رسول قوم عاد وثمود

دوره مقدماتی php
رسول قوم عاد وثمود
رسول قوم عاد وثمود

الأنبياء والرسل -عليهم الصّلاة والسّلام- هم خير البشر، اصطفاهم الله تعالى؛ لتبليغ رسالته ودعوة الناس إلى توحيده، واجتناب الشرك في عبادته، وميّزهم الله تعالى بصفاتٍ عديدةٍ؛ كالصدق، إذ إنّهم مكلّفون بتبليغ الرسالة من الله تعالى للناس، فالإيمان بهم يقتضي تصديقهم بكلّ ما يقولون؛ ولذلك فطرهم الله تعالى على الصدق، وجعله مُلازماً لهم منذ الطفولة وحتى الممات، وممّا يُدلّل على ذلك؛ مناداة كفار قريش الرسول -عليه الصّلاة والسّلام- بالصادق الأمين قبل البعثة، وممّا وطّد ثقة الناس بالأنبياء والرسل؛ اتصافهم جميعاً بخُلُق الأمانة، فمن دونها لا تسكن القلوب ولا تطمئن النّفوس للداعي، وبالتالي لا يكون الاتباع والطاعة، والأنبياء والرسل كانوا مؤتمنين على الوحي بتبليغ رسالة ربهم كما نزلت إليهم دون تحريفٍ، أو تغييرٍ، أو زيادةٍ، أو نقصانٍ، كما قال تعالى عن قولهم لأقوامهم: (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ)،[١] ومن مستلزمات الرسالة: التبليغ الواضح والمبين للأمة؛ بحيث يدفع الناس للتفكّر والتأمّل في هذه الدعوة، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)،[٢] والحقيقة أنّ التبليغ اللافت للنظر والدعوة العلنية الظاهرة، أدت في كثيرٍ من الأحيان إلى معاداة الرسل والأنبياء، واضطهادهم من قبل الكفار والمجرمين، وحتى قتلهم وتشريدهم في بعض الأحيان، وكانت هذه الطريق واضحةً بالنسبة لهم، كما قال تعالى عن وصية لقمان لابنة: (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)، [٣] ومن الجدير بالذكر؛ أنّ الفرق بين الأنبياء والرسل يكمن في أنّ الأنبياء -عليهم السلام- بُعثوا ليقيموا شرع من سبقهم، ويُذكّروا الناس فيه؛ ليُحيوه في أنفسهم، أمّا الرسل فقد بُعثوا بشرعٍ جديدٍ، أو تعديلٍ لشرعٍ سابقٍ أو زيادةٍ عليه.[٤]

هو نبيّ الله هود بن عبدالله بن رباح بن الجارود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح عليه السّلام، ويُقال أنه هود بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السّلام، وهو نبيٌّ عربيٌّ، وهو من العرب الذين كانوا موجودين قبل إسماعيل عليه السّلام، ويُسمّون بالعرب العاربة، ويُقال إنّه أول من تكلم اللغة العربيّة، وقد أرسله الله تعالى إلى قومٍ اسمهم عاد، وكان قوم عادٍ يسكنون في وَادٍِ اسمه مُغِيث في منطقة مُطلة على البحر تُدعى الشِّحْرُ، بالقرب من حضرموت في اليمن، وكانت الخيام ذات الأعمدة العظيمة مساكناً لهم؛ ولذلك قال تعالى:(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ* إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ)،[٥] وقد أرسل الله تعالى هود عليه السلام إليهم بعد أن انحرفوا عن التوحيد، وعبدوا ثلاثة أصنام وهي: صَدٌّ، وَصُمُودٌ، وَهِرَا، كما قال تعالى:(وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ).[٦][٧]

بالرّغم من وجود معجزةٍ مؤيّدةٍ لهود -عليه السّلام- وآيةٍ على صدقه، إلا أنّها لم تُذكر بصورةٍ صريحةٍ في القرآن الكريم، ولكنّ بعض العلماء قالوا: ربّما كانت معجزته -عليه السّلام- بأنّه وعد قومه بأن يفتح الله عليهم أبواب رحمته ويرزقهم رزقاً وفيراً، ولا تنالهم مصيبةٌ ولا نكبةٌ، وهذه المعجزة خارقةٌ لعادة النِّعَم في الأمم، وقال آخرون: إنّ معجزة هودٍ كانت تحدّيه لقومه على الرغم من كثرتهم و قوتهم وبطشهم، حيث قال تعالى على لسان هود لقومه: (فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ)،[٨] ولكنّهم وقفوا عاجزين، ولم يستطيعوا فعل شيءٍ.[٩]رسول قوم عاد وثمود

دوره مقدماتی php

بدأ هود -عليه السّلام- دعوته لقومه بتوضيح القضية الأهم؛ وهي التوجّه إلى لله تعالى وحده بالعبادة وترك عبادة الأوثان، وخاطبهم -عليه السّلام- خطاب الناصح المشفق الأمين، كما قال تعالى: (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ)،[١٠] ووضّح لهم أنّ دعوته خالصةٌ لله عزّ وجلّ، وأنّه لا يُريد منهم مالاً ولا أجراً مقابل دعوته، بل بشّرهم بأنّ الله تعالى سيفتح عليهم أبواب الخير كلّه ويزيدهم مالاً وقوةً إلى قوتهم؛ إنّ هم أطاعوه وقبلوا دعوته، كما قال تعالى: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ)،[١١] وذكّرهم بنعم الله تعالى عليهم، وحذّرهم من تغيّر الحال إن هم كفروا به، فلم يستجيبوا له، فانتقل إلى المفاصلة بين الحقّ والباطل، وتبرّأ من شركهم، وأعلن اعتماده على الله تعالى في الانتصار عليهم، كما قال تعالى: (قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ*مِن دُونِهِ ۖ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ)،[١٢] وما كان من قوم عادٍ إلا أنّ كانوا في قمّة الغرور، والبطر، والتباهي بالقوة، وشدّة البطش، ولم يهتمّوا لنصح نبيهم، كما قال تعالى على لسانهم: (قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ)،[١٣] وأصرّوا على ضلالهم وباطلهم، فلمّا رأى هودٌ -عليه السّلام- ذلك الكفر منهم، وعلم أنّهم لن يستجيبوا له، ولن يستطيع ثنيهم عمّا هم فيه من الضلال والشرك، وواجههم بما سيُصيبهم من الله تعالى، كما قال الله -عزّ وجلّ- على لسان هود: (قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ ۖ)،[١٤] وكان جزاؤهم أن أرسل الله تعالى عليهم ريحاً شديدةً؛ فدمرتهم تدميراً ولم تُبقي منهم أحداً، كما قال تعالى: (وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ)،[١٥] وأمّا هود عليه السلام والمؤمنون معه، فنجّاهم الله تعالى من القوم الكافرين ومن الريح العاتية.[١٦]

تم الإرسال بنجاح، شكراً لك!

جميع الحقوق محفوظة © موضوع 2019

جميع الحقوق محفوظة © موضوع 2019

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتقديم أفضل خدمة متاحة؛ كالتصفح، وعرض الإعلانات، وجمع الإحصائيات المختلفة، وبتصفحك الموقع فإنك تقر بموافقتك على هذا الاستخدام. للمزيد اقرأ
ملفات تعريف الارتباط.

الأنبياء والرسل -عليهم الصّلاة والسّلام- هم خير البشر، اصطفاهم الله تعالى؛ لتبليغ رسالته ودعوة الناس إلى توحيده، واجتناب الشرك في عبادته، وميّزهم الله تعالى بصفاتٍ عديدةٍ؛ كالصدق، إذ إنّهم مكلّفون بتبليغ الرسالة من الله تعالى للناس، فالإيمان بهم يقتضي تصديقهم بكلّ ما يقولون؛ ولذلك فطرهم الله تعالى على الصدق، وجعله مُلازماً لهم منذ الطفولة وحتى الممات، وممّا يُدلّل على ذلك؛ مناداة كفار قريش الرسول -عليه الصّلاة والسّلام- بالصادق الأمين قبل البعثة، وممّا وطّد ثقة الناس بالأنبياء والرسل؛ اتصافهم جميعاً بخُلُق الأمانة، فمن دونها لا تسكن القلوب ولا تطمئن النّفوس للداعي، وبالتالي لا يكون الاتباع والطاعة، والأنبياء والرسل كانوا مؤتمنين على الوحي بتبليغ رسالة ربهم كما نزلت إليهم دون تحريفٍ، أو تغييرٍ، أو زيادةٍ، أو نقصانٍ، كما قال تعالى عن قولهم لأقوامهم: (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ)،[١] ومن مستلزمات الرسالة: التبليغ الواضح والمبين للأمة؛ بحيث يدفع الناس للتفكّر والتأمّل في هذه الدعوة، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)،[٢] والحقيقة أنّ التبليغ اللافت للنظر والدعوة العلنية الظاهرة، أدت في كثيرٍ من الأحيان إلى معاداة الرسل والأنبياء، واضطهادهم من قبل الكفار والمجرمين، وحتى قتلهم وتشريدهم في بعض الأحيان، وكانت هذه الطريق واضحةً بالنسبة لهم، كما قال تعالى عن وصية لقمان لابنة: (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)، [٣] ومن الجدير بالذكر؛ أنّ الفرق بين الأنبياء والرسل يكمن في أنّ الأنبياء -عليهم السلام- بُعثوا ليقيموا شرع من سبقهم، ويُذكّروا الناس فيه؛ ليُحيوه في أنفسهم، أمّا الرسل فقد بُعثوا بشرعٍ جديدٍ، أو تعديلٍ لشرعٍ سابقٍ أو زيادةٍ عليه.[٤]

هو نبيّ الله هود بن عبدالله بن رباح بن الجارود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح عليه السّلام، ويُقال أنه هود بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السّلام، وهو نبيٌّ عربيٌّ، وهو من العرب الذين كانوا موجودين قبل إسماعيل عليه السّلام، ويُسمّون بالعرب العاربة، ويُقال إنّه أول من تكلم اللغة العربيّة، وقد أرسله الله تعالى إلى قومٍ اسمهم عاد، وكان قوم عادٍ يسكنون في وَادٍِ اسمه مُغِيث في منطقة مُطلة على البحر تُدعى الشِّحْرُ، بالقرب من حضرموت في اليمن، وكانت الخيام ذات الأعمدة العظيمة مساكناً لهم؛ ولذلك قال تعالى:(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ* إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ)،[٥] وقد أرسل الله تعالى هود عليه السلام إليهم بعد أن انحرفوا عن التوحيد، وعبدوا ثلاثة أصنام وهي: صَدٌّ، وَصُمُودٌ، وَهِرَا، كما قال تعالى:(وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ).[٦][٧]

بالرّغم من وجود معجزةٍ مؤيّدةٍ لهود -عليه السّلام- وآيةٍ على صدقه، إلا أنّها لم تُذكر بصورةٍ صريحةٍ في القرآن الكريم، ولكنّ بعض العلماء قالوا: ربّما كانت معجزته -عليه السّلام- بأنّه وعد قومه بأن يفتح الله عليهم أبواب رحمته ويرزقهم رزقاً وفيراً، ولا تنالهم مصيبةٌ ولا نكبةٌ، وهذه المعجزة خارقةٌ لعادة النِّعَم في الأمم، وقال آخرون: إنّ معجزة هودٍ كانت تحدّيه لقومه على الرغم من كثرتهم و قوتهم وبطشهم، حيث قال تعالى على لسان هود لقومه: (فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ)،[٨] ولكنّهم وقفوا عاجزين، ولم يستطيعوا فعل شيءٍ.[٩]رسول قوم عاد وثمود

بدأ هود -عليه السّلام- دعوته لقومه بتوضيح القضية الأهم؛ وهي التوجّه إلى لله تعالى وحده بالعبادة وترك عبادة الأوثان، وخاطبهم -عليه السّلام- خطاب الناصح المشفق الأمين، كما قال تعالى: (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ)،[١٠] ووضّح لهم أنّ دعوته خالصةٌ لله عزّ وجلّ، وأنّه لا يُريد منهم مالاً ولا أجراً مقابل دعوته، بل بشّرهم بأنّ الله تعالى سيفتح عليهم أبواب الخير كلّه ويزيدهم مالاً وقوةً إلى قوتهم؛ إنّ هم أطاعوه وقبلوا دعوته، كما قال تعالى: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ)،[١١] وذكّرهم بنعم الله تعالى عليهم، وحذّرهم من تغيّر الحال إن هم كفروا به، فلم يستجيبوا له، فانتقل إلى المفاصلة بين الحقّ والباطل، وتبرّأ من شركهم، وأعلن اعتماده على الله تعالى في الانتصار عليهم، كما قال تعالى: (قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ*مِن دُونِهِ ۖ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ)،[١٢] وما كان من قوم عادٍ إلا أنّ كانوا في قمّة الغرور، والبطر، والتباهي بالقوة، وشدّة البطش، ولم يهتمّوا لنصح نبيهم، كما قال تعالى على لسانهم: (قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ)،[١٣] وأصرّوا على ضلالهم وباطلهم، فلمّا رأى هودٌ -عليه السّلام- ذلك الكفر منهم، وعلم أنّهم لن يستجيبوا له، ولن يستطيع ثنيهم عمّا هم فيه من الضلال والشرك، وواجههم بما سيُصيبهم من الله تعالى، كما قال الله -عزّ وجلّ- على لسان هود: (قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ ۖ)،[١٤] وكان جزاؤهم أن أرسل الله تعالى عليهم ريحاً شديدةً؛ فدمرتهم تدميراً ولم تُبقي منهم أحداً، كما قال تعالى: (وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ)،[١٥] وأمّا هود عليه السلام والمؤمنون معه، فنجّاهم الله تعالى من القوم الكافرين ومن الريح العاتية.[١٦]

تم الإرسال بنجاح، شكراً لك!

جميع الحقوق محفوظة © موضوع 2019

جميع الحقوق محفوظة © موضوع 2019

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتقديم أفضل خدمة متاحة؛ كالتصفح، وعرض الإعلانات، وجمع الإحصائيات المختلفة، وبتصفحك الموقع فإنك تقر بموافقتك على هذا الاستخدام. للمزيد اقرأ
ملفات تعريف الارتباط.

الأنبياء والرسل -عليهم الصّلاة والسّلام- هم خير البشر، اصطفاهم الله تعالى؛ لتبليغ رسالته ودعوة الناس إلى توحيده، واجتناب الشرك في عبادته، وميّزهم الله تعالى بصفاتٍ عديدةٍ؛ كالصدق، إذ إنّهم مكلّفون بتبليغ الرسالة من الله تعالى للناس، فالإيمان بهم يقتضي تصديقهم بكلّ ما يقولون؛ ولذلك فطرهم الله تعالى على الصدق، وجعله مُلازماً لهم منذ الطفولة وحتى الممات، وممّا يُدلّل على ذلك؛ مناداة كفار قريش الرسول -عليه الصّلاة والسّلام- بالصادق الأمين قبل البعثة، وممّا وطّد ثقة الناس بالأنبياء والرسل؛ اتصافهم جميعاً بخُلُق الأمانة، فمن دونها لا تسكن القلوب ولا تطمئن النّفوس للداعي، وبالتالي لا يكون الاتباع والطاعة، والأنبياء والرسل كانوا مؤتمنين على الوحي بتبليغ رسالة ربهم كما نزلت إليهم دون تحريفٍ، أو تغييرٍ، أو زيادةٍ، أو نقصانٍ، كما قال تعالى عن قولهم لأقوامهم: (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ)،[١] ومن مستلزمات الرسالة: التبليغ الواضح والمبين للأمة؛ بحيث يدفع الناس للتفكّر والتأمّل في هذه الدعوة، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)،[٢] والحقيقة أنّ التبليغ اللافت للنظر والدعوة العلنية الظاهرة، أدت في كثيرٍ من الأحيان إلى معاداة الرسل والأنبياء، واضطهادهم من قبل الكفار والمجرمين، وحتى قتلهم وتشريدهم في بعض الأحيان، وكانت هذه الطريق واضحةً بالنسبة لهم، كما قال تعالى عن وصية لقمان لابنة: (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)، [٣] ومن الجدير بالذكر؛ أنّ الفرق بين الأنبياء والرسل يكمن في أنّ الأنبياء -عليهم السلام- بُعثوا ليقيموا شرع من سبقهم، ويُذكّروا الناس فيه؛ ليُحيوه في أنفسهم، أمّا الرسل فقد بُعثوا بشرعٍ جديدٍ، أو تعديلٍ لشرعٍ سابقٍ أو زيادةٍ عليه.[٤]

هو نبيّ الله هود بن عبدالله بن رباح بن الجارود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح عليه السّلام، ويُقال أنه هود بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السّلام، وهو نبيٌّ عربيٌّ، وهو من العرب الذين كانوا موجودين قبل إسماعيل عليه السّلام، ويُسمّون بالعرب العاربة، ويُقال إنّه أول من تكلم اللغة العربيّة، وقد أرسله الله تعالى إلى قومٍ اسمهم عاد، وكان قوم عادٍ يسكنون في وَادٍِ اسمه مُغِيث في منطقة مُطلة على البحر تُدعى الشِّحْرُ، بالقرب من حضرموت في اليمن، وكانت الخيام ذات الأعمدة العظيمة مساكناً لهم؛ ولذلك قال تعالى:(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ* إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ)،[٥] وقد أرسل الله تعالى هود عليه السلام إليهم بعد أن انحرفوا عن التوحيد، وعبدوا ثلاثة أصنام وهي: صَدٌّ، وَصُمُودٌ، وَهِرَا، كما قال تعالى:(وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ).[٦][٧]

بالرّغم من وجود معجزةٍ مؤيّدةٍ لهود -عليه السّلام- وآيةٍ على صدقه، إلا أنّها لم تُذكر بصورةٍ صريحةٍ في القرآن الكريم، ولكنّ بعض العلماء قالوا: ربّما كانت معجزته -عليه السّلام- بأنّه وعد قومه بأن يفتح الله عليهم أبواب رحمته ويرزقهم رزقاً وفيراً، ولا تنالهم مصيبةٌ ولا نكبةٌ، وهذه المعجزة خارقةٌ لعادة النِّعَم في الأمم، وقال آخرون: إنّ معجزة هودٍ كانت تحدّيه لقومه على الرغم من كثرتهم و قوتهم وبطشهم، حيث قال تعالى على لسان هود لقومه: (فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ)،[٨] ولكنّهم وقفوا عاجزين، ولم يستطيعوا فعل شيءٍ.[٩]رسول قوم عاد وثمود

بدأ هود -عليه السّلام- دعوته لقومه بتوضيح القضية الأهم؛ وهي التوجّه إلى لله تعالى وحده بالعبادة وترك عبادة الأوثان، وخاطبهم -عليه السّلام- خطاب الناصح المشفق الأمين، كما قال تعالى: (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ)،[١٠] ووضّح لهم أنّ دعوته خالصةٌ لله عزّ وجلّ، وأنّه لا يُريد منهم مالاً ولا أجراً مقابل دعوته، بل بشّرهم بأنّ الله تعالى سيفتح عليهم أبواب الخير كلّه ويزيدهم مالاً وقوةً إلى قوتهم؛ إنّ هم أطاعوه وقبلوا دعوته، كما قال تعالى: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ)،[١١] وذكّرهم بنعم الله تعالى عليهم، وحذّرهم من تغيّر الحال إن هم كفروا به، فلم يستجيبوا له، فانتقل إلى المفاصلة بين الحقّ والباطل، وتبرّأ من شركهم، وأعلن اعتماده على الله تعالى في الانتصار عليهم، كما قال تعالى: (قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ*مِن دُونِهِ ۖ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ)،[١٢] وما كان من قوم عادٍ إلا أنّ كانوا في قمّة الغرور، والبطر، والتباهي بالقوة، وشدّة البطش، ولم يهتمّوا لنصح نبيهم، كما قال تعالى على لسانهم: (قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ)،[١٣] وأصرّوا على ضلالهم وباطلهم، فلمّا رأى هودٌ -عليه السّلام- ذلك الكفر منهم، وعلم أنّهم لن يستجيبوا له، ولن يستطيع ثنيهم عمّا هم فيه من الضلال والشرك، وواجههم بما سيُصيبهم من الله تعالى، كما قال الله -عزّ وجلّ- على لسان هود: (قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ ۖ)،[١٤] وكان جزاؤهم أن أرسل الله تعالى عليهم ريحاً شديدةً؛ فدمرتهم تدميراً ولم تُبقي منهم أحداً، كما قال تعالى: (وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ)،[١٥] وأمّا هود عليه السلام والمؤمنون معه، فنجّاهم الله تعالى من القوم الكافرين ومن الريح العاتية.[١٦]

تم الإرسال بنجاح، شكراً لك!

جميع الحقوق محفوظة © موضوع 2019

جميع الحقوق محفوظة © موضوع 2019

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتقديم أفضل خدمة متاحة؛ كالتصفح، وعرض الإعلانات، وجمع الإحصائيات المختلفة، وبتصفحك الموقع فإنك تقر بموافقتك على هذا الاستخدام. للمزيد اقرأ
ملفات تعريف الارتباط.

الأنبياء والرسل -عليهم الصّلاة والسّلام- هم خير البشر، اصطفاهم الله تعالى؛ لتبليغ رسالته ودعوة الناس إلى توحيده، واجتناب الشرك في عبادته، وميّزهم الله تعالى بصفاتٍ عديدةٍ؛ كالصدق، إذ إنّهم مكلّفون بتبليغ الرسالة من الله تعالى للناس، فالإيمان بهم يقتضي تصديقهم بكلّ ما يقولون؛ ولذلك فطرهم الله تعالى على الصدق، وجعله مُلازماً لهم منذ الطفولة وحتى الممات، وممّا يُدلّل على ذلك؛ مناداة كفار قريش الرسول -عليه الصّلاة والسّلام- بالصادق الأمين قبل البعثة، وممّا وطّد ثقة الناس بالأنبياء والرسل؛ اتصافهم جميعاً بخُلُق الأمانة، فمن دونها لا تسكن القلوب ولا تطمئن النّفوس للداعي، وبالتالي لا يكون الاتباع والطاعة، والأنبياء والرسل كانوا مؤتمنين على الوحي بتبليغ رسالة ربهم كما نزلت إليهم دون تحريفٍ، أو تغييرٍ، أو زيادةٍ، أو نقصانٍ، كما قال تعالى عن قولهم لأقوامهم: (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ)،[١] ومن مستلزمات الرسالة: التبليغ الواضح والمبين للأمة؛ بحيث يدفع الناس للتفكّر والتأمّل في هذه الدعوة، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)،[٢] والحقيقة أنّ التبليغ اللافت للنظر والدعوة العلنية الظاهرة، أدت في كثيرٍ من الأحيان إلى معاداة الرسل والأنبياء، واضطهادهم من قبل الكفار والمجرمين، وحتى قتلهم وتشريدهم في بعض الأحيان، وكانت هذه الطريق واضحةً بالنسبة لهم، كما قال تعالى عن وصية لقمان لابنة: (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)، [٣] ومن الجدير بالذكر؛ أنّ الفرق بين الأنبياء والرسل يكمن في أنّ الأنبياء -عليهم السلام- بُعثوا ليقيموا شرع من سبقهم، ويُذكّروا الناس فيه؛ ليُحيوه في أنفسهم، أمّا الرسل فقد بُعثوا بشرعٍ جديدٍ، أو تعديلٍ لشرعٍ سابقٍ أو زيادةٍ عليه.[٤]

هو نبيّ الله هود بن عبدالله بن رباح بن الجارود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح عليه السّلام، ويُقال أنه هود بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السّلام، وهو نبيٌّ عربيٌّ، وهو من العرب الذين كانوا موجودين قبل إسماعيل عليه السّلام، ويُسمّون بالعرب العاربة، ويُقال إنّه أول من تكلم اللغة العربيّة، وقد أرسله الله تعالى إلى قومٍ اسمهم عاد، وكان قوم عادٍ يسكنون في وَادٍِ اسمه مُغِيث في منطقة مُطلة على البحر تُدعى الشِّحْرُ، بالقرب من حضرموت في اليمن، وكانت الخيام ذات الأعمدة العظيمة مساكناً لهم؛ ولذلك قال تعالى:(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ* إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ)،[٥] وقد أرسل الله تعالى هود عليه السلام إليهم بعد أن انحرفوا عن التوحيد، وعبدوا ثلاثة أصنام وهي: صَدٌّ، وَصُمُودٌ، وَهِرَا، كما قال تعالى:(وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ).[٦][٧]

بالرّغم من وجود معجزةٍ مؤيّدةٍ لهود -عليه السّلام- وآيةٍ على صدقه، إلا أنّها لم تُذكر بصورةٍ صريحةٍ في القرآن الكريم، ولكنّ بعض العلماء قالوا: ربّما كانت معجزته -عليه السّلام- بأنّه وعد قومه بأن يفتح الله عليهم أبواب رحمته ويرزقهم رزقاً وفيراً، ولا تنالهم مصيبةٌ ولا نكبةٌ، وهذه المعجزة خارقةٌ لعادة النِّعَم في الأمم، وقال آخرون: إنّ معجزة هودٍ كانت تحدّيه لقومه على الرغم من كثرتهم و قوتهم وبطشهم، حيث قال تعالى على لسان هود لقومه: (فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ)،[٨] ولكنّهم وقفوا عاجزين، ولم يستطيعوا فعل شيءٍ.[٩]رسول قوم عاد وثمود

بدأ هود -عليه السّلام- دعوته لقومه بتوضيح القضية الأهم؛ وهي التوجّه إلى لله تعالى وحده بالعبادة وترك عبادة الأوثان، وخاطبهم -عليه السّلام- خطاب الناصح المشفق الأمين، كما قال تعالى: (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ)،[١٠] ووضّح لهم أنّ دعوته خالصةٌ لله عزّ وجلّ، وأنّه لا يُريد منهم مالاً ولا أجراً مقابل دعوته، بل بشّرهم بأنّ الله تعالى سيفتح عليهم أبواب الخير كلّه ويزيدهم مالاً وقوةً إلى قوتهم؛ إنّ هم أطاعوه وقبلوا دعوته، كما قال تعالى: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ)،[١١] وذكّرهم بنعم الله تعالى عليهم، وحذّرهم من تغيّر الحال إن هم كفروا به، فلم يستجيبوا له، فانتقل إلى المفاصلة بين الحقّ والباطل، وتبرّأ من شركهم، وأعلن اعتماده على الله تعالى في الانتصار عليهم، كما قال تعالى: (قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ*مِن دُونِهِ ۖ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ)،[١٢] وما كان من قوم عادٍ إلا أنّ كانوا في قمّة الغرور، والبطر، والتباهي بالقوة، وشدّة البطش، ولم يهتمّوا لنصح نبيهم، كما قال تعالى على لسانهم: (قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ)،[١٣] وأصرّوا على ضلالهم وباطلهم، فلمّا رأى هودٌ -عليه السّلام- ذلك الكفر منهم، وعلم أنّهم لن يستجيبوا له، ولن يستطيع ثنيهم عمّا هم فيه من الضلال والشرك، وواجههم بما سيُصيبهم من الله تعالى، كما قال الله -عزّ وجلّ- على لسان هود: (قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ ۖ)،[١٤] وكان جزاؤهم أن أرسل الله تعالى عليهم ريحاً شديدةً؛ فدمرتهم تدميراً ولم تُبقي منهم أحداً، كما قال تعالى: (وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ)،[١٥] وأمّا هود عليه السلام والمؤمنون معه، فنجّاهم الله تعالى من القوم الكافرين ومن الريح العاتية.[١٦]

تم الإرسال بنجاح، شكراً لك!

جميع الحقوق محفوظة © موضوع 2019

جميع الحقوق محفوظة © موضوع 2019

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتقديم أفضل خدمة متاحة؛ كالتصفح، وعرض الإعلانات، وجمع الإحصائيات المختلفة، وبتصفحك الموقع فإنك تقر بموافقتك على هذا الاستخدام. للمزيد اقرأ
ملفات تعريف الارتباط.

من أشهر الأقوام الذين ورد ذكرهم في كتاب الله تعالى القرآن الكريم، هما قوما عاد وثمود، حيث أظهر الله تعالى وخلّد قصتيهما في القرآن الكريم، ليتفرّد هذا الكتاب بذكر هاتين القصتين دوناً عن باقي الكتب السماويّة، فقد أرسل الله تعالى إليهما نبيان ورسولان كريمان من أنبيائه ورسله وهما هود وصالح – عليهما الصلاة والسلام – وكان هذان النبيان قد بذلا ما بوسعهما لدعوة قوميهما للهداية، وحاولا إبعاد هاذين القومين عمّا كانا فيه من ضلال إلّا أنهما لم يستجيبا لهذه الدعوة فعاقبهم الله تعالى بذنوبهم وبإسرافهم بعقاب شديد. يُذكر أنّ الترتيب الزمني لهذين القومين هما قوم عاد ثم ثمود، فهذا هو الترتيب الزمني الأرجح.

عاد هو اسم مؤسّس هذه القبيلة وجدّها الأكبر، ويقال في روايات متعدّدة أنّ هذا الاسم هو اسم عربي، وفي أكثر الروايات منطقية فإن عاد هو بن عوص بن أرم بن سام، وإلى عاد ينسب نبي الله تعالى هود – عليه السلام – الذي أرسله الله تعالى إلى قوم عاد ليدعوهم إلى طريق الحق والخير ويبعدهم عما كانوا فيه من غي وجهل وضلالة. أمّا عن الأماكن التي كانوا يقيمون فيها، فهناك العديد ممن رجحوا أنّهم قطنوا منطقة الأحقاف، وهي التي تقع إلى الجهة الغربيّة من عُمان، وإلى الجنوب من الربع الخالي.، وهذا الموقع حالّياً هو موقع خالٍ من أية معالم، فهو موقع صحراوي لا يمكن أن يسكن فيه الإنسان في هذا الوقت.

قوم ثمود هم من أرسل إليهم رسول الله صالح – عليه السلام – ليهديهم ويخرجهم من العبادة الوثنيّة التي كانوا يعبدونها، غير أنّهم طلبوا منه أن يأتيهم بآية تكون دليلاً على صدق دعوته، فأخرج الله تعالى لهم ناقة من صخرة، إلا أنّهم أعرضوا عن هذه الآية واستكبروا استكباراً، ومن ثم عقروها، فأخذهم الله تعالى بذنبهم هذا.
رسول قوم عاد وثمود

سميّ قوم ثمود بهذا الاسم نسبة إلى جدهم الأكبر ثمود، وقيل أنّ ثمود هو ابن عاد، وقيل أنّ ثمود هو بن عامر بن أرم بن سام بن نوح. أمّا المكان الذي تواجدوا فيه فهو في مدائن صالح (الحِجر)، وهذه المنطقة تقع في جنوب شرق مدينة مدين بلد نبي الله شعيب عليه السلام، الذي أرسله الله تعالى لاحقاً إلى قومه في هذه المدينة، وهي ذات المدينة التي لجأ إليها نبي الله موسى عندما فرّ من مصر، وللحِجر أهميّة كبيرة في التاريخ وهي الآن واحدة من أهم المعالم السياحيّة في السعودية.

تم الإرسال بنجاح، شكراً لك!

جميع الحقوق محفوظة © موضوع 2019

جميع الحقوق محفوظة © موضوع 2019

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتقديم أفضل خدمة متاحة؛ كالتصفح، وعرض الإعلانات، وجمع الإحصائيات المختلفة، وبتصفحك الموقع فإنك تقر بموافقتك على هذا الاستخدام. للمزيد اقرأ
ملفات تعريف الارتباط.

الأنبياء والرسل -عليهم الصّلاة والسّلام- هم خير البشر، اصطفاهم الله تعالى؛ لتبليغ رسالته ودعوة الناس إلى توحيده، واجتناب الشرك في عبادته، وميّزهم الله تعالى بصفاتٍ عديدةٍ؛ كالصدق، إذ إنّهم مكلّفون بتبليغ الرسالة من الله تعالى للناس، فالإيمان بهم يقتضي تصديقهم بكلّ ما يقولون؛ ولذلك فطرهم الله تعالى على الصدق، وجعله مُلازماً لهم منذ الطفولة وحتى الممات، وممّا يُدلّل على ذلك؛ مناداة كفار قريش الرسول -عليه الصّلاة والسّلام- بالصادق الأمين قبل البعثة، وممّا وطّد ثقة الناس بالأنبياء والرسل؛ اتصافهم جميعاً بخُلُق الأمانة، فمن دونها لا تسكن القلوب ولا تطمئن النّفوس للداعي، وبالتالي لا يكون الاتباع والطاعة، والأنبياء والرسل كانوا مؤتمنين على الوحي بتبليغ رسالة ربهم كما نزلت إليهم دون تحريفٍ، أو تغييرٍ، أو زيادةٍ، أو نقصانٍ، كما قال تعالى عن قولهم لأقوامهم: (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ)،[١] ومن مستلزمات الرسالة: التبليغ الواضح والمبين للأمة؛ بحيث يدفع الناس للتفكّر والتأمّل في هذه الدعوة، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)،[٢] والحقيقة أنّ التبليغ اللافت للنظر والدعوة العلنية الظاهرة، أدت في كثيرٍ من الأحيان إلى معاداة الرسل والأنبياء، واضطهادهم من قبل الكفار والمجرمين، وحتى قتلهم وتشريدهم في بعض الأحيان، وكانت هذه الطريق واضحةً بالنسبة لهم، كما قال تعالى عن وصية لقمان لابنة: (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)، [٣] ومن الجدير بالذكر؛ أنّ الفرق بين الأنبياء والرسل يكمن في أنّ الأنبياء -عليهم السلام- بُعثوا ليقيموا شرع من سبقهم، ويُذكّروا الناس فيه؛ ليُحيوه في أنفسهم، أمّا الرسل فقد بُعثوا بشرعٍ جديدٍ، أو تعديلٍ لشرعٍ سابقٍ أو زيادةٍ عليه.[٤]

هو نبيّ الله هود بن عبدالله بن رباح بن الجارود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح عليه السّلام، ويُقال أنه هود بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السّلام، وهو نبيٌّ عربيٌّ، وهو من العرب الذين كانوا موجودين قبل إسماعيل عليه السّلام، ويُسمّون بالعرب العاربة، ويُقال إنّه أول من تكلم اللغة العربيّة، وقد أرسله الله تعالى إلى قومٍ اسمهم عاد، وكان قوم عادٍ يسكنون في وَادٍِ اسمه مُغِيث في منطقة مُطلة على البحر تُدعى الشِّحْرُ، بالقرب من حضرموت في اليمن، وكانت الخيام ذات الأعمدة العظيمة مساكناً لهم؛ ولذلك قال تعالى:(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ* إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ)،[٥] وقد أرسل الله تعالى هود عليه السلام إليهم بعد أن انحرفوا عن التوحيد، وعبدوا ثلاثة أصنام وهي: صَدٌّ، وَصُمُودٌ، وَهِرَا، كما قال تعالى:(وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ).[٦][٧]

بالرّغم من وجود معجزةٍ مؤيّدةٍ لهود -عليه السّلام- وآيةٍ على صدقه، إلا أنّها لم تُذكر بصورةٍ صريحةٍ في القرآن الكريم، ولكنّ بعض العلماء قالوا: ربّما كانت معجزته -عليه السّلام- بأنّه وعد قومه بأن يفتح الله عليهم أبواب رحمته ويرزقهم رزقاً وفيراً، ولا تنالهم مصيبةٌ ولا نكبةٌ، وهذه المعجزة خارقةٌ لعادة النِّعَم في الأمم، وقال آخرون: إنّ معجزة هودٍ كانت تحدّيه لقومه على الرغم من كثرتهم و قوتهم وبطشهم، حيث قال تعالى على لسان هود لقومه: (فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ)،[٨] ولكنّهم وقفوا عاجزين، ولم يستطيعوا فعل شيءٍ.[٩]رسول قوم عاد وثمود

بدأ هود -عليه السّلام- دعوته لقومه بتوضيح القضية الأهم؛ وهي التوجّه إلى لله تعالى وحده بالعبادة وترك عبادة الأوثان، وخاطبهم -عليه السّلام- خطاب الناصح المشفق الأمين، كما قال تعالى: (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ)،[١٠] ووضّح لهم أنّ دعوته خالصةٌ لله عزّ وجلّ، وأنّه لا يُريد منهم مالاً ولا أجراً مقابل دعوته، بل بشّرهم بأنّ الله تعالى سيفتح عليهم أبواب الخير كلّه ويزيدهم مالاً وقوةً إلى قوتهم؛ إنّ هم أطاعوه وقبلوا دعوته، كما قال تعالى: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ)،[١١] وذكّرهم بنعم الله تعالى عليهم، وحذّرهم من تغيّر الحال إن هم كفروا به، فلم يستجيبوا له، فانتقل إلى المفاصلة بين الحقّ والباطل، وتبرّأ من شركهم، وأعلن اعتماده على الله تعالى في الانتصار عليهم، كما قال تعالى: (قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ*مِن دُونِهِ ۖ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ)،[١٢] وما كان من قوم عادٍ إلا أنّ كانوا في قمّة الغرور، والبطر، والتباهي بالقوة، وشدّة البطش، ولم يهتمّوا لنصح نبيهم، كما قال تعالى على لسانهم: (قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ)،[١٣] وأصرّوا على ضلالهم وباطلهم، فلمّا رأى هودٌ -عليه السّلام- ذلك الكفر منهم، وعلم أنّهم لن يستجيبوا له، ولن يستطيع ثنيهم عمّا هم فيه من الضلال والشرك، وواجههم بما سيُصيبهم من الله تعالى، كما قال الله -عزّ وجلّ- على لسان هود: (قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ ۖ)،[١٤] وكان جزاؤهم أن أرسل الله تعالى عليهم ريحاً شديدةً؛ فدمرتهم تدميراً ولم تُبقي منهم أحداً، كما قال تعالى: (وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ)،[١٥] وأمّا هود عليه السلام والمؤمنون معه، فنجّاهم الله تعالى من القوم الكافرين ومن الريح العاتية.[١٦]

تم الإرسال بنجاح، شكراً لك!

جميع الحقوق محفوظة © موضوع 2019

جميع الحقوق محفوظة © موضوع 2019

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتقديم أفضل خدمة متاحة؛ كالتصفح، وعرض الإعلانات، وجمع الإحصائيات المختلفة، وبتصفحك الموقع فإنك تقر بموافقتك على هذا الاستخدام. للمزيد اقرأ
ملفات تعريف الارتباط.

سأروي لكم قصة قوم عاد وسيدنا هود بالإستناد إلى الآيات القرآنية، وسوف تستشعرون معاني هذه الآيات حين أسردها وأوضح معانيها لكم. سأبدأ بذكر الآيات التي تحدثت عن قوم عاد، وهي في ثلاث مواضع رئيسية: سورة الأعراف في الآيات (59-72)، وسورة الشعراء في الآيات (116-136)، وسورة هود في الآيات (46-60).

سكن قوم عاد الأحقاف، قال تعالى: “وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21)”، سورة الأحقاف، الآية 21، والأحقاف جمع حقف وهي ما استطال واعوج من الرمل العظيم ولا يبلغ أن يكون جبلا، هكذا فسرها الماوردي في كتابه تفسير النكت والعيون. ويجمع معظم المفسرين على أن موقع الأحقاف بين اليمن وعُمان، أي في الجزء الجنوبي من الربع الخالي، وقد استطاع العلماء حديثا بعد الإستعانة بموقع جوجل إيرث أن يحددوا موقع الأحقاف في الجزيرة العربية، وهي تمتد من صنعاء في اليمن حيث تبلغ أقصى ارتفاع لها حتى الإمارات عند واحة ليوا، حيث يقل ارتفاعها تدريجيا من ألف ومئة متر فوق سطح البحر إلى مئة متر فقط عند واحة ليوا. وقد بنى قوم عاد في هذه الأحقاف مدينة (إرم)، قال الله تعالى: ” ألم ترَ كيف فعلَ ربُّكَ بعاد ( 6 ) إِرَمَ ذاتِ العِماد ( 7 ) التي لم يُخلَق مِثلُها في البلاد ( 8 )”، سورة الفجر، الآيات (6-8)، وقد اختلف علماء التفسير؛ هل إرم هو اسم المدينة فقط أم أن إرم معناه المدينة التي بنيت من الصخور وتكثر فيها الأعمدة، واتجه أكثر المفسرون للتفسير الثاني، أي أن إرم هي المدينة الصخرية ذات الأعمدة، ويتفق ذلك مع الآيات الكريمة: “أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (128) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129)”، سورة الشعراء، الآيات (128-129)، أي تبنون في كل مكان مرتفع بناء، والبناء كان في الزمن القديم من الصخور. وقد وصف الله مدينة إرم بأنه لم يوجِد مدينة أخرى مثلها وأنها ذات أعمدة، وأنها كانت ذات مزراع كجنان وجدت على الأرض، وعيون ماء لتزدهر هذه الأراضي، وحيوانات من مختلف الأنواع (غنم وماعز وحمير وبقر وإبل وبقر) وقد رزقهم الله بالأولاد، فتكاثروا وأصبحوا ذوي عدد مما أمدهم بالقوة العددية، ورزقهم بقوة جسدية وعقلية شديدة، قال تعالى: “وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً” سورة الأعراف، الآية (69) أي فضلهم الله وزادهم على باقي الخلق بالقوة الجسدية والعقلية وقد ظهر ذلك من بناء مدينتهم التي تم اكتشافها حديثا.

تقول الآيات أن قوم عاد هم القوم الذين بعث إليهم الله نبيه هود عليه السلام (وهو هود بن عبد الله بن رباح بن الجلود بن عاد بن عَوْص بن إرم بن سام بن نوح، كما ذكر في صحيح ابن حبان)، وهود هو أحد أفراد قوم، وهم في الترتيب القرآني قوم أتوا بعد قوم نوح كما تقول الآيات الكريمة في سورة الأعراف وسورة الشعراء وسورة هود، وقد ذكر ذلك صراحة في الآية الكريمة: ” أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ ۚ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً ۖ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (69)” سورة الأعراف، فهم قوم استخلفهم الله في الأرض بعد قوم نوح ليعبدوه ويصلحوا الأرض.
رسول قوم عاد وثمود

دعا هود عليه السلام قومه إلى طريق الله عز وجل؛ إلى الإيمان بالله وعبادته، فقد كانوا يعبدون الأصنام ويتذللون لها، وقد قيل أنهم أولى الأقوام التي عادت لعبادة الأصنام بعد الطوفان الذي أصاب قوم نوح. وبالرغم من تكذيب قوم عاد لنبي الله هود، استمر في دعوته لهم بالترغيب والترهيب، فكان ردهم رفض وعظه وإرشاده، وأنهم لن يتركوا آلهتهم وأصنامهم، واتهموه بالسفاهة والكذب وأنه لم يأتِ لهم بدليل على على دعوته ونبوته وأن ما يفعلوه هو كفر وأن الله واحد ليس له شريك في الخلق ولا في الكون، وقالوا أنه قد أوذي من قبل آلهتهم لأنه يدعو لعبادة غيرها، وطلبوا منه أن يأتي بدليل صدقه على ما يقول (تم ذكر ذلك في المواضع الآتية: سورة الشعراء الآية (136)، سورة الأعراف، الآيات (66، 70)، سورة هود الآيات (53-54)). أتت جميع ردود قوم عاد بالرفض الباتّ والقاطع لعبادة الله عز وجل وتكذيب هود عليه السلام، وطغوا في الأرض وبطشوا وتجبروا وكفروا بآيات الله كلها وجحدوا وأنكروا رزقه وتباهوا بقوتهم وببنيانهم، فكانت الصفات التي لأجلها أهلك الله قوم عاد (الكبر والعند والتكبر والتجبر والبطش وإنكار ونسيان نعم الله والتمسك بالعادات والتقاليد المخالفة لشرع الله -أي عبادة الأصنام- دون تفكير) قال الله تعالى: “فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحقّ وقالوا من أشدّ منّا قوة أولم يروا أن اللهَ الذي خلقهم هو أشدّ منهم قوّة وكانوا بآياتنا يجحدون”، سورة فصلت، الآية (15)، وقد ركزت معظم الآيات على الخطيئة الكبرى لقوم عاد، ألا وهي الكبر والتكبر والاستكبار (خطيئة إبليس التي خرج بسببها من الجنة).

وبعد محاولات كثيرة لهود عليه السلام، ودعوة مستمرة دامت لسنوات، وبعد اشتداد طغيان قومه، قال لهم هود عليه السلام أن الله قد أوقع بهم غضبه لجدالهم عن آلهة قد نحتوها بأيديهم وهم من لقبها بالألقاب، وحذرهم بأن عقاب الله قادم لا محالة وأنه سيتنظر ذلك اليوم الذي سيحل فيهم العقاب الإلهي ليعرفوا مدى صدق كلامه ودعوته، وتبرأ من شرك قومه، ودعا ربه أن ينصره بدعوته على هذا الشرك (ذكر ذلك في الآية 71 من سورة الأعراف، والآيات 54-55 من سورة هود، والآية 39 من سورة المؤمنون.

استجاب الله عز وجل لدعاء نبيه هود، وأوحى له أن سينزل العقاب بهم وسيجعلهم كزبد البحر متناثرين لا وجود حقيقي لهم (ذكر ذلك في سورة المؤمنون في الآيتين (40-41)) وتوعدهم بعذاب شديد في الدنيا وفي الآخرة ليذيقهم الخزي بعد التجبر والكبر، فأمسك الله عنهم المطر وجعل أرضهم في قحط وجفاف، فجلسوا يطلبون من آلهتهم المطر، فأرسل الله لهم عذابه الشديد، فاعتقدوا في البداية أن السحاب والريح القادمين إلى مملتكهم هي استجابة أصنامهم لدعائهم، لكنها كانت المفاجأة؛ عذاب الله قد سقط فوق رؤوسهم، عذاب الله الذي طلبوه من هود عليه السلام واستعجلوه به ليكون دليلا على صدق قوله ودعوته. جاءتهم الريح القوية الشديدة العاصفة والباردة التي لا تحمل أي خير في ثناياها (وقد استخدم الله في القرآن كلمة الريح للدمار والرياح للخير) لتستمر طوال سبع ليال وثمانية أيام على التوالي (أيام الحسوم لأنها حسمت أمر قوم بكاملهم وجعلتهم غثاء)، فدمرت الريح كل شيء في المدينة وجعلته رميما، ولم يبق إلا بيوتهم ومساكنهم ذات الأعمدة لتكون شاهدة على وجودهم بعد موتهم. كانت الريح ترفع أفراد القوم العمالقة الأشداء في السماء ثم ترميهم على الأرض كأصول النخل (فقط الساق دون الأوراق أو فروع، كناية عن قطع رؤوسهم) الخاوية والمنقعرة (أي ساق النخيل التي تم نزعها من الأرض فتترك في الساق حفرة لها قعر، كناية عن قطع رؤوسهم وإخراج أحشائهم)، ثم تقع على الأرض جوفاء بالية، فحسرتهم فلم تبق منهم أحدا. وكم هو وصف دقيق لهذا العذاب الشديد، تخيلوا معي؛ ريح قوية وشديدة ترفع أجسادا بشرية عملاقة وقوية في السماء، تتباعد أيديهم وأرجلهم عن بعضها لطيرانهم في الهواء وفي محاولة بائسة منهم للنجاة مما هم فيه، فترفعهم، ثم ترطمهم بالأرض مراراً، وتدخل من أفواههم إلى أجوافهم فتنزع أحشاءهم وأعضاء بقوتها وبردها لمدة سبع ليال وثمانية أيام، حتى أصبحوا جثثا محطمة وخاوية وفارغة؛ بغير أدمغة ولا أمعاء ولا دماء ولا رؤوس ولا أيدٍ لكثرة ارتطامهم بالأرض وقوة الريح وبرودتها. (تم ذكر آيات هلاك قوم عاد في المواضع الآتية: سورة الحاقة (6-8)، وسورة الذاريات (41-42)، وسورة القمر (19-21)، وسورة فصلت (16)، وسورة الأعراف (72)، وسورة هود (58)، وسورة الأحقاف (24-25)).

وقد نجى الله هوداً عليه السلام ومن آمن به وبالله من القوم برحمته وقوته من العذاب الشديد الذي لا يقدر عليه أحد مهما بلغت قوته وشدته وجبروته، فجبروت الله أقوى، فهو الجبار القهار (وقد تم ذكر ذلك في سورة الأعراف (72) وسورة هود (58).

تم الإرسال بنجاح، شكراً لك!

جميع الحقوق محفوظة © موضوع 2019

جميع الحقوق محفوظة © موضوع 2019

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتقديم أفضل خدمة متاحة؛ كالتصفح، وعرض الإعلانات، وجمع الإحصائيات المختلفة، وبتصفحك الموقع فإنك تقر بموافقتك على هذا الاستخدام. للمزيد اقرأ
ملفات تعريف الارتباط.

سكن قوم هود عليه السلام الذين كان يُطلق عليهم اسم عاد في منطقة الأحقاف، والأحقاف هي جزء من صحراء الربع الخالي، والربع الخالي اليوم تتوزّع بين دول شبه الجزيرة العربية التي تقع في الجهة الجنوبية منها. وهي تقع ما بين أرض اليمن وأرض عُمان. ولقد تمّ ذكر المنطقة التي كان قوم عاد يسكنون فيها وهي منطقة الأحقاف في كتاب الله تعالى الكريم، فقد قال تعالى: (وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)[الأحقاف:46]

في نهايات القرن المنصرم، وتحديداً في العام 1990 بدأت رحلة اكتشاف آثار تدعى بآثار مدينة أوُبار، ومع التنقيب المستمر في هذه المدينة، فقد تمّ التوصّل إلى نتيجة مفادها أنّ هذه المدينة التي تمّ الكشف عنها من خلال التنقيبات الأثرية ما هي إلا المدينة التي كان يسكن فيها قوم عاد وهي مدينة إرم ذات العماد التي ذُكرت في القرآن الكريم في قوله تعالى:(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ*إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ*الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبلَادِ )[الفجر:6-8]. تقع مدينة أوبار حالياً في سلطنة عُمان، واسمها الحالي هو الشصر، وتقع الشصر في في المحافظة العمانية ظفار، أمّا موقعها بالتحديد، فهي تقع إلى الشمال من مدينة صلالة العُمانية، حيث تبعد عنها مسافة تقدر تقريباً بحوالي 170 كيلو متراً تقريباً. وممّا يجدر ذكره أنّ هذه المدينة هي المدينة قد تمّ إدراجها على قائمة التراث العالمي لشدّة أهميتها.

أمّا بالنسبة للدلائل والقرائن التي استدلّ بها على أنّ هذه المدينة هي ذات المدينة التي ذُكرت في كتاب الله تعالى باسم إرم، فهي احتواء هذه المدينة المُكتشفة على رواق مُعمَّد شكله دائري، وهذا الأمر أكدّه كتاب الله تعالى بقوله إرم ذات العماد، كما وتمّ الكشف أيضاً عن نظام ري وسقاية مائي متطور في هذه المدينة. ومن الدلائل أيضاَ على أن هذه المدينة هي ذات مدينة إرم، أنّ الكشوفات والدراسات أثبتت أنّ سبب اندثار الحضارة التي كانت تتواجد في هذه المدينة هو هبوب عاصفة رملية شديدة جداً طمرت المدينة بالرمال، فاندثرت وزالت، وقد تمّ إثبات أيضاً أنّ هذه المنطقة قبل أن تندثر كانت منطقة خصبة وجميلة، وبعد أن اندثرت تحوّلت إلى صحر اء قاحلة، وكل هذه الأدلة ذكرها القرآن قبل هذه الاكتشافات العلمية.
رسول قوم عاد وثمود

تم الإرسال بنجاح، شكراً لك!

جميع الحقوق محفوظة © موضوع 2019

جميع الحقوق محفوظة © موضوع 2019

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتقديم أفضل خدمة متاحة؛ كالتصفح، وعرض الإعلانات، وجمع الإحصائيات المختلفة، وبتصفحك الموقع فإنك تقر بموافقتك على هذا الاستخدام. للمزيد اقرأ
ملفات تعريف الارتباط.

يُشار إلى وجود موقعين مختلفين حول مكان عيش قوم ثمود، وهما كالآتي:[١]

يُعتبر قوم ثمود من العرب العاربة، وكان مجيأهم بعد قوم عاد، وهم بذلك خلفاء لقوم عاد، وبعث الله رجلاً منهم، وهو صالح عليه السلام لكي يدعوهم إلى عبادة الله تعالى، وعدم الشرك به، ولاقت دعوته الإيمان من فئة، والكفران والتكذيب من طائفة أخرى، حتّى كادت الطائفة الكافرة أن تقتله، وقتلوا ناقة الله، ويُذكر أنَّ قوم عاد عاشوا حياة باذخة، فقد عمروا الأرض، وتميزوا بحسن البناء، وتزيين الأرض بأنواع من الزروع والأشجار؛ وساعدهم على ذلك معرفتهم بعلم الأرض.[٢]

أهلك الله سبحانه وتعالى قوم ثمود بالصيحة، وهذا العذاب الذي قادهم إلى الموت، حيث يقول الإمام القرطبيّ في تفسيره: أنَّ الله أهلكهك بالصيحة، حيث صيح بهم، فماتوا، وقيل صاح بهم الملك جبريل عليه السلام، وقيل غيره، ولقد كانت صيحة شديدة خلعت قلوب الكفرة، وبالتالي فقد كان عذاب الله لقوم نبيه صالحه عليه السلام بالصيحة،[٣] ولقد ورد ذكرهم في القرآن الكريم؛ إذ يقول جل في علاه: ((أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)).[٤].
رسول قوم عاد وثمود

تم الإرسال بنجاح، شكراً لك!

جميع الحقوق محفوظة © موضوع 2019

جميع الحقوق محفوظة © موضوع 2019

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتقديم أفضل خدمة متاحة؛ كالتصفح، وعرض الإعلانات، وجمع الإحصائيات المختلفة، وبتصفحك الموقع فإنك تقر بموافقتك على هذا الاستخدام. للمزيد اقرأ
ملفات تعريف الارتباط.

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Виконується…

Завантаження…

رسول قوم عاد وثمود

Виконується…

Завантаження…

Завантаження…

Виконується…

Завантаження…

Завантаження…

هناك بعض القصص وردت في كتاب الله تعالى القرآن الكريم ولم ترد في أي كتاب سماوي آخر منها قصة عاد مع رسولها الكريم الذي أرسله الله تعالى إليها ليخرجها من الضلال الذي كانت عليه إلى الإيمان بالله تعالى والنجاة في الدنيا والآخرة. ورسول قوم عاد هو هود – عليه الصلاة والسلام – وهو واحد من أشرف الأنبياء الكرام الذين ورد ذكرهم في كتاب الله تعالى – عز وجل -. وفيما يلي الأقوال التي قيلت في النسب الذي يعود إليه هذا النبي الكريم: قيل أنه هود بن عبد الله بن رباح بن الخلود بن عاد بن عوص بن أرم بن سام بن نوح – عليهما السلام -. قيل أنه هود بن بن شالح بن أرفخشذ بن سام بن نوح – عليهما السلام -. قيل أنه هود بن أرم بن سام بن نوح – عليهما السلام -. كان قوم عاد يتواجدون في الصحراء التي توجد في شبه الجزيرة العربية وتحديداً إلى الجنوب من الربع الخالي، ويعتقد أن آثار قوم هود – عليه السلام – مدفونة تحت الكثبان الرملية http://www.shoalakhbar.com/من_هو_رسول…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Виконується…

Завантаження списків відтворення…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Виконується…

Завантаження…

رسول قوم عاد وثمود

Виконується…

Завантаження…

Завантаження…

Виконується…

Завантаження…

Завантаження…

هناك بعض القصص وردت في كتاب الله تعالى القرآن الكريم ولم ترد في أي كتاب سماوي آخر منها قصة عاد مع رسولها الكريم الذي أرسله الله تعالى إليها ليخرجها من الضلال الذي كانت عليه إلى الإيمان بالله تعالى والنجاة في الدنيا والآخرة. ورسول قوم عاد هو هود – عليه الصلاة والسلام – وهو واحد من أشرف الأنبياء الكرام الذين ورد ذكرهم في كتاب الله تعالى – عز وجل -. وفيما يلي الأقوال التي قيلت في النسب الذي يعود إليه هذا النبي الكريم: قيل أنه هود بن عبد الله بن رباح بن الخلود بن عاد بن عوص بن أرم بن سام بن نوح – عليهما السلام -. قيل أنه هود بن بن شالح بن أرفخشذ بن سام بن نوح – عليهما السلام -. قيل أنه هود بن أرم بن سام بن نوح – عليهما السلام -. كان قوم عاد يتواجدون في الصحراء التي توجد في شبه الجزيرة العربية وتحديداً إلى الجنوب من الربع الخالي، ويعتقد أن آثار قوم هود – عليه السلام – مدفونة تحت الكثبان الرملية http://www.shoalakhbar.com/من_هو_رسول…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Виконується…

Завантаження списків відтворення…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Виконується…

Завантаження…

رسول قوم عاد وثمود

Виконується…

Завантаження…

Завантаження…

Виконується…

Завантаження…

Завантаження…

شاهد ايضاً جنية فى المغرب تستدرج الرجل لكي تقيم معهم علاقة لكن ما يحدث خلاف?https://goo.gl/WZYqQV==========مسلم اتى زوجتة من الخلف فكان ما لا يصدق عقل !! ?https://goo.gl/EigD6L==========عصام الشوالى يبكى الملاين هل تلك نهايتك يا كرستيانو رونالدو !!!! ?https://goo.gl/X73giE==========رجل سجد لابليس فاعطاه أمراة جميلة فتحولت المراة الى !?https://goo.gl/XroaS2==========كتاب يحكي المستقبل رواية أنتيخريستوس ! أشهر رواية فى وقتنا الحالي?https://goo.gl/34X7DB==========جهنم لن يدخلها الا المسلمين والموحدين فقط ولن يدخلها يهودي ولا كافر ?https://goo.gl/5eDHmr==========بئر برهوت الذى يخرج منه الكفار يوم القيامة .. بئر الجن والشياطين?https://goo.gl/R75V8C==========لمن تكون المرأة فى الجنة ان كان لها زوجان فى الدنيا ؟ الاجابة صادمة ?https://goo.gl/bfiay5==========افضل 10 افلام رعب منتظرة لعام 2018?https://goo.gl/g3UJRz==========من هو النبي الذي قتـله قومه داخل الشجرة بمساعدة ابليس !?https://goo.gl/BxAbXn==========من هم الحور العين وما يقدمة للرجال داخل الجنة !!!?https://goo.gl/sUY6Vo==========اخطر انواع الجن || جن المقابر هم الاكثر شرا وخطورة?https://goo.gl/LggBBuانضم لاكبر صفحة فيس بوك ثقافيةhttps://www.facebook.com/haltarfاشترك فى القناةhttps://www.youtube.com/user/National…جروب https://www.facebook.com/groups/16167…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Виконується…

Завантаження списків відтворення…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Виконується…

Завантаження…

رسول قوم عاد وثمود

Виконується…

Завантаження…

Завантаження…

Виконується…

Завантаження…

Завантаження…

شاهد ايضاً من هو الصحابي الذي اهتز عرش الرحمن لمـ ـوتهhttps://goo.gl/W9bDoL==========شاهد رجل من اهل الدنيا دخل الجنة وقص ما شاهدة بداخلها وخرج ليقص ما راى .. فماذا رأىhttps://goo.gl/bdmYRX==========قصة حياة فاطمة الزهراء – بنت خير البشر ( ﷺ ) وزوجة الامام على رضى الله عنهhttps://goo.gl/s4boqM==========أسماء بنات محرمة شرعًا و للأسف الشديد هي شائعة في مجتمعناhttps://goo.gl/qGoXMo==========ماذا يحدث لجسد المراة المطلقة بعد الطلاق معلومة قد تذهلك من الغرابة !!https://goo.gl/PEMnwi=========المكان الذى نزل سيدنا آدم وزوجته حواء من الجنه الى الأرضhttps://goo.gl/dNT5xA=========تصنيف بحيرة في العراق على انها -أغرب بحيرة في العالم- .. والسبب؟؟https://goo.gl/4V1e7U========القصة الحقيقية للزير سالم والمغالطات في المسلسل التلفزيوني ? https://goo.gl/k1v6S2=========شجرة من الجنة بيها اكثر من 40 نوعا من الفاكهة?https://goo.gl/dWYC5k========== مسجد أمر النبي بهدمه .. تعرّف على ما هو المسجد وسبب هدمه؟!?https://goo.gl/ijrMLd========جنية فى المغرب تستدرج الرجل لكي تقيم معهم علاقة لكن ما يحدث خلاف?https://goo.gl/WZYqQV==========مسلم اتى زوجتة من الخلف فكان ما لا يصدق عقل !! ?https://goo.gl/EigD6L==========عصام الشوالى يبكى الملاين هل تلك نهايتك يا كرستيانو رونالدو !!!! ?https://goo.gl/X73giE==========رجل سجد لابليس فاعطاه أمراة جميلة فتحولت المراة الى !?https://goo.gl/XroaS2==========كتاب يحكي المستقبل رواية أنتيخريستوس ! أشهر رواية فى وقتنا الحالي?https://goo.gl/34X7DB==========جهنم لن يدخلها الا المسلمين والموحدين فقط ولن يدخلها يهودي ولا كافر ?https://goo.gl/5eDHmr==========بئر برهوت الذى يخرج منه الكفار يوم القيامة .. بئر الجن والشياطين?https://goo.gl/R75V8C==========لمن تكون المرأة فى الجنة ان كان لها زوجان فى الدنيا ؟ الاجابة صادمة ?https://goo.gl/bfiay5==========افضل 10 افلام رعب منتظرة لعام 2018?https://goo.gl/g3UJRz==========من هو النبي الذي قتـله قومه داخل الشجرة بمساعدة ابليس !?https://goo.gl/BxAbXn==========من هم الحور العين وما يقدمة للرجال داخل الجنة !!!?https://goo.gl/sUY6Vo==========اخطر انواع الجن || جن المقابر هم الاكثر شرا وخطورة?https://goo.gl/LggBBuانضم لاكبر صفحة فيس بوك ثقافيةhttps://www.facebook.com/haltarfاشترك فى القناةhttps://goo.gl/Nj8zteجروب https://www.facebook.com/groups/16167…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Виконується…

Завантаження списків відтворення…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Виконується…

Завантаження…

رسول قوم عاد وثمود

Виконується…

Завантаження…

Завантаження…

Виконується…

Завантаження…

Завантаження…

شاهد ايضاً من هو الصحابي الذي اهتز عرش الرحمن لمـ ـوتهhttps://goo.gl/W9bDoL==========شاهد رجل من اهل الدنيا دخل الجنة وقص ما شاهدة بداخلها وخرج ليقص ما راى .. فماذا رأىhttps://goo.gl/bdmYRX==========قصة حياة فاطمة الزهراء – بنت خير البشر ( ﷺ ) وزوجة الامام على رضى الله عنهhttps://goo.gl/s4boqM==========أسماء بنات محرمة شرعًا و للأسف الشديد هي شائعة في مجتمعناhttps://goo.gl/qGoXMo==========ماذا يحدث لجسد المراة المطلقة بعد الطلاق معلومة قد تذهلك من الغرابة !!https://goo.gl/PEMnwi=========المكان الذى نزل سيدنا آدم وزوجته حواء من الجنه الى الأرضhttps://goo.gl/dNT5xA=========تصنيف بحيرة في العراق على انها -أغرب بحيرة في العالم- .. والسبب؟؟https://goo.gl/4V1e7U========القصة الحقيقية للزير سالم والمغالطات في المسلسل التلفزيوني ? https://goo.gl/k1v6S2=========شجرة من الجنة بيها اكثر من 40 نوعا من الفاكهة?https://goo.gl/dWYC5k========== مسجد أمر النبي بهدمه .. تعرّف على ما هو المسجد وسبب هدمه؟!?https://goo.gl/ijrMLd========جنية فى المغرب تستدرج الرجل لكي تقيم معهم علاقة لكن ما يحدث خلاف?https://goo.gl/WZYqQV==========مسلم اتى زوجتة من الخلف فكان ما لا يصدق عقل !! ?https://goo.gl/EigD6L==========عصام الشوالى يبكى الملاين هل تلك نهايتك يا كرستيانو رونالدو !!!! ?https://goo.gl/X73giE==========رجل سجد لابليس فاعطاه أمراة جميلة فتحولت المراة الى !?https://goo.gl/XroaS2==========كتاب يحكي المستقبل رواية أنتيخريستوس ! أشهر رواية فى وقتنا الحالي?https://goo.gl/34X7DB==========جهنم لن يدخلها الا المسلمين والموحدين فقط ولن يدخلها يهودي ولا كافر ?https://goo.gl/5eDHmr==========بئر برهوت الذى يخرج منه الكفار يوم القيامة .. بئر الجن والشياطين?https://goo.gl/R75V8C==========لمن تكون المرأة فى الجنة ان كان لها زوجان فى الدنيا ؟ الاجابة صادمة ?https://goo.gl/bfiay5==========افضل 10 افلام رعب منتظرة لعام 2018?https://goo.gl/g3UJRz==========من هو النبي الذي قتـله قومه داخل الشجرة بمساعدة ابليس !?https://goo.gl/BxAbXn==========من هم الحور العين وما يقدمة للرجال داخل الجنة !!!?https://goo.gl/sUY6Vo==========اخطر انواع الجن || جن المقابر هم الاكثر شرا وخطورة?https://goo.gl/LggBBuانضم لاكبر صفحة فيس بوك ثقافيةhttps://www.facebook.com/haltarfاشترك فى القناةhttps://goo.gl/Nj8zteجروب https://www.facebook.com/groups/16167…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Завантаження…

Виконується…

Завантаження списків відтворення…

قوم عاد وثمود من أشهر الأقوام الذين وردَ ذكرُهم في كتابِ الله وخُلِّدت قصّتاهما ليتفرّد القرآن الكريم بذكر هاتين القصتين دونًا عن باقي الكتب السماوية بهذا الشكل المُفصَّل، فقد أرسل الله تعالى إليهما نبييّن ورسوليْن كريمين هما هود وصالح -عليهما الصلاة والسلام- وقد بذلا ما بوسعهما لدعوة قوميهما للهداية والرشاد، وحاولا إبعادَها عن غضب الله وعمّا كانا فيه من ضلال إلّا أنهما لم يستجيبا لهذه الدعوة، فحلّ عقاب الله تعالى عليهم بسبب ذنوبهم وإسرافهم، والجدير بالذكر أنّ الترتبب الزمني لهذين القومين هو قوم عاد ثم قوم ثمود.

طِبقًا للتاريخ الإسلامي ومَرويّات السلف وموسوعة البداية والنهاية لابن كثير المُؤرِّخ الأموي الشهير فإنّ عاد هو بن عوض بن أرم بن سام، ويُنسَب إلى نبيّ الله تعالى هود -عليه السلام- الذي أرسله الله تعالى إلى قوم عاد ليدعوهم إلى طريق الحق والخير، ويُبعدهم عما كانوا عليه من جهل وغيّ وضلال وعن الأماكن التي كانوا يقطنونَ فيها، وهناك العديد ممن رجّحوا أنهم قطنوا منطقة الأحقاف، والتي تقع إلى الجهة الغربية من عُمان، وإلى الجنوب من الربع الخالي، وعاد هو مُؤسِّسُ هذه القبيلة وجدُّها الأكبر، ويُقال في روايات عديدة إنّ اسم عاد اسم عربي، وذلك وفقًا إلى مَقول العرب العاربة: مَن عَهَدَ عادَ، أي نسبةً إلى الوفاء بالعهد، أمّا قوم ثمود فهم الذين أُرسِلَ لهم رسولُ الله صالح -عليه السلام- ليهديهم ويخرجهم من الوثنية، غير أنّهم طلبوا منه أن يأتيهم بدليل على صدق دعوته، فأخرج اللهُ تعالى لهم ناقة من صخرة، إلّا أنّهم استكبروا استكبارًا وأعرضوا عن الدليل وعقروا الناقة، وهذا ما دلّلَ عليه القرآن الكريم في قوله تعالى: “فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا” [١]، وسُمّي قوم ثمود نسبةً للجد الأكبر ثمود، وقيل ثمود بن عامر بن أرم بن سام بن نوح، والعديد من المؤرخيّن الثُقاة رجّحوا تواجدَهم في منطقة مدائن صالح وهذه المنطقة تقع جنوب شرق مدينة مَدين وهي بلد نبي الله شُعيب -عليه السلام- الذي أرسله الله تعالى لاحقًا إلى قومه في هذه المدينة، وهي ذات المدينة التي لجأ إليها نبي الله موسى عندما فرّ من مصر. [٢]

سكن قوم عاد في اليمن، تحديدًا في الأحقاف وهو جبل الرمل، حيث متّعهم الله -سبحانه وتعالى- بقوةٍ في الأبدان، وبسطَ لهم في المال الشيء الكثير حتى أصبحوا أصحاب قوة مادية وبدنية وأصحاب قوة عسكرية في زمانهم، وكانت لهم الخلافة على الأرض من بعد قوم نوح، وحينما دعاهم هود -عليه السلام-  أخبرهم بأن قوتهم لن تُغني عنهم من الله شيئًا، وقال الله تعالى في مَعرض هذا الذكر: “وَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ ۚ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً ۖ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” [٣]، وذكر الله تعالى في كتابه العزيز صورًا عن قوّتهم وعمرانهم، في مَعرض قوله تعالى: “أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ” [٤]، حيث كانت قوّتهم لا تُضاهيها أيّة قوة في ذلك الزمان، وكان لديهم متاع الحياة والرخاء والسيطرة على جميع مناحي الحياة، وكان هذا الحال بالنسبة لقوم ثمود أيضًا من حيث البنية والقوّة والقدرة الجسدية والعسكرية. [٥].

إنّ قوم ثمود هم عرب سكنوا منطقة الحِجر وهي شمال غرب المدينة وتُسمَّى اليوم مدائن صالح، وتعود أصولهم  إلى أصول قبيلة عاد نفسها، ولكنّهم سكنوا منطقة مختلفة، وقد أرسل الله لهم النبي صالح بن عبيد بن هشام والذي ينتسب إلى ثمود بن عاد بن آرم بن سام، وكان النبي صالح -قبل أن يُبعَث- من أشرافهم ومن عائلة عظيمة وعريقة، وكان يتصف بالعقل والحكمة، وإنّهم كانوا على وشك أن ينصّبونه ملكًا، وعند بدء الرسالة دعاهم النبي صالح إلى توحيد الله والإيمان به، وترك عبادة الأصنام وحذّرهم من الخسران، ولكنهم كانوا مستكبرين في الأرض ومتفاخرين بقوّتهم البدنية كما قوم عاد.
رسول قوم عاد وثمود

واستمرّ النبيّ صالح -عليه السلام- في دعوتهم وتذكيرهم، ثم قال قائلٌ منهم: “ياصالح إن كنتَ نبيًا حقًا فآتنا بمعجزة لنصدّقك”، واجتمع كبراؤهم بعد ذلك وأرادوا أن يختاروا معجزة، فطلبوا منه إخراج ناقة من صخرة كبيرة، على أن تكون حمراء اللون وحامل في شهرها العاشر، فطلب النبي الكريم بجمع الناس، و عكف على دعاء ربه بأن يُخرِجَ الناقة من هذه الصخرة، ويستجيب الله تعالى لدعاء صالح وتبدأ الصخرة بالتزلزل والاهتزاز، وتخرج ناقة ضخمة في مشهد رهيب وبجميع المواصفات التي طلبوها، فشَخصت أبصارهم وجفّت حلوقهم وعُقِدت ألسنتهم، ثمّ قال لهم صالح إنّ هذه الناقة ناقة الله وسوف تعيش بينكم فذروها تأكل وتشرب في أرض الله الواسعة، ثمّ نبّههم بأن أي شيءٍ يحدث لها فسوف يُنزل الله عليكم العذاب والعقاب وبدأت الناس تلين لصالح في وجود الناقة، ولكنّ قلوبهم الجافية وضلالهم الشديد جعلهم يجمعون على قتل الناقة، وأوكلوا المَهمة لرجل منهم.

أجمع المؤرّخون أن هذا الرجل هو قدار بن صالح وهو فاسد جبّار، وكان له أصحاب مثله يفسدون في الأرض، وشاورَ هؤلاء النفر كبراءَ القوم عن نيّتهم عقرَ الناقة وقتلها، فوافقوا على ذلك فقتلوها، وكانت بهذه الفترة قد ولدت الناقة فقتلوا المولود أيضًا، فهدّدهم صالح بإنزال العذاب عليهم خلال ثلاثة أيام، فاجتمع النفر الذين قتلوا الناقة، وبدأوا يخططون لقتل النبي صالح، فجاءت الأوامر لصالح عليه السلام ومن معه من المؤمنين -قبل أن يهجموا عليهم- بالخروج من القرية والتوجّه إلى فلسطين، وبينما كان النفر الذين عقروا الناقة يخططون للهجوم على النبي -صالح عليه السلام- ومن معه تَدمَّر البيت الذين كانوا فيه على رؤوسهم، و كانت هذه بداية العذاب، واصفرّت وجوههم في أول يوم، و في اليوم الثاني احمرّت وجوههم، وفي اليوم الثالث اسودّت وجوههم، ثمّ بدأت الزلازل في قراهم وأراضيهم، ثمّ شرعت الصواعق تنزل عليهم من السماء، ثمّ انتهى الأمر بصيحة عظيمة صدرت من جبريل -عليه السلام- فلم يبقَ منهم أحد، ونجّى الله تعالى النبي صالح -عليه السلام- والذين آمنوا معه. [٦].

 

في هذا الفيديو يوضح فضيلة الدكتور عبد الرحمن إبداح من هو قوم عاد وثمود. [٧]

جميع الحقوق محفوظة © وزي وزي.كوم 2019

جميع الحقوق محفوظة © وزي وزي.كوم 2019


وهو هود بن شالخ بن أرفحشذ بن سام بن نوح عليه السلام.

ويقال إن هودًا هو: عابر بن شالخ بن أرفحشذ بن سام بن نوح.

ويقال هود بن عبد الله بن رباح بن الجارود بن عاد بن عوص بن ارم بن سام بن نوح عليه السلام، ذكره ابن جرير وكان من قبيلة يقال لهم: عاد بن عوص بن سام بن نوح، وكانوا عربًا يسكنون الأحقاف، وهي جبال الرمل، وكانت باليمن من عمان وحضرموت بأرض مطلة على البحر يقال لها: الشحر، واسم واديهم مغيث.

وكانوا كثيرًا ما يسكنون الخيام ذوات الأعمدة الضخام.
رسول قوم عاد وثمود

كما قال تعالى: { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ } [الفجر: 6-7] أي: عاد إرم وهم عاد الأولى.

وأما عاد الثانية فمتأخرة كما سيأتي بيان ذلك في موضعه.

وأما عاد الأولى: فهم عاد { إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ } [الفجر: 7-8] أي: مثل القبيلة. وقيل مثل العمد، والصحيح الأول كما بيناه في التفسير.

ومن زعم أن إرم مدينة تدور في الأرض، فتارة في الشام، وتارة في اليمن، وتارة في الحجاز، وتارة في غيرها فقد أبعد النجعة، وقال ما لا دليل عليه، ولا برهان يعول عليه، ولا مستند يركن إليه.

وفي صحيح ابن حبان عن أبي ذر في حديثه الطويل في ذكر الأنبياء والمرسلين قال فيه: منهم أربعة من العرب: هود، وصالح، وشعيب، ونبيك يا أبا ذر.

ويقال: إن هودًا عليه السلام أول من تكلم بالعربية.

وزعم وهب بن منبه أن أباه أول من تكلم بها.

وقال غيره: أول من تكلم بها نوح.

وقيل: آدم وهو الأشبه قبل غير ذلك، والله أعلم.

ويقال للعرب الذين كانوا قبل إسماعيل عليه السلام: العرب العاربة وهم قبائل كثيرة منهم: عاد، وثمود، وجرهم، وطسم، وجديس، وأميم، ومدين، وعملاق، وعبيل، وجاسم، وقحطان، وبنو يقطن، وغيرهم.

وأما العرب المستعربة: فهم من ولد إسماعيل بن إبراهيم الخليل.

وكان إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام أول من تكلم بالعربية الفصيحة البليغة، وكان قد أخذ كلام العرب من جرهم الذين نزلوا عند أمه هاجر بالحرم، كما سيأتي بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى. ولكن أنطقه الله بها في غاية الفصاحة، والبيان. وكذلك كان يتلفظ بها رسول الله ﷺ.

والمقصود أن عادًا وهم عاد الأولى كانوا من عبد الأصنام بعد الطوفان، وكان أصنامهم ثلاثة: صدا، وصمودا، وهرا. فبعث الله فيهم أخاهم هودًا عليه السلام فدعاهم إلى الله كما قال تعالى بعد ذكر قوم نوح، وما كان من أمرهم في سورة الأعراف: { وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ * قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ * أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ * فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ } [الأعراف: 65-72] .

وقال تعالى بعد ذكر قصة نوح في سورة هود:

{ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ * يَاقَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ * وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ * قَالُوا يَاهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ * إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ * وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ * وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ } [هود: 50 -60] .

وقال تعالى في سورة قد أفلح المؤمنون بعد قصة قوم نوح:

{ ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ * فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ * وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ * وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ * أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ * هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ * إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ * إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ * قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ * قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } [31-41] .

وقال تعالى في سورة الشعراء بعد قصة قوم نوح أيضًا:

{ كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ * وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ * أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ * وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ * إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ * وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } [123-140] .

وقال تعالى في سورة فصلت:

{ فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ } [15-16] .

وقال تعالى في سورة الأحقاف: {

وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ * فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ } [21-25] .

وقال تعالى في الذاريات: { وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ * مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ } [الذاريات: 41-42] .

وقال تعالى في النجم: { وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى * وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى * وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى * وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى * فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى } [النجم: 50-55] .

وقال تعالى في سورة اقتربت: { كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ * تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ } [القمر: 18-22] .

وقال في الحاقة: { وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ } [6-8] .

وقال في سورة الفجر: { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ } [6-14] .

وقد تكلمنا على كل من هذه القصص في أماكنها، من كتابنا (التفسير)، ولله الحمد والمنة.

وقد جرى ذكر عاد في سورة براءة، وإبراهيم، والفرقان، والعنكبوت، وفي سورة (ص)، وفي سورة (ق)، ولنذكر مضمون القصة مجموعًا من هذه السياقات مع ما يضاف إلى ذلك من الأخبار، وقد قدمنا أنهم أول الأمم عبدوا الأصنام بعد الطوفان، وذلك بين في قوله لهم: { وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [الأعراف: 69] أي: جعلهم أشد أهل زمانهم في الخلقة، والشدة، والبطش.

وقال في المؤمنون: { ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ } [المؤمنون: 31] وهم قوم هود على الصحيح.

وزعم آخرون أنهم ثمود لقوله: { فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً } [المؤمنون: 41] قالوا: وقوم صالح هم الذين أهلكوا بالصيحة.

{ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ } وهذا الذي قالوه لا يمنع من اجتماع الصيحة والريح العاتية عليهم. كما سيأتي في قصة أهل مدين أصحاب الأيكة، فإنه اجتمع عليهم أنواع من العقوبات، ثم لا خلاف أن عادا قبل ثمود.

والمقصود أن عادًا كانوا عربًا جفاة كافرين، عتاة متمردين في عبادة الأصنام، فأرسل الله فيهم رجلًا منهم يدعوهم إلى الله، وإلى إفراده بالعبادة والإخلاص له، فكذبوه، وخالفوه، وتنقصوه، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، فلما أمرهم بعبادة الله، ورغبهم في طاعته واستغفاره، ووعدهم على ذلك خير الدنيا والآخرة، وتوعدهم على مخالفة ذلك عقوبة الدنيا والآخرة.

{ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ } [الأعراف: 66] أي: هذا الأمر الذي تدعونا إليه سفه بالنسبة إلى ما نحن عليه من عبادة هذه الأصنام التي يرتجى منها النصر والرزق، ومع هذا نظن أنك تكذب في دعواك أن الله أرسلك.
رسول قوم عاد وثمود

{ قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [الأعراف: 67] أي ليس الأمر كما تظنون، ولا ما تعتقدون.

{ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ } والبلاغ يستلزم عدم الكذب في أصل المبلغ، وعدم الزيادة فيه، والنقص منه، ويستلزم إبلاغه بعبارة فصيحة وجيزة، جامعة مانعة، لا لبس فيها ولا اختلاف، ولا اضطراب.

وهو مع هذا البلاغ على هذه الصفة في غاية النصح لقومه والشفقة عليهم، والحرص على هدايتهم، لا يبتغي منهم أجرًا ولا يطلب منهم جعلًا، بل هو مخلص لله عز وجل في الدعوة إليه والنصح لخلقه، لا يطلب أجره إلا من الذي أرسله، فإن خير الدنيا والآخرة كله في يديه، وأمره إليه.

ولهذا { يَاقَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ } [هود: 51] أي ما لكم عقل تميزون به، وتفهمون أني أدعوكم إلى الحق المبين، الذي تشهد به فطركم التي خلقتم عليها، وهو دين الحق الذي بعث الله به نوحًا وأهلك من خالفه من الخلق، وها أنا أدعوكم إليه، ولا أسألكم أجرًا عليه، بل أبتغي ذلك عند الله مالك الضر والنفع.

ولهذا قال مؤمن يس: { اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ * وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [يس: 21-22] .

وقال قوم هود له فيما قالوا: { قَالُوا يَاهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ * إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ… } [هود: 53 -54] يقولون: ما جئتنا بخارق يشهد لك بصدق، ما جئت به وما نحن بالذين نترك عبادة أصنامنا عن مجرد قولك بلا دليل أقمته، ولا برهان نصبته، وما نظن إلا أنك مجنون فيما تزعمه، وعندنا إنما أصابك هذا أن بعض آلهتنا غضب عليك فأصابك في عقلك، فاعتراك جنون بسبب ذلك.

وهو قولهم: { قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ } [هود: 54-55] .

وهذا تحدٍ منه لهم، وتبرٍ من آلهتهم، وتنقص منه لها، وبيان أنها لا تنفع شيئًا ولا تضر، وأنها جماد حكمها حكمه، وفعلها فعله، فإن كانت كما تزعمون من أنها تنصر، وتنفع، وتضر، فها أنا بريء منها، لاعن لها.

{ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ } أنتم جميعًا بجميع ما يمكنكم أن تصلوا إليه، وتقدروا عليه، ولا تؤخروني ساعة واحدة ولا طرفة عين، فإني لا أبالي بكم، ولا أفكر فيكم، ولا أنظر إليكم.

{ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } [هود: 56] أي: أنا متوكل على الله ومتأيد به، وواثق بجنابه الذي لا يضيع من لاذ به واستند إليه، فلست أبالي مخلوقًا سواه، ولست أتوكل إلا عليه، ولا أعبد إلا إياه.

وهذا وحده برهان قاطع على أن هودًا عبد الله ورسوله، وأنهم على جهل وضلال في عبادتهم غير الله، لأنهم لم يصلوا إليه بسوء، ولا نالوا منه مكروهًا، فدل على صدقه فيما جاءهم به، وبطلان ما هم عليه، وفساد ما ذهبوا إليه.

وهذا الدليل بعينه قد استدل به نوح عليه السلام قبله في قوله: { يَاقَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ } [يونس: 71]

وهكذا قال الخليل عليه السلام: {… وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ * وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ * وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } [الأنعام: 80-83] .

{ وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ * وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ * أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ } [المؤمنون: 33-35] .

استبعدوا أن يبعث الله رسولًا بشريًا، وهذه الشبهة أدلى بها كثير من جهلة الكفرة قديمًا وحديثًا كما قال تعالى: { أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ } [يونس: 2] .

وقال تعالى: { وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا * قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا } [الإسراء: 94-95] .

ولهذا قال لهم هود عليه السلام { أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ } [الأعراف: 63] أي: ليس هذا بعجيب، فإن الله أعلم حيث يجعل رسالته.

وقوله: { أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ * هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ * إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ * إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ * قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ } [المؤمنون: 35-39] .

استبعدوا المعاد، وأنكروا قيام الأجساد، بعد صيرورتها ترابًا وعظامًا، وقالوا: هيهات هيهات.

أي: بعيد بعيد هذا الوعد، إن هي إلا حياتنا الدنيا، نموت ونحي، وما نحن بمبعوثين.

أي: يموت قوم، ويحيى آخرون، وهذا هو اعتقاد الدهرية، كما يقول بعض الجهلة من الزنادقة، أرحام تدفع، وأرض تبلع.

وأما الدورية: فهم الذين يعتقدون أنهم يعودون إلى هذه الدار، بعد كل سنة وثلاثين ألف سنة، وهذا كله كذب، وكفر، وجهل، وضلال، وأقوال باطلة، وخيال فاسد بلا برهان ولا دليل، يستميل عقل الفجرة الكفرة من بني آدم، الذين لا يعقلون، ولا يهتدون، كما قال تعالى: { وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ } [الأنعام: 113] .

وقال لهم فيما وعظهم به: { أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ } [الشعراء: 128-129] .

يقول لهم: أتبنون بكل مكان مرتفع بناء عظيمًا هائلًا كالقصور ونحوها، تعبثون ببنائها، لأنه لا حاجة لكم فيه، وما ذاك إلا لأنهم كانوا يسكنون الخيام، كما قال تعالى: { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ } [الفجر: 6-7 -8] فعاد إرم، هم عاد الأولى، الذين كانوا يسكنون الأعمدة التي تحمل الخيام.

ومن زعم أن إرم مدينة من ذهب وفضة، وهي تتنقل في البلاد، فقد غلط وأخطأ، وقال ما لا دليل عليه.

وقوله: { وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ } قيل: هي القصور. وقيل: بروج الحمام، وقيل: مآخذ الماء.

{ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ } [الشعراء: 129] أي: رجاء منكم أن تعمروا في هذه الدار، أعمارًا طويلة.

{ وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ * أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ * وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } [الشعراء: 130-135] .

وقالوا له مما قالوا: { قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ } [الأعراف: 70] أي: أجئتنا لنعبد الله وحده، ونخالف آباءنا وأسلافنا وما كانوا عليه، فإن كنت صادقًا فيما جئت به فأتنا بما تعدنا من العذاب والنكال، فإنا لا نؤمن بك، ولا نتبعك، ولا نصدقك.

كما قالوا: {… سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ * إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ * وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } [الشعراء: 136- 138] .

أما على قراءة فتح الخاء؛ فالمراد به اختلاق الأولين، أي: أن هذا الذي جئت به إلا اختلاق منك، وأخذته من كتب الأولين. هكذا فسره غير واحد من الصحابة، والتابعين.

وأما على قراءة ضم الخاء واللام، فالمراد به الدين، أي: أن هذا الدين الذي نحن عليه، إلا دين الآباء والأجداد من أسلافنا، ولن نتحول عنه ولا نتغير ولا نزال متمسكين به.

ويناسب كلا القراءتين الأولى والثانية، قولهم: { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ }

قال: {… قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ } [الأعراف: 71] أي: قد استحقيتم بهذه المقالة الرجس والغضب من الله، أتعارضون عبادة الله وحده لا شريك له، بعبادة أصنام أنتم نحتموها، وسميتموها آلهة من تلقاء أنفسكم، اصطلحتم عليها أنتم وآباؤكم.

{ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ أي: لم ينزل على ما ذهبتم إليه دليلًا، ولا برهانًا، وإذا أبيتم قبول الحق، وتماديتم في الباطل، وسواء عليكم أنهيتكم عما أنتم فيه، أم لا، فانتظروا الأن عذاب الله الواقع بكم، وبأسه الذي لا يرد، ونكاله الذي لا يصد.

وقال تعالى: { قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ * قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } [المؤمنون: 39 – 41] .

وقال تعالى: { قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ * فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ } [الأحقاف: 22 – 25] .

وقد ذكر الله تعالى خبر إهلاكهم في غير ما آية، كما تقدم مجملًا ومفصلًا كقوله: { فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ } [الأعراف: 72] .

وكقوله: { وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ * وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ } [هود: 58-60] .

وكقوله: { فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } [المؤمنون: 41] .

وقال تعالى: { فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } [الشعراء: 139-140] .

وأما تفصيل إهلاكهم، فلما قال تعالى: { فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } [الأحقاف: 24] كان هذا أول ما ابتدأهم العذاب، أنهم كانوا ممحلين مسنتين، فطلبوا السقيا فرأوا عارضًا في السماء، وظنوه سقيا رحمة، فإذا هو سقيا عذاب.

ولهذا قال تعالى: { بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ } أي: من وقوع العذاب. وهو قولهم: { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ } ومثلها في الأعراف.

وقد ذكر المفسرون وغيرهم ههنا الخبر الذي ذكره الإمام محمد بن إسحق بن بشار قال: فلما أبو إلا الكفر بالله عز وجل، أمسك عنهم المطر ثلاث سنين حتى جهدهم ذلك. قال: وكان الناس إذاجهدهم أمر في ذلك الزمان، فطلبوا من الله الفرج منه إنما، يطلبونه بحرمه ومكان بيته، وكان معروفًا عند أهل ذلك الزمان.

وبه العماليق مقيمون، وهم من سلالة عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح وكان سيدهم إذ ذاك رجلًا يقال له: معاوية بن بكر، وكانت أمه من قوم عاد واسمها جلهدة ابنة الخيبري.

قال: فبعث عاد وفدًا قريبًا من سبعين رجلًا ليستقوا لهم عند الحرم، فمروا بمعاوية بن بكر بظاهر مكة، فنزلوا عليه فأقاموا عنده شهرًا يشربون الخمر، يغنيهم الجرادتان قينتان لمعاوية، وكانوا قد وصلوا إليه في شهر، فلما طال مقامهم عنده وأخذته شفقة على قومه، واستحيى منهم أن يأمرهم بالانصراف عمل شعرا فيعرض لهم بالانصراف، وأمر القينتين أن تغنيهم به فقال:

ألا يا قيل ويحك فم فهيم * لعل الله يمنحنا غماما

فيسقي أرض عاد إن عادًا * قد أمسوا لا يبينون الكلاما

من العطش الشديد فليس نرجو * به الشيخ الكبير ولا الغلاما

وقد كانت نساؤهم بخير * فقد أمست نساؤهم أياما

وإن الوحش يأتيهم جهارا * ولا يخشى لعادي سهاما

وأنتم ههنا فيما اشتهيتم * نهاركم وليلكم تماما

فقبح وفدكم من وفد قوم * ولا لقوا التحية والسلاما

قال فعند ذلك تنبه القوم لما جاءوا له، فنهضوا إلى الحرم، ودعوا لقومهم، فدعا داعيهم وهو قيل بن عنز فأنشأ الله سحابات ثلاثًا بيضاء، وحمراء، وسوداء. ثم ناداه مناد من السماء اختر لنفسك ولقومك من هذا السحاب.

فقال: اخترت السحابة السوداء، فإنها أكثر السحاب ماء، فناداه: اخترت رمادًا رمددًا، لا تبقى من عاد أحدًا، لا والدًا يترك ولا ولدًا، إلا جعلته همدًا، إلا بني اللودية الهمدا. قال: وهو بطن من عاد كانوا مقيمين بمكة، فلم يصبهم ما أصاب قومهم.

قال: ومن بقي من أنسابهم وأعقابهم، هم عاد الآخرة. قال: وساق الله السحابة السوداء التي اختارها قيل بن عنز بما فيها من النقمة إلى عاد، حتى تخرج عليهم من واد يقال له: المغيث، فلما رأوها استبشروا وقالوا: هذا عارض ممطرنا، فيقول تعالى:

{ بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم * تدمر كل شيء بأمر ربها } أي: كل شيء أمرت به، فكان أول من أبصر ما فيها وعرف أنها ريح، فيما يذكرون امرأة من عاد يقال لها: فهد.

فلما تبينت ما فيها صاحت ثم صعقت، فلما أفاقت قالوا: ما رأيت يا فهد؟

قالت: رأيت ريحًا فيها كشهب النار، أمامها رجال يقودونها.

{ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا }، والحسوم: الدائمة، فلم تدع من عاد أحدًا إلا هلك.

قال: واعتزل هود عليه السلام فيما ذكر لي في حظيرة هو ومن معه من المؤمنين، ما يصيبهم إلا ما يلين عليهم الجلود، ويلتذ الأنفس، وإنها لتمر على عاد بالطعن، فيما بين السماء والأرض، وتدمغهم بالحجارة، وذكر تمام القصة.

وقد روى الإمام أحمد حديثًا في (مسنده)، يشبه هذه القصة، فقال: حدثنا زيد بن الحباب، حدثني أبو المنذر سلام بن سليمان النحوي، حدثنا عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل، عن الحارث – وهو ابن حسان – ويقال ابن يزيد البكري، قال:

خرجت أشكو العلا بن الحضرمي إلى رسول الله ﷺ، فمررت بالربذة، فإذا عجوز من بني تميم منقطع بها، فقالت لي: يا عبد الله إن لي إلى رسول الله ﷺ حاجة، فهل أنت مبلغي إليه.

قال: فحملتها فأتيت المدينة، فإذا المسجد غاص بأهله، وإذا راية سوداء تخفق، وإذا بلال متقلد السيف بين يدي رسول الله ﷺ، فقلت: ما شأن الناس؟ قالوا: يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجهًا، قال: فجلست. قال: فدخل منزله – أو قال – رحله، فاستأذنت عليه فأذن لي، فدخلت فسلمت.

فقال: « هل كان بينكم وبين بني تميم شيء؟ »

فقلت: نعم. وكانت لنا الدبرة عليهم.

ومررت بعجوز من بني تميم منقطع بها، فسألتني أن أحملها إليك، وها هي بالباب، فأذن لها فدخلت، فقلت يا رسول الله: إن رأيت أن تجعل بيننا وبين بني تميم حاجزًا فاجعل الدهناء، فإنها كانت لنا.

قال: فحميت العجوز واستفزت، وقالت يا رسول الله: فإلى أين تضطر مضرك؟

قال: فقلت إن مثلي ما قال الأول، معزى حملت حتفها، حملت هذه الأمة، ولا أشعر أنها كانت لي خصمًا أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد.

قال: هيه، وما وافد عاد، وهو أعلم بالحديث منه، ولكن يستطعمه.

قلت: إن عادًا قحطوا، فبعثوا وفدًا لهم يقال له قيل، فمر بمعاوية بن بكر، فأقام عنده شهرًا يسقيه الخمر، ويغنيه جاريتان يقال لهما الجرادتان، فلما مضى الشهر خرج إلى جبال تهامة.

فقال: اللهم إنك تعلم أني لم أجئ إلى مريض فأداويه، ولا إلى أسير فأفاديه، اللهم اسق عادًا ما كنت تسقيه، فمرت به سحابات سود، فنودي منها اختر، فأومى إلى سحابة منها سوداء، فنودي منها خذها رمادًا رمددًا لا تبقى من عاد أحدًا.

قال: فما بلغني أنه بعث عليهم من الريح، إلا كقدر ما يجري في خاتمي هذا من الريح حتى هلكوا.

قال: أبو وائل وصدق، وكانت المرأة والرجل إذا بعثوا وفدًا لهم، قالوا: لا تكن كوافد عاد.

وهكذا رواه الترمذي، عن عبد بن حميد، عن زيد بن الحباب به.

ورواه النسائي من حديث سلام أبي المنذر، عن عاصم بن بهدلة، ومن طريقه رواه ابن ماجه.

وهكذا أورد هذا الحديث، وهذه القصة عند تفسير هذه القصة غير واحد من المفسرين، كابن جرير وغيره.

وقد يكون هذا السياق لإهلاك عاد الآخرة، فإن فيما ذكره ابن إسحاق وغيره ذكر لمكة، ولم تبن إلا بعد إبراهيم الخليل، حين أسكن فيها هاجر وابنه إسماعيل، فنزلت جرهم عندهم، كما سيأتي. وعاد الأولى قبل الخليل.

وفيه ذكر معاوية بن بكر وشعره، وهو من الشعر المتأخر عن زمان عاد الأولى، لا يشبه كلام المتقدمين.

وفيه أن في تلك السحابة شرر نار، وعاد الأولى إنما أهلكوا بريح صرصر.

وقد قال ابن مسعود، وابن عباس، وغير واحد من أئمة التابعين: هي الباردة والعاتية، الشديدة الهبوب { سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا } [الحاقة: 7] أي: كوامل متتابعات. قيل: كان أولها الجمعة. وقيل: الأربعاء.

{ فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } شبههم بأعجاز النخل، التي لا رؤوس لها، وذلك لأن الريح كانت تجيء إلى أحدهم فتحمله، فترفعه في الهواء، ثم تنكسه على أم رأسه، فتشدخه فيبقى جثة بلا رأس.

كما قال: { إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ } [القمر: 19] أي: في يوم نحس عليهم، مستمر عذابه عليهم.

{ تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ } [القمر: 20] ومن قال: إن اليوم النحس المستمر هو يوم الأربعاء، وتشاءم به لهذا الفهم، فقد أخطأ وخالف القرآن، فإنه قال في الآية الأخرى: { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ } [فصلت: 16] .

ومعلوم أنها ثمانية أيام متتابعات، فلو كانت نحسات في أنفسها، لكانت جميع الأيام السبعة المندرجة فيها مشؤومة، وهذا لا يقوله أحد، وإنما المراد في أيام نحسات أي عليهم.

وقال تعالى: { وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ } [الذاريات: 41] أي: التي لا تنتج خيرًا، فإن الريح المفردة لا تنثر سحابًا، ولا تلقح شجرًا، بل هي عقيم لا نتيجة خير لها.

ولهذا قال: { مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ } [الذاريات: 42] أي: كالشيء البالي الفاني الذي لا ينتفع به بالكلية.

وقد ثبت في (الصحيحين) من حديث شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن رسول الله ﷺ أنه قال:

« نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور ».

وأما قوله تعالى: { وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } [الأحقاف: 21] فالظاهر أن عادًا هذه هي عاد الأولى، فإن سياقها شبيه بسياق قوم هود، وهم الأولى.

ويحتمل أن يكون المذكورون في هذه القصة هم عاد الثانية. ويدل عليه ما ذكرنا وما سيأتي من الحديث عن عائشة رضي الله عنها.

وأما قوله: { فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا } [الأحقاف: 24] فإن عادًا لما رأوا هذا العارض وهو الناشئ في الجو كالسحاب، ظنوه سحاب مطر، فإذا هو سحاب عذاب، اعتقدوه رحمة، فإذا هو نقمة، رجوا فيه الخير فنالوا منه غاية الشر.

قال الله تعالى: { بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ } أي: من العذاب.

ثم فسره بقوله: { ررِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } يحتمل أن ذلك العذاب هو ما أصابهم من الريح الصرصر العاتية، الباردة، الشديدة الهبوب، التي استمرت عليهم سبع ليال بأيامها الثمانية، فلم تبق منهم أحدًا بل تتبعتهم، حتى كانت تدخل عليهم كهوف الجبال، والغيران.

فتلفهم، وتخرجهم، وتهلكهم، وتدمر عليهم البيوت المحكمة، والقصور المشيدة، فكما منوا بقوتهم وشدتهم، وقالوا من أشد منا، قوة سلط الله عليهم ما هو أشد منهم قوة، وأقدر عليهم وهو الريح العقيم.

ويحتمل أن هذه الريح أثارت في آخر الأمر سحابة، ظن من بقي منهم أنها سحابة فيها رحمة بهم وغياث لمن بقي منهم، فأرسلها الله عليهم شررًا ونارًا، كما ذكره غير واحد.

ويكون هذا كما أصاب أصحاب الظلة من أهل مدين، وجمع لهم بين الريح الباردة وعذاب النار، وهو أشد ما يكون من العذاب، بالأشياء المختلفة المتضادة مع الصيحة التي ذكرها في سورة قد أفلح المؤمنون، والله أعلم.

وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن يحيى بن الضريس، حدثنا ابن فضل، عن مسلم، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ:

« ما فتح الله على عاد من الريح التي أهلكوا بها، إلا مثل موضع الخاتم، فمرت بأهل البادية فحملتهم ومواشيهم وأموالهم بين السماء والأرض، فلما رأى ذلك أهل الحاضرة من عاد الريح وما فيها، قالوا: هذا عارض ممطرنا، فألقت أهل البادية ومواشيهم على أهل الحاضرة ».

وقد رواه الطبراني، عن عبدان بن أحمد، عن إسماعيل بن زكريا الكوفي، عن أبي مالك، عن مسلم الملائي، عن مجاهد، وسعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: « ما فتح الله على عاد من الريح الأمثل موضع الخاتم، ثم أرسلت عليهم البدو إلى الحضر، فلما رآها أهل الحضر قالوا: هذا عارض ممطرنا مستقبل أوديتنا. وكان أهل البوادي فيها، فألقى أهل البادية على أهل الحاضرة حتى هلكوا ».

قال: عتت على خزائنها حتى خرجت من خلال الأبواب. قلت: وقال غيره خرجت بغير حساب.

والمقصود أن هذا الحديث في رفعه نظر. ثم اختلف فيه على مسلم الملائي، وفيه نوع اضطراب، والله أعلم.

وظاهر الآية: أنهم رأوا عارضًا، والمفهوم منه لمعة السحاب، كما دل عليه حديث الحارث بن حسان البكري، إن جعلناه مفسرًا لهذه القصة.

وأصرح منه في ذلك، ما رواه مسلم في (صحيحه)، حيث قال: حدثنا أبو الطاهر، حدثنا ابن وهب قال: سمعت ابن جريج يحدثنا عن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله ﷺ إذا عصفت الريح قال:

« اللهم إني أسألك خيرها، وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما فيها، وشر ما أرسلت به ».

قالت: وإذا عببت السماء تغير لونه، وخرج ودخل، وأقبل وأدبر، فإذا أمطرت سرى عنه. فعرفت ذلك عائشة فسألته فقال:

« لعله يا عائشة كما قال قوم عاد { فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا } [الأحقاف: 24]  ».

رواه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، من حديث ابن جريج.

طريق أخرى، قال الإمام أحمد: حدثنا هارون بن معروف، أنبأنا عبد الله بن وهب، أنبأنا عمرو وهو ابن الحارث، أن أبا النضر حدثه عن سليمان بن يسار، عن عائشة أنها قالت: ما رأيت رسول الله ﷺ مستجمعًا ضاحكًا قط، حتى أرى منه لهواته، إنما كان يتبسم.

وقالت: كان إذا رأى غيمًا أو ريحًا عرف ذلك في وجهه، قالت: يا رسول الله الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية، فقال:

« يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب، قد عذب قوم نوح بالريح، وقد رأى قوم العذاب فقالوا هذا عارض ممطرنا ».

فهذا الحديث كالصريح في تغاير القصتين، كما أشرنا إليه أولًا، فعلى هذا تكون القصة المذكورة في سورة الأحقاف خبرًا عن قوم عاد الثانية، وتكون بقية السياقات في القرآن خبرًا عن عاد الأولى، والله أعلم بالصواب.

وهكذا رواه مسلم، عن هارون بن معروف، وأخرجه البخاري، وأبو داود من حديث ابن وهب.

وقدمنا حج هود عليه السلام، عند ذكر حج نوح عليه السلام.

وروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، أنه ذكر صفة قبر هود عليه السلام في بلاد اليمن. وذكر آخرون أنه بدمشق وبجامعها مكان في حائطه القبلي، يزعم بعض الناس أنه قبر هود عليه السلام، والله أعلم.

هامش

وقتی نصایح هود بر قوم عاد بی نتیجه ماند و دعوت او در قومش کارساز نیفتاد، خداوند به مدت هفت سال آن قوم را دچار قحطی نمود. بارانی نبارید و خشکسالی و قحطی همه جا را فرا گرفت. در آن هنگام شغل هود کشاورزی بود. مردم به خانه هود آمدند و از همسر او خواستند تا از هود بخواهد برای آنها دعا کند، همسر هود گفت؛ اگر دعای او مستجاب می شد برای خودش دعا می کرد. برای اینکه زمین هایش محتاج یک قطره آب است. مردم عاد از خانه هود بیرون آمدند و به جستجوی هود پرداختند، وقتی او را یافتند از او خواستند تا در حق شان دعا کند. هود دست به دعا برداشت و برای قوم عاد دعا کرد و از قوم عاد خواست که توبه کنند.

هنگامی که قوم عاد از پیش هود برمی گشتند باران شروع به باریدن کرد. مردم عاد دوباره نزد هود بازگشتند و از او راجع به همسرش سؤال کردند، هود پاسخ داد، خداوند هیچ مؤمنی را خلق نمی کند، مگر اینکه دشمنی را برای آزار او در کنارش قرار دهد و این زن، دشمن من است. پس از دعای هود تمام سرزمین ها دوباره سرسبز شد.

«عاد» همان فرزند «عوص» و برادر نَسَبی هود، دارای دو پسر به نام های شدید و شدّاد

بود. بعد از مرگ عاد آن دو به کفر و پرستش بت روی آوردند و برای خود کاخ هایی بزرگ ساختند. همانطور که در صفحات قبل گفته شد شدّاد بنایی با انواع طلا و نقره، ساخت و مأموران او برای ساختن یکی از کاخهای او بیست سال مشغول جمع آوری زیور آلات بودند و در جایی دیگر نقل کرده اند که سیصد سال(1) طول کشید تا کار ساخت قصر تمام شد. قصری با هزار قصر دیگر و برجهای بلند، هزار پرچم برافراشته و نام قصر همان [ارم ذات العماد] بود.

هنگامی که سالها از دعوت هود می گذشت، آن قوم هنوز هم بت پرستی می کردند، و اعمال زشتی را مرتکب می شدند. بعد از قحطی که دوباره به دعای هود سرسبزی زمین را فرا گرفت، بازهم به خدا ایمان نیاوردند و به کفر گرویدند و باز خداوند بار دیگر یاران رحمت خود را از آنان دریغ داشت، آن قوم دست بر دعا برداشتند و از خدا باران خواستند، تا اینکه مخالفین هود در آسمان، ابر سیاهی را دیدند که آسمان نیلگون را تاریک ساخت، قوم چشمها را به ابر دوختند و برای دیدار آن شتافتند زیرا مدتی بود که باران نباریده بود و گفتند؛ این ابری که در آسمان است بزودی برای ما باران می آورد. اما هود به آنها گفت؛ این سیاهی که در آسمان می بینید، ابر رحمت نیست، بلکه عذاب خداوند است، این همان عذابی است که در ارسال آن عجله می کردید. بادی است که عذابی دردناک و کشنده به همراه دارد.رسول قوم عاد وثمود

چیزی نگذشت که بادی هولناک وزیدن گرفت، آن باد هفت شبانه روز بر قوم عاد می وزید، و قوم دیدند که حیوانات و اموال و ابزار آنان از زمین بلند و به مکانهای دور دست پرتاپ می شود بادی که تنه درختان را از جا می کند و مردم را چون ملخ به این طرف و آن طرف پرتاب می کرد. آن هفت روز را [ایام المعجوز] می نامند. در مدت یک هفته، ماه به وسیله برج زحل و مریخ در نحوست به سر می برد. به این تندباد و طوفان باد عقیم هم می گویند که از هفتمین طبقه زمین بیرون می آید و این باد نشانه خشم پروردگار می باشد و این باد تا به حال بر هیچ قومی جز قوم عاد نوزیده است. این باد توسط جرئیل به طرف قوم عاد هدایت می شد. به بادی که قوم عاد را نابود کرد [صرصر] نیز می گویند.(2)

مردم از ترس و با وحشت و به سرعت به خانه ها پناه بردند. این قوم عذاب زده فکر می کردند که بدین وسیله می توانند جان خود را حفظ کنند ولی این عذاب بلایی عمومی و همگانی بود. سرانجام قوم مانند تنه نخل خشکیده به خاک هلاکت افتادند، نسل آنها ناپدید و آثارشان بکلی متلاشی و از صفحه تاریخ برچیده شد.

[قرآن کریم نیز در اوصاف این عذاب می فرماید؛ تندباد وحشت ناک و سردی را در یک روز شوم مستمر بر آنان نازل کردیم که مردم را همانند تنه های نخل ریشه کن کرد و به هر طرف پرتاپ می کرد.(1)]

«فراموش نکنید خدای تو هیچ قوم و اهل دیاری را در صورتی که مُطیع و نیکوکار باشند به ظلم، هلاک نمی کند».(2)

تنها هود و همراهانش در این طوفان، از گزند عذاب الهی به دور ماندند و در تمام هفت شبانه روز به هود پناه بردند و از گزند باد صرصر در امان ماندند. تا اینکه باد آرام شد و سرزمین آنان به وضع عادی بازگشت و هود و یارانش به «حَضَر موت» کوچ کردند و بقیه عمر را در این سرزمین بِسَر بردند.

همچنین خداوند در آیه 60 سوره هود می فرماید؛

«آنان (قوم عاد) در این دنیا و روز قیامت، لعنت و نام ننگینی به دنبال دارند. بدانید «عاد» نسبت به پروردگارشان کفر ورزیدند. دور باد «عاد» – قوم هود – از رحمت خدا».

رسول قوم عاد وثمود
رسول قوم عاد وثمود
0

دوره مقدماتی php

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *