الصراع ومرت الأيام، زاد قوم هود استكبارا
وعنادا وطغيانا وتكذيبا لنبيهم. وبدءوا يتهمون “هودا” عليه السلام بأنه سفيه
مجنون.

قالوا له
يوما: لقد فهمنا الآن سر جنونك. إنك تسب آلهتنا وقد غضبت آلهتنا عليك، وبسبب
غضبها صرت مجنونا.

انظروا للسذاجة التي وصل إليها تفكيرهم. إنهم
يظنون أن هذه الحجارة لها قوى على من صنعها. لها تأثير على الإنسان مع أنا لا
تسمع ولا ترى ولا تنطق. لم يتوقف هود عند هذيانهم، ولم يغضبه أن يظنوا به
الجنون والهذيان، ولكنه توقف عند قولهم: (وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا
عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ).

بعد هذا
التحدي لم يبق لهود إلا التحدي. لم يبق له إلا التوجه إلى الله وحده. لم يبق
أمامه إلا إنذار أخير ينطوي على وعيد للمكذبين وتهديدا لهم.. وتحدث هود:

إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي
أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ
(54) مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ (55) إِنِّي
تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ
آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (56) فَإِن
تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ
وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ
رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ
(57) (هود)

إن الإنسان
ليشعر بالدهشة لهذه الجرأة في الحق. رجل واحد يواجه قوما غلاظا شدادا وحمقى.
يتصورون أن أصنام الحجارة تستطيع الإيذاء. إنسان بمفرده يقف ضد جبارين فيسفه
عقيدتهم، ويتبرأ منهم ومن آلهتهم، ويتحداهم أن يكيدوا له بغير إبطاء أو
إهمال، فهو على استعداد لتلقي كيدهم، وهو على استعداد لحربهم فقد توكل على
الله. والله هو القوي بحق، وهو الآخذ بناصية كل دابة في الأرض. سواء الدواب
من الناس أو دواب الوحوش أو الحيوان. لا شيء يعجز الله.

بهذا
الإيمان بالله، والثقة بوعده، والاطمئنان إلى نصره.. يخاطب هود الذين كفروا
من قومه. وهو يفعل ذلك رغم وحدته وضعفه، لأنه يقف مع الأمن الحقيقي ويبلغ عن
الله. وهو في حديثه يفهم قومه أنه أدى الأمانة، وبلغ الرسالة. فإن كفروا فسوف
يستخلف الله قوما غيرهم، سوف يستبدل بهم قوما آخرين. وهذا معناه أن عليهم أن
ينتظروا العذاب.

هلاك عاد:

وهكذا أعلن
هود لهم براءته منهم ومن آلهتهم. وتوكل على الله الذي خلقه، وأدرك أن العذاب
واقع بمن كفر من قومه. هذا قانون من قوانين الحياة. يعذب الله الذين كفروا،
مهما كانوا أقوياء أو أغنياء أو جبابرة أو عمالقة.

انتظر هود
وانتظر قومه وعد الله. وبدأ الجفاف في الأرض. لم تعد السماء تمطر. وهرع قوم
هود إليه. ما هذا الجفاف يا هود؟ قال هود: إن الله غاضب عليكم، ولو آمنتم
فسوف يرضى الله عنكم ويرسل المطر فيزيدكم قوة إلى قوتكم. وسخر قوم هود منه
وزادوا في العناد والسخرية والكفر. وزاد الجفاف، واصفرت الأشجار الخضراء ومات
الزرع. وجاء يوم فإذا سحاب عظيم يملأ السماء. وفرح قوم هود وخرجوا من بيوتهم
يقولون: (هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا).

تغير الجو
فجأة. من الجفاف الشديد والحر إلى البرد الشديد القارس. بدأت الرياح تهب.
ارتعش كل شيء، ارتعشت الأشجار والنباتات والرجال والنساء والخيام. واستمرت
الريح. ليلة بعد ليلة، ويوما بعد يوم. كل ساعة كانت برودتها تزداد. وبدأ قوم
هود يفرون، أسرعوا إلى الخيام واختبئوا داخلها، اشتد هبوب الرياح واقتلعت
الخيام، واختبئوا تحت الأغطية، فاشتد هبوب الرياح وتطايرت الأغطية. كانت
الرياح تمزق الملابس وتمزق الجلد وتنفذ من فتحات الجسم وتدمره. لا تكاد الريح
تمس شيئا إلا قتلته ودمرته، وجعلته كالرميم.

استمرت
الرياح مسلطة عليهم سبع ليال وثمانية أيام لم تر الدنيا مثلها قط. ثم توقفت
الريح بإذن ربها. لم يعد باقيا ممن كفر من قوم هود إلا ما يبقى من النخل
الميت. مجرد غلاف خارجي لا تكاد تضع يدك عليه حتى يتطاير ذرات في الهواء.

نجا هود
ومن آمن معه.. وهلك الجبابرة.. وهذه نهاية عادلة لمن يتحدى الله ويستكبر عن
عبادته

 

قصص الأنبياء 28,128 زيارة

نبي الله هود عليه السلام

قال الله تبارك وتعالى: {وإلى عادٍ أخاهُم هُودًا قالَ يا قومِ اعبُدوا اللهَ ما لكُم مِنْ إلهٍ غيرهُ أفلا تتَّقون} سورة الأعراف.

بعد أن نجا الله تبارك وتعالى نبيَّهُ نوحًا ومن معه في السفينة وأغرق الذين كذبوه من قومه بالطوفان العظيم الذي عمَّ جميع الأرض، نزل الذين ءامنوا من السفينة يعبدون الله تعالى وحده ويَعْمُرون الأرض، وكثرت الذرية من أولاد نوح الثلاثة سام وحام ويافث الذين كانوا على دين ءابائهم الإسلام، وكانوا يعبدون الله تعالى وحده ولا يشركون به شيئًا.قصة قوم النبي هود

ثم بعد أن طال الزمن عاد الفساد والجهل وانتشر في الأرض ورجع بعض الناس إلى الإشراك بالله وعبادة غير الله، فبعث الله تبارك وتعالى هودًا قال تعالى: {كذَّبَتْ عادٌ المُرسَلينَ* إذ قالَ لهُم أخوهُم هودٌ ألا تتَّقونَ* إنِّي لكُم رسولٌ أمينٌ}سورة الشعراء. وقد سمَّاهُ الله أخًا لهم لكونه من قبيلتهم لا من جهة أخوة الدين، لأن أخوة الدين لا تكون إلا بين المؤمنين كما قال تعالى: {إنَّما المؤمنون إخوةٌ}سورة الحجرات.

عدد المرات التي ذكر فيها هود عليه السلام في القرءان

ذُكر هود عليه الصلاة والسلام في القرءان الكريم سبع مرات، وقد ذكر الله تبارك وتعالى قصته عليه السلام مع قومه مع شيء من التفصيل في سورة الأعراف وسورة هود وسورة المؤمنون وسورة الشعراء وسورة الأحقاف وسورة فصلت.

أصله ونسبه عليه السلام

سيدنا هود عليه السلام هو عربي في أصله، وقيل إنه هود بن عبد الله بن رباح بن الجلود بن عاد بن عَوص بن إرم بن سام بن نوح، وقيل غير ذلك. وقد جاء في صحيح ابن حبان عن أبي ذر في حديث طويل في ذكر الأنبياء والمرسلين قال: “وأربعة من العرب: هود وصالح وشعيب ونبيك محمد“.

مساكن عاد

قال الله تبارك وتعالى في سورة الأحقاف: {واذكر أخا عادٍ إذ أنذَرَ قومهُ بالأحقافِ وقدْ خَلتِ النُّذُرُ مِن بينِ يديهِ ومن خلفهِ ألا تعبُدوا إلا اللهَ إنِّي أخافُ عليكم عذابَ يومٍ عظيمٍ}سورة الأحقاف.

قبيلة عاد قبيلة عربية كانت باليمن، وكانت منازلهم ومساكنهم وجماعتهم أرض الأحقاف، والأحقاف هي الرمل فيما بين عُمان وحضرموت من أرض اليمن بأرض يقال لها الشَّحر، وقيل كانوا ثلاث عشرة قبيلة وظلموا وقهروا العباد بسبب قوتهم التي ءاتاهم الله إياها، فقد زادهم الله في الخِلقة والقوة، وبسط لهم في أجسادهم وعظامهم فكانوا طوالاً في أجسامهم وقوامهم، قيل كان أطولهم مائة ذراع وأقصرهم ستين ذراعًا، قال تعالى: {واذكروا إذ جَعَلَكُم خُلفاء من بعدِ قومِ نوحٍ وزادكُم في الخَلقِ بصطةً} سورة الأعراف. وكانوا أصحاب أوثان وأصنام يعبدونها من دون الله، صنم يقال له صداء، وصنم يقال له صمود، وصنم يقال له الهباء، قال الله تعالى:{ألم ترَ كيفَ فعلَ ربُّكَ بعادٍ* إرَمَ ذاتِ العِمادِ* التي لم يُخلَقْ مِثْلُها في البلادِ}سورة الفجر.

دعوة هود عليه السلام قومه إلى عبادة الله وحده وما جرى بينه وبين قومه من جدال وحسن دعوته إلى الله تعالى

أعطى الله تبارك وتعالى قبيلة عاد نِعَمًا كثيرة وافرة وخيرات جليلة، فقد كانت بلادهم ذات مياه وفيرة فزرعوا الأراضي وأنشأوا البساتين وأشادوا القصور الشامخة العالية، إضافة لما منحهم الله تعالى فوق ذلك من بَسْطة في أجسادهم وقوة في أبدانهم لكنهم كانوا غير شاكرين لله على نعمه، فاتخذوا من دونه ءالهة وعبدوا الأصنام وصاروا يخضعون لها ويتذللون ويقصدونها عند الشدة، فكانوا أول الأمم الذين عبدوا الأصنام بعد الطوفان العظيم الذي عم الأرض وأهلك الكافرين الذين كانوا عليها، فبعث الله تبارك وتعالى إليهم نبيه هود وكان أحسنهم خُلقًا وأفضلهم موضعًا وأوسطهم نسبًا، فدعاهم إلى دين الإسلام وعبادة الله تعالى وحده وترك عبادة الأصنام التي لا تضر ولا تنفع، وأن يُوحدوا الله الذي خلقهم ولا يجعلوا معه إلهًا غيره، وأن ينتهوا ويكفوا عن الظلم والبغي والفساد بين الناس، ولكنهم عاندوا وتكبروا وكذبوا نبي الله هودًا عليه الصلاة والسلام وقالوا: {مَنْ أشَدُّ مِنَّا قُوَةً}سورة فصلت، وءامن به واتبعه أناس قليلون كانوا يكتمون إيمانهم خوفًا من بطش وظلم قومهم الكافرين المشركين، قال الله تبارك وتعالى: {فأمَّا عادٌ فاستَكبروا في الأرضِ بغيرِ الحقِّ وقالوا مَنْ أشدُّ مِنَّا قوةً أوَلَمْ يَروا أنَّ اللهَ الذي خلقهُم هُوَ أشدُّ مِنهُم قوةً وكانوا بآياتِنا يجحدونَ} سورة فصلت، وقال الله تبارك وتعالى:{وإلى عادٍ أخاهُم هودًا قالَ يا قومِ اعبُدوا اللهَ ما لكُم مِنْ إلهٍ غيرُهُ أفلا تَتَّقونَ}سورة الأعراف.

المعنى أن هودًا قال لقومه: يا قوم اعبدوا الله وحده ولا تجعلوا معه إلهًا غيره فإنه ليس لكم إله غيره أفلا تتقون الله ربكم فتحذرونه وتخافون عقابه بعبادتكم غيره وهو خالقكم ورازقكم دون كل ما سواه، فأجابه قومه بما أخبر الله تبارك وتعالى به: {قالَ الملأُ الذينَ كفروا مِن قومهِ إنَّا لنراكَ في سفاهةٍ وإنَّا لنَظُنَّكَ مِنَ الكاذبينَ* قال يا قومِ ليسَ بي سفاهةٌ ولكنِّي رسولٌ مِنْ ربِّ العالمينَ}سورة الأعراف.

المعنى أن الملأ الذين كفروا وجحدوا توحيد الله وعبدوا الأصنام وأنكروا رسالة هود وكذبوا ما جاء به قالوا له: إنا لنراك يا هود في سفاهة ويريدون بذلك أنك في ضلالة عن الحق والصواب بتركك ديننا وعبادة ءالهتنا وإنا لنظنك من الكاذبين في قولك إني رسول من رب العالمين: {قال يا قومِ ليسَ بي سفاهةٌ ولكنِّي رسولٌ مِنْ ربِّ العالمينَ* أُبَلِّغُكُم رسالاتِ ربي وأناْ لكُم ناصِحٌ أمينٌ}سورة الأعراف، أي يا قوم ليس بي سفاهة عن الحق والصواب بل إني على الحق المبين والطريق الصواب، رسول من رب العالمين أرسلني إليكم فأنا أبلغكم رسالات ربي وأؤديها إليكم، وأنا لكم ناصحٌ فيما دعوتكم إليه من عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام التي لا تضر ولا تنفع، فاقبلوا نصيحتي فإني أمين على وحي الله وعلى ما ائتمنني عليه من الرسالة لا أكذب فيه ولا أزيد ولا أبدل، بل أبلغ ما أمرت به كما أمرت.

قال تعالى:{أوَ عَجِبتُم أن جاءكُم ذِكرٌ مِنْ ربِّكُم على رجُلٍ مِنكُم ليُنذِرَكُم}سورة الأعراف، أي عجبتم أن أنزل الله وحيه بتذكيركم وأرسل نبيه إليكم يدعوكم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام، ولينذركم عذابه إن لم تقبلوا دعوته ولم تدخلوا في دينه الإسلام، وقد قال لهم هود هذا منكرًا عليهم بعد أن استبعدوا أن يبعث الله رسولاً بشرًا يأكل ويشرب كما يأكلون ويشربون، واعتبروا أن تصديقه في دعواه خسارة وبطلان: {واذكُروا إذ جعلكُم خُلفاءَ من بعدِ قومِ نوحٍ وزادكُم في الخلقِ بصطةً فاذكروا ءالاءَ اللهِ لعلَّكم تُفلحونَ} سورة الأعراف.

المعنى اتقوا الله في أنفسكم واذكروا ما حلَّ بقوم نوح من العذاب إذ عصوا رسولهم وكذبوه وكفروا بربهم واستمروا على بغيهم وتكبرهم، فإنكم إنما جعلكم ربكم خلفاء في الأرض بعدهم لما أهلكهم، فاتقوا الله أن يحل بكم نظير ما حل بهم من العقوبة فتهلككم كما أهلكهم ويبدل منكم غيركم سنته في قوم نوح قبلكم على كفرهم وتجبرهم.

ثم بيّن لهم نعم الله الجليلة عليهم إذ زادهم في الخلق بسطة فزاد في أجسادهم وقوامهم فأمرهم أن يذكروا نعم الله عليهم وفضله عليهم في أجسادهم وقوامهم، فيشكروا الله تعالى على ذلك بأن يعبدوا الله وحده ويخلصوا له العبادة ويتركوا الإشراك وعبادة الأصنام كي يفلحوا.

لكنّ قوم هود رغم هذا البيان المقنع والكلام الناصح من نبيهم هود عليه السلام لم يقبلوا الحق الذي جاء به، وأعلنوا له أنهم لن يتركوا عبادة الأصنام وأنهم يعتقدون أن بعض ءالهتهم غضب عليه فأصابه في عقله فاعتراه جنون بسبب ذلك، كما أنهم استبعدوا إعادتهم يوم القيامة وأنكروا قيام الأجساد بعد أن تصير ترابًا وعظامًا، فقال لهم نبيهم هود عليه السلام ما أخبرنا الله به في القرءان الكريم: {وما أسئَلُكم عليهِ مِنْ أجرٍ إنْ أَجْريَ إلا على رَبِّ العالمينَ* أتَبنونَ بِكُلِّ ريعٍ ءايةً تعبثونَ* وتتَّخذونَ مصانِعَ لعلَّكُم تخلُدونَ* وإذا بَطَشتُم بطشتُم جبَّارينَ* فاتَّقوا اللهَ وأطيعونِ* واتَّقوا الذي أمدَّكُم بما تعلمونَ* أمدَّكُم بأنعامٍ وبنينَ* وجنَّاتٍ وعُيونٍ* إنِّي أخافُ عليكُم عذابَ يومٍ عظيمٍ}سورة الشعراء، وقال تعالى مخبرًا عن قول هود عليه السلام في موضع ءاخر من القرءان الكريم: {يا قومِ لا أسئلُكم عليهِ أجرًا إنْ أجرِيَ إلا على الذي فَطَرَني أفلا تعقِلونَ* ويا قومِ استَغفروا ربَّكُم ثمَّ توبوا إليهِ يُرسِلِ السَّماءَ عليكُم مِدرارًا ويَزِدْكُم قُوَّةً إلى قوَّتِكم ولا تتَولَّوا مُجرمينَ}سورة هود.

فبين لهم سيدنا هود عليه السلام أنه لا يطلب على نصيحته لهم أجرًا يأخذه منهم أو رئاسة يتزعم بها عليهم، وأنه لا يطلب الأجر في دعوته لهم إلى الإيمان والإسلام إلا من الله تبارك وتعالى، ثم قال لهم واعظًا ما معناه أتبنون بكل مكان مرتفع بناءً عظيمًا هائلاً تعبثون ببنائه ولا حاجة لكم فيه وأنتم تسكنون الخيام العظيمة، ثم تتخذون القصور رجاء منكم أن تعمروا في هذه الدار أعمارًا طويلة، ثم ذكر لهم أنهم يتجبرون ويظلمون الناس فأمرهم أن يتقوا الله بأن يدخلوا في دينه ويعبدوا الله وحده ويطيعوه، وذكّرهم بما أنعم الله به عليهم وبما أمدهم به من أنعام وبنين وما رزقهم من مياه وافرة وبساتين خضراء يانعة يتنعمون بها، وحذرهم من عذاب الله العظيم يوم القيامة الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم من الكفر والشرك.

ولكن قوم هود أصروا على كفرهم وعنادهم وقالوا له فيما قالوا: أجئتنا لنعبد الله وحده ونترك عبادة الأوثان والأصنام ونخالف ءاباءنا وأسلافنا وما كانوا عليه، وقالوا له على وجه التهكم والعناد والاستكبار إن كنت صادقًا فائتنا بما تعدنا من العذاب فإنا لا نصدقك ولا نؤمن بك وقد أخبرنا الله في القرءان بذلك: {وقالَ الملأ مِن قومهِ الذينَ كفروا وكذبوا بقاءِ الآخرةِ وأتْرَفناهُم في الحياةِ الدُّنيا ما هذا إلا بشرٌ مثلكُم يأكُلُ ممَّا تأكلونَ منهُ ويشربُ ممَّا تشربونَ* ولَئِن أطعمتُم بشرًا مثلكم إنَّكُم إذًا لخاسرونَ* أيَعِدُكُم أنَّكُم إذا مِتُّم وكُنتُم تُرابًا وعِظامًا أنَّكُم مخرجونَ* هيهاتَ هيهاتَ لِما تُوعدونَ* إنْ هيَ إلا حياتُنا الدُّنيا نموتُ ونحيا وما نحنُ بمَبعوثينَ* إنْ هُوَ إلا رجلٌ افترى على اللهِ كَذِبًا وما نحنُ لهُ بمؤمنينَ}سورة المؤمنون، وقال:{قالوا يا هودُ ما جِئتنا ببيِّنَةٍ وما نحنُ بتاركي ءالهتنا عن قولِكَ وما نحنُ لكَ بمؤمنينَ* إن تقولُ إلا اعتراكَ بعضُ ءالهتِنا بسُوءٍ}سورة هود، وقال تعالى: {قالوا سواءٌ علينا أوَعظتَ أمْ لمْ تكُن مِنَ الواعظينَ* إنْ هذا إلا خُلُقُ الأوَّلينَ* وما نحنُ بمعَذَّبينَ}سورة الشعراء، أي أن هذا الدين الذي نحن عليه إن هو إلا دينُ الأولين أي الآباء والأجداد ولن نتحول عنه، فأعلمهم هود عليه السلام أنهم استحقوا الرّجس والغضب من الله لإصرارهم على كفرهم وعبادة الأصنام، ولينتظروا عذاب الله الشديد الواقع عليهم لا محالة.

قال الله تعالى: {قالوا أجئتنا لنعبُدَ اللهَ وحدهُ ونذرَ ما كانَ يعبُدُ ءاباؤنا فأتِنا بما تَعِدُنا إن كُنتَ مِنَ الصادقينَ* قال قد وقعَ عليكُم مِن ربِّكُم رِجسٌ وغضبٌ أتُجادِلونني في أسماءٍ سَمَّيتموها أنتُم وءاباؤكُم ما نَزَّلَ اللهُ بها مِن سُلطانٍ فانتظروا إني معكُم مِنَ المُنتَظرينَ}سورة الأعراف.

إهلاك عاد وإنزال العذاب بهم لتكذيبهم نبي الله هودًا عليه السلام

لما تجبر قوم هود عليه السلام ولم يستجيبوا لدعوة نبيهم هود عليه السلام بل عصوا رسول الله هودًا وكذبوه وجحدوا بآيات الله التي أقامها هود عليه السلام دلالة على صدقه في أنه مرسل من ربه، واتبعوا أمر كل جبار عنيد من ملإ قومهم، وأصروا على عبادة الأصنام، أحلَّ الله تبارك وتعالى بهم نقمته وعذابه في الدنيا بعد أن أنذرهم سيدنا هود عليه السلام بالعذاب القريب الذي ينتظرهم.

قال تعالى: {قالَ ربِّ انصُرني بما كذَّبونِ* قالَ عَمَّا قليلٍ ليُصْبِحُنَّ نادمينَ}سورة المؤمنون.

وقال تعالى إخبارًا عن هود: {فانتظروا إنِّي معكم منَ المنتظرينَ}سورة الأعراف.

فأمسك الله عنهم المطر حتى جهدوا، وكان كلما نزل بهم الجهد ذكَّرهم هود بدعوة الله وأنه لا ينجيهم من البلاء والعذاب إلا الإيمان والاستماع لنصائحه بالقبول، فكان ذلك يزيدهم عتوًا وعنادًا فازداد العذاب عليهم وصاروا في قحط وجفاف شديدين فطلبوا السقيا والمطر وأوفدوا وفدهم إلى مكة يستسقون لهم، فأنشأ الله سحابًا أسود وساقه إلى عاد فخرجت عليها من واد فلما رأوها استبشروا أنه سحاب مطر وسُقيا ورحمة فإذا هو سحاب عذاب ونقمة.

قال تعالى: {فلمَّا رأوهُ عارِضًا مُسْتَقبِلَ أوديتهم قالوا هذا عارضٌ مُمْطِرُنا بل هوَ ما استعجلتُم بهِ ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ* تُدَمِّرُ كُلَّ شيءٍ بأمرِ ربِّها فأصبحوا لا يُرى إلا مساكنهم كذلكَ نُجزي القومَ المُجرمينَ}سورة الأحقاف، أي أن الله أرسل عليهم ريحًا شديدة عاتية حملت رحالهم ودوابهم التي في الصحراء وقذفت بها إلى مكان بعيد، فدخل قلوبهم الفزع وهرعوا مسرعين إلى بيوتهم يظنون أنهم ينجون، ولكن هيهات إذ حملتهم هذه الرياح الشديدة وأهلكتهم.

وكان بعد ذلك أن العرب إذا بعثوا وفدًا لهم قالوا: لا تكن كوافد عاد، روى الإمام أحمد في مسنده أن الحارث بن حسان البكري قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: “أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد” الحديث.

قال الله تعالى في سورة الحاقة: {وأمَّا عادٌ فأُهلِكوا بريحٍ صَرصَرٍ عاتيةٍ* سَخَّرَها عليهم سبعَ ليالٍ وثمانيةَ أيَّامٍ حُسُومًا فترى القومَ فيها صرعى كأنَّهُم أعجازُ نخلٍ خاويةٍ* فهل ترى لهُم من باقيةٍ}سورة الحاقة.

لقد أرسل الله على قوم هود ريحًا باردة شديدة الهبوب سخرها الله على القوم الكافرين سبع ليال وثمانية أيام كوامل متتابعات حتى أهلكتهم وصاروا صرعى، وقد شبههم الله بأعجاز النخل التي لا رءوس لها، وذلك لأن هذه الريح كانت تجيء إلى أحدهم فتحلمه فترفعه في الهواء ثم تنكسه على أم رأسه فتشدخه فيبقى جثة هامدة بلا رأس.

قال الله تبارك وتعالى: {وفي عادٍ إذ أرسلنا عليهمُ الريحَ العقيمَ}سورة الذاريات أي التي لا تنتج خيرًا.

وقال تعالى:{ما تَذَرُ من شيءٍ أتتْ عليهِ إلا جعلَتْهُ كالرِّميمِ}سورة الذاريات، أي كالشيء البالي الفاني الذي لا ينتفع به بالمرة.

وقال تعالى: {إنَّا أرسلنا عليهم ريحًا صرصرًا في يومِ نَحْسٍ مستمرٍ* تَنزعُ الناسَ كأنَّهُم أعجازُ نخلٍ مُنقَعر* فكيفَ كانَ عذابي ونُذُرِ}سورة القمر.

وروى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “نُصرت بالصّبا، وأهلكت عاد بالدَّبُور“، وريح الصبا ( الريح الشرقية ) تساعد في إضعاف الكفار عند القتال، وأما قوم عاد الكفار سلط الله عليهم الدَّبُور (الريح الغربية).

ولقد نجى الله هودًا عليه السلام ومن معه من المؤمنين قال تعالى: {فأنجيناهُ والذينَ معهُ برحمةٍ مِنَّا وقطعنا دابِرَ الذينَ كذبوا بآياتِنا وما كانوا مؤمنين}سورة الأعراف، وقال تعالى: {ولما جاءَ أمرُنا نجَّينا هودًا والذينَ ءامنوا معهُ برحمةٍ مِنَّا ونجيناهُم مِن عذابٍ غليظٍ} سورة هود.

وقد حج بعد ذلك سيدنا هود عليه السلام كما روى ذلك أبو يعلى في مسنده، أما موضع قبره ففيه خلاف، قيل حضرموت في بلاد اليمن، وقيل بالحِجر من مكة، وذكر ءاخرون أنه بدمشق، وبجامعها مكان في حائطه القبلي يزعم بعض الناس أنه قبر هود عليه السلام والله أعلم. وبلاد عاد اليوم رمال قاحلة لا أنيس فيها ولا ديار، فسبحان الملك العزيز الجبار.قصة قوم النبي هود

 

ذكر خبر المائدة التي نزلت من السماء أنزل الله تبارك وتعالى سورة المائدة وَحْيًا على …

تبرعوا لله تعالى

عقب
الطوفان الذي حدث لقوم سيدنا نوح عليه السلام لم يبقى على الأرض سوى المؤمنون
الذين نجاهم الله في السفينة مع سيدنا نوح ، وبعد أن توفاه الله نشأت أقوام
متعددة ونسوا التوحيد وأشركوا بالله وبدأوا يعودون إلى عبادة الأوثان.
فقد
قال أحفاد قوم نوح، لا نريد أن ننسى آبائنا الذين نجاهم الله من الطوفان، وصنعوا للناجين
تماثيل ليذكروهم بها، وتطور هذا التعظيم جيلا بعد جيل، فإذا الأمر ينقلب إلى العبادة،
وإذا بالتماثيل تتحول بمكر من الشيطان إلى آلهة قام الناس بعبادتهم مع الله، وعادت
الأرض تشكو من الظلام مرة ثانية، وأرسل الله سيدنا هودا إلى قومه، وهم قوم عاد
الذين عبدوا الأصنام وأشركوا بالله.
من
هم قوم عاد؟
كان قوم عاد يعيشون عيشة رخاء في مكان بالجزيرة العربية
يسمى “الأحقاف”، وتقع تحديداً بين دولتي اليمن وعُمان، والأحقاف هي جمع
حِقف، والحِقف هو ما استطال من المرتفعات الرملية واعوَجّ شكله ويكاد أن يكون جبلاً.
أما مساكنهم فكانت
خياما كبيرة لها أعمدة شديدة الضخامة والارتفاع، وكان قوم عاد أعظم أهل زمانهم في قوة
الأجسام، والطول والشدة.. كانوا عمالقة وأقوياء، فكانوا يتفاخرون بقوتهم. فلم يكن في
زمانهم أحد في قوتهم. ورغم ضخامة أجسامهم، كانت لهم عقول مظلمة، كانوا يعبدون الأصنام،
ويدافعون عنها، ويحاربون من أجلها.
وقد أنعم الله عليهم بآلاء ونعم كثيرة لاتعد ولا تحصى،
منها نعمة الأرض التي يعيشون عليها، فقد كانت أراضيهم تنبت لهم المحاصيل الوفيرة ،
وأيضاً نعمة الصحة والقوة فقد كانت أجسامهم طويلة وضخمة، فقد أنعم الله عليهم
بالنعم التي لم يحصل عليها أحد من الأمم السابقة.
و
لكنهم  لم يحمدوا الله ويشكروه على هذه
النعم ، وقابلوها بالجحود والنكران لها، فقد كانوا لا يعبدون الله عز وجل، و قاموا
بعبادة الأصنام كما فعل قوم نوح من قبل، ولم يكتفوا بهذا بل قاموا بإفساد
الأرض وانتشرت بينهم العداوة والبغضاء، فأرسل الله إليهم نبيه هود عليه السلام.
و كان هود عليه السلام رجلاً فاضلاً في قومه، كان أرجح
قومه عقلاً، وأمره الله أن يذهب برسالته إلى قوم عاد ، وذهب إليهم وقال لهم
انه نبي من الله وقد جاء لهدايتهم. وقال لهم أن هناك إلهاً واحداً للكون وليس
هناك غيره وهو الذي يجب أن تعبدوه وتتجهوا إليه بالدعاء طالبين منه الهداية،
فالأصنام التي تعبدوها لا تنفع  ولا تضر، فمن
آمن وعمل صالحاً كافأه الله بالجنة ومن كفر به فعقابه جهنم وبأس المصير، وقد حذرهم
من إغلاق آذانهم عن الحق والاستماع إلى ما يقوله حتى لا يصيبهم مثل ما أصاب قوم
نوح عليه السلام.

حوار بين
هود وقومه
قال
لهم هود نفس الكلمة التي يقولها كل رسول. لا تتغير ولا تنقص ولا تتردد ولا تخاف ولا
تتراجع. كلمة واحدة هي الشجاعة كلها، وهي الحق وحده (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ
مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ).
وسأله
قومه: هل تريد أن تكون سيدا علينا بدعوتك؟ وأي أجر تريده؟
إن هذه
الظنون السيئة تتكرر على ألسنة الكافرين عندما يدعوهم نبيهم للإيمان بالله وحده. فعقولهم
الصغيرة لا تتجاوز الحياة الدنيوية، ولا يفكرون إلا بالمجد والسلطة والرياسة.
أفهمهم
هود عليه السلام أن أجره على الله، إنه لا يريد منهم شيئا غير أن يغسلوا عقولهم في
نور الحقيقة، حدثهم عن نعمة الله عليهم، كيف جعلهم خلفاء لقوم نوح، كيف أعطاهم بسطة
في الجسم، وشدة في البأس، كيف أسكنهم الأرض التي تمنح الخير والزرع. كيف أرسل عليهم
المطر الذي يحيى به الأرض. وتلفت قوم هود حولهم فوجدوا أنهم أقوى من على الأرض، وأصابتهم
الكبرياء وزادوا في العناد.
قالوا
لهود: كيف تتهم آلهتنا التي وجدنا آباءنا يعبدونها؟
قال
هود: كان آباؤكم مخطئين.
قال
قوم هود: هل تقول يا هود إننا بعد أن نموت ونصبح ترابا يتطاير في الهواء، سنعود إلى
الحياة؟
قال
هود: ستعودون يوم القيامة، ويسأل الله كل واحد فيكم عما فعل.
انفجرت
الضحكات بعد هذه الجملة الأخيرة. ما أغرب ادعاء هود، هكذا تهامس الكافرون من قومه.
إن الإنسان يموت، فإذا مات تحلل جسده، فإذا تحلل جسده تحول إلى تراب، ثم يهب الهواء
ويتطاير التراب. كيف يعود هذا كله إلى أصله؟! ثم ما معنى وجود يوم للقيامة؟ لماذا يقوم
الأموات من موتهم؟
استقبل
هود عليه السلام كل هذه الأسئلة بصبر كريم، ثم بدأ يحدث قومه عن يوم القيامة.. أفهمهم
أن إيمان الناس بالآخرة ضرورة تتصل بعدل الله، مثلما هي ضرورة تتصل بحياة الناس. قال
لهم ما يقوله كل نبي عن يوم القيامة، إن حكمة الخالق المدبر لا تكتمل بمجرد بدء الخلق،
ثم انتهاء حياة المخلوقين في هذه الأرض، إن هذه الحياة اختبار، يتم الحساب بعدها، فليست
تصرفات الناس في الدنيا واحدة، هناك من يظلم، وهناك من يقتل، وهناك من يعتدي.. وكثيرا
ما نرى الظالمين يذهبون بغير عقاب، كثيرا ما نرى المعتدين يتمتعون في الحياة بالاحترام
والسلطة. أين تذهب شكاة المظلومين؟ وأين يذهب ألم المضطهدين؟ هل يدفن معهم في التراب
بعد الموت؟.

واستمر
قود عاد على عنادهم وتمسكهم بعبادة الأصنام، ومرت الأيام والشهور والسنين، وزادوا استكبارا
وعنادا وطغيانا وتكذيبا لنبيهم. وبدئوا يتهمون “هودا” عليه السلام بأنه سفيه
مجنون.
قالوا
له يوما: لقد فهمنا الآن سر جنونك، إنك تسب آلهتنا وقد غضبت آلهتنا عليك، وبسبب غضبها
صرت مجنونا.
ولم
يغضب نبي الله هود من أنهم يظنون به الجنون والهذيان، ولكنه توقف عند قولهم: (وَمَا
نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ).
بعد
هذا التحدي لم يبق لهود إلا التحدي. لم يبق له إلا التوجه إلى الله وحده. لم يبق أمامه
إلا إنذار أخير ينطوي على وعيد للمكذبين وتهديدا لهم.. ويقص القرآن الكريم هذا
المشهد فيقول الله عز وجل:
إِن
نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ
وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا
ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا
مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
(56) فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ
رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ
حَفِيظٌ (57) (هود)
وبهذا
الإيمان بالله، والثقة بوعده، والاطمئنان إلى نصره.. يخاطب هود الذين كفروا من قومه.
وهو يفعل ذلك رغم وحدته وضعفه، لأنه يقف مع الأمن الحقيقي ويبلغ عن الله. وهو في حديثه
يفهم قومه أنه أدى الأمانة، وبلغ الرسالة. فإن كفروا فسوف يستخلف الله قوما غيرهم،
سوف يستبدل بهم قوما آخرين. وهذا معناه أن عليهم أن ينتظروا العذاب.
هلاك عاد
وهكذا
أعلن هود لهم براءته منهم ومن آلهتهم. وتوكل على الله الذي خلقه، وأدرك أن العذاب واقع
بمن كفر من قومه. هذا قانون من قوانين الحياة. يعذب الله الذين كفروا، مهما كانوا أقوياء
أو أغنياء أو جبابرة أو عمالقة.
انتظر
هود وانتظر قومه وعد الله، وبدأ الجفاف في الأرض، لم تعد السماء تمطر، وهرع قوم هود
إليه. ما هذا الجفاف يا هود؟ قال هود: إن الله غاضب عليكم، ولو آمنتم فسوف يرضى الله
عنكم ويرسل المطر فيزيدكم قوة إلى قوتكم. وسخر قوم هود منه وزادوا في العناد والسخرية
والكفر. وزاد الجفاف، واصفرت الأشجار الخضراء ومات الزرع، وجاء يوم فإذا سحاب عظيم
يملأ السماء، وفرح قوم هود وخرجوا من بيوتهم يقولون: (هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا).
تغير
الجو فجأة. من الجفاف الشديد والحر إلى البرد الشديد القارس، بدأت الرياح تهب، ارتعش
كل شيء، ارتعشت الأشجار والنباتات والرجال والنساء والخيام، واستمرت الريح. ليلة بعد
ليلة، ويوما بعد يوم، كل ساعة كانت برودتها تزداد.
وبدأ
قوم هود يفرون، أسرعوا إلى الخيام واختبئوا داخلها، اشتد هبوب الرياح واقتلعت الخيام،
واختبئوا تحت الأغطية، فاشتد هبوب الرياح وتطايرت الأغطية، كانت الرياح تمزق الملابس
وتمزق الجلد وتنفذ من فتحات الجسم وتدمره، ولا تكاد الريح تمس شيئا إلا قتلته ودمرته،
وجعلته كالرميم.
واستمرت
الرياح مسلطة عليهم سبع ليال وثمانية أيام لم تر الدنيا مثلها قط، ثم توقفت الريح بإذن
ربها. لم يعد باقيا ممن كفر من قوم هود إلا ما يبقى من النخل الميت، مجرد غلاف خارجي
لا تكاد تضع يدك عليه حتى يتطاير ذرات في الهواء.
ونجا
هود عليه السلام ومن آمن معه.. وأهلك الله قوم عاد الذين تجبروا في الأرض وأشركوا
بالله ، وهذه نهاية عادلة لمن يتحدى الله ويستكبر عن عبادته.
 وبعد هلاك الكافرين من قومه، لحق النبي
هود عليه السلام ومن آمن معه بمكة فلم يزالوا بها حتى ماتوا. 
    وكانت أعمار قوم هود عليه السلام بحدود
اربعمائة سنة. وتوفي النبي هود عليه السلام وله من العمر مائة وخمسين سنة .
  و اختلف في موضع قبر هود عليه السلام فقيل : انه بغار بحضرموت ، وروي
المؤرخون عن ، وقيل أيضاً أنه دفن في مكة في حجر اسماعيل أو بالقرب من مكان
بئر زمزم.

قصة قوم النبي هود

قصة قوم النبي هود
قصة قوم النبي هود
0

دوره مقدماتی php

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *